في قضايا التحكيم من البريء ومن المتهم؟!

هيا الغامدي

TT

حديث جريء ظهر به الحكم السعودي فهد المرداسي عبر برنامج «الملعب» انقسمت على أثره الآراء شطرين لا ثالث لهما؛ فما بين «متهم» و«بريء» تاهت الحقيقة، وإن كانت مؤشرات كثر تصب في مصلحة الحكم إيجابا، حديث الأخير كان قد ألهب النار على لجنة الحكام ورئيسها عمر المهنا بكلمات لا تخلو منها حقيقة الواقع الذي يتعايش معه الحكام هنا، فالضغوطات والتشكيك و«الإهانات» كثر، والثابت أنه لا يزال وضع الجمود من قبل اللجنة ساري المفعول بعدم حماية الحكام والذود عن كرامتهم في ظل الإعلان المسبق عن الشفافية وفتح باب الحوار لتفنيد الأخطاء ومناقشتها!!

في رأيي أن سياسة الوضوح والبعد عن «دفن الرؤوس» تحت تراب الحقيقة وطمر الأخطاء وتهوينها أو نفيها، أصبح من العقم بحيث لم يعد مستساغا في عصر يملؤه الانفتاح الإعلامي الرياضي العالمي والبرامج المتخصصة! كما أنه لم يعد سياسة نافعة في خانة تهذيب «نقد الحكام» وتقليل تدني مستويات الثقة بهم محليا!! وفي ما يخص إعلان الحكم الشاب الذي ينتظره مستقبل دولي كبير المرداسي اعتزال التحكيم، فأعتقد أنها مسألة ذات شقين، فليس مفيدا ولا مقنعا أو إيجابيا أن يتجه حكم لاعتزال موهبة وعمل كان قد احترفه وارتضاه ابتداء وبرع فيه لمجرد أن لجنته لا تجيد العمل على دعمه الدعم الكافي والدفاع عنه كما يجب.. «فلا جديد»!! وإلا لكان ذلك ديدن كل حكم يحدث له مشابه، مع العلم بأن هناك من هم أكبر من المرداسي سنا وتجربة ومكانة وتاريخا سبق أن نالهم ما ناله وأكثر، لكنهم - الأغلبية - صمدوا بحكم اقتناعهم وحبهم وانغماسهم في احتراف مهنة التحكيم التي يمثلون من خلالها الحكم السعودي، ولا يحتاج أن أدلل بما تعرض ويتعرض له الحكم السعودي «المونديالي» خليل جلال من انتقادات قاسية تقفز أحيانا من خانة النقد البناء إلى التجريح والنيل من كرامة الحكم وسمعته!! أتذكر أنه كان قد قال لي في حوار سابق مع هذه الجريدة إن الانتقادات؛ من بينها الخارجية، تزيده قوة وتمسكا بالذود عن التحكيم في بلده، وهو الذي يرفع لواءه حاليا دوليا.. أتذكر أنه رأى في التحكيم الدولي شعارا لتمثيل وطنه في المحافل الخارجية كافة!

في المقابل، ليس من الصحيح بقاء اللجنة مكتوفة الأيادي في خانة حماية حكامها والحفاظ على كرامتهم بحجة «ضريبة الموقع»، بالذات في ظل عدم وجود ما يبرر بقاء ذلك المتهم - «البريء» من عائد مادي وخلافه، في وقت أصبح فيه الحكام «الحيطة الهبيطة» لكل من «إيدوا إلوا» بهذه الساحة يا ربااااه!!

قلناها مرارا، بأن لدينا قصورا واضحا في كيفية فهم آلية شغر الإدارات الرياضية في ظل غياب احتراف «التخصص» الإداري عن العاملين حتى مع وجود التجربة والخبرة. الرياضة علم وتخصص لا مجرد صوت عال ودكتاتورية ولا «أنااااا» عليا ومتضخمة أو حتى «عين حمراء» وأوامر ونواه. فبعيدا عن أي انحياز لسياسة «مع/وضد» الحالية، نقولها: سياسة تكميم الأفواه التي عرقلت مسيرتنا أوقاتا مضت، لم يعد هذا زمنها، ولا تطمينات «يقولون ما لا يفعلون..»!!