البنك الدولي: ثورتا تونس ومصر خفضتا النمو العالمي بمعدل 2%

حذر من تداعيات أزمة ليبيا.. ودعا إلى توفير فرص عمل للشباب

بعض الدول نجحت في تحقيق الأمن لكن مستويات الظلم كانت عالية لذا أخفقت في تحقيق معدلات نمو عالية (رويترز)
TT

حذر البنك الدولي من التأثير السلبي الذي سيسببه استمرار أزمة ليبيا والعمليات العسكرية لفترة طويلة وانخفاض إنتاج النفط، على الاقتصاد العالمي، موضحا أن ثورتي تونس ومصر كان لهما تأثير سلبي قدره 2% على الاقتصاد العالمي، مفيدا بأن البنك الدولي والمنظمات الدولية سيكون عليها دور كبير في فهم ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وتقييم علاقته وتأثيره على الاقتصاد العالمي.

ويضع البنك الدولي في تقريره عن التنمية في العالم لعام 2011، الصراعات المسلحة والعنف وافتقاد الأمن كأبرز المخاطر التي تواجه المجتمع الدولي خلال الفترة المقبلة، التي تؤثر سلبا في معدلات التنمية.

وأشار إلى وجود نحو 1.5 مليار شخص يعيشون في الدول المتأثرة بحوادث العنف السياسي والجنائي، وإخفاق الدول منخفضة الدخل والمتأثرة بالصراعات في تحقيق هدف واحد من الأهداف الإنمائية للألفية.

وكانت نسبة البطالة هي أهم عامل وراء استقطاب الشباب في العصابات المسلحة وحركات التمرد، وترتفع مخاطر العنف عندما تتضافر الضغوط مع ضعف القدرة المؤسساتية وافتقارها إلى الشرعية كما حدث في الاضطرابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي: «إذا أردنا كسر دوائر العنف وتخفيف الضغوط فإنه يجب على الدول تطوير المؤسسات الوطنية لتكون أكثر قدرة على توفير العدالة والأمن وفرص العمل للمواطن، فنسب الأطفال الذين يعانون سوء التغذية تبلغ الضعف في الدول الضعيفة وتبلغ ثلاثة أضعاف في حالات عدم حصول الأطفال على تعليم، ويمكن لآثار العنف في دولة أن تمتد إلى دول مجاورة مما يضر آفاق التنمية ويعوق الآفاق الاقتصادية للمنطقة بأكملها».

ويظهر التقرير الذي صدر عن البنك الدولي، أمس، تجارب بعض الدول في تحقيق التحول والتغيير وأهمية بناء الثقة ووجود إجراءات ذات مصداقية تؤكد الالتزام بالتغيير، في تقليل مخاطر الصراعات. ومن هذه الإجراءات - كما يشير التقرير - تعزيز الشفافية ووضع ميزانية خاصة للفئات المحرومة، وإلغاء القوانين التمييزية في تعيينات الوظائف، والالتزام بجدول زمني للإصلاح على المدى الطويل.

وقال جاستين لين، نائب رئيس البنك الدولي، في إجابة عن سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول فرص منطقة الشرق الأوسط التي تشهد ثورات واحتجاجات في عدد من الدول في تحقيق تنمية مستدامة ورفع معدلات التنمية: «إن الاحتجاجات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والمظاهرات الاجتماعية تأتي بسبب الفساد المستشري، وارتفاع معدلات البطالة إضافة إلى الإقصاء السياسي للشباب».

وأكد أن أبرز الضغوط الداخلية التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط هي الظلم، وعدم قدرة شباب الطبقة المتوسطة التي حاز تعليما عاليا في الحصول على مكان في النظام الحكومي، وأن الاحتجاجات كانت نتيجة عدم استجابة الأنظمة لهذه المطالب.

وأشار إلى أن بعض الدول نجحت في تحقيق الأمن لكن مستويات الظلم كانت عالية، لذا أخفقت في تحقيق معدلات نمو عالية، ودول أخرى قدمت برامج اقتصادية لدعم توجهاتها السياسية وفشلت أيضا في تحقيق معدلات تنمية عالية، لذا يجب أن نفهم أن المطالب تأتي من المجتمع ويجب الاستجابة لها.

ويحدد التقرير خمسة برامج لربط عملية بناء الثقة السريع بالتحول المؤسسي طويل المدى، الأول يهدف لدعم برامج نبذ العنف وخلق فرص عمل وتقديم الخدمات والوصول إلى العدالة وتسوية المنازعات، وبرنامج لإصلاح المؤسسات الأمنية والجهات القضائية للتركيز على وظائفها الأساسية ومعرفة الروابط بين الخدمات الشرطية وتحقيق العدالة المدنية.

وبرنامج يضع خطة شاملة لخلق فرص العمل على مستوى المحليات بحيث لا يتزاحم مع القطاع الخاص ويمنح فرص النفاذ للتمويل للمنتجين والأسواق معا مع التوسع في فرص النفاذ إلى المهارات والخبرات.

في حين توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 4.5% سنويا خلال عامي 2011 و2012، بانخفاض خفيف عن معدله السابق في عام 2010 الذي بلغ 5 في المائة، وقال التقرير إن معدلات النمو في الاقتصادات المتقدمة لن تتجاوز 2.5 في المائة، بينما ستسجل الاقتصادات الصاعدة والنامية نموا يبلغ 6.5 في المائة، وتراجع تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر الاثنين من صندوق النقد الدولي، عن مخاوفه السابقة من احتمالات حدوث ركود وتراجع النمو في الاقتصادات المتقدمة، بعد ما شهدته هذه الاقتصادات من تعاف إيجابي، نتيجة حزمة التحفيزات المالية التي قامت بها حكومات الدول المتقدمة، وتحول السياسات المالية إلى تشديد الرقابة وأخذ القطاع الخاص زمام القيادة في معظم القطاعات.

واستبعد التقرير انحراف التعافي الاقتصادي عن مساره، على الرغم من المخاوف المتزايدة من ارتفاع أسعار السلع الأولية، وشبح حدوث كساد تضخمي، مثلما حدث في سبعينات القرن العشرين، وأكد التقرير أن آثار تلك المخاوف ستكون طفيفة على النمو والتضخم الأساسي في الاقتصاديات المتقدمة، مع انخفاض مساهمة النفط في معدلات النمو، واختفاء ربط الأجور بمستويات المعيشة، وتثبيت توقعات التضخم.

وقلل التقرير من مخاطر زلزال اليابان على الاقتصاد الكلي، مشيرا إلى أن عدم اليقين لا يزال مسيطرا على الوضع الياباني.

وحذر التقرير من خطر ارتفاع أسعار الغذاء والسلع الأساسية على الأسر الفقيرة، إضافة إلى التوترات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأشار التقرير إلى أن التحدي الأكبر سيكون في اقتصاديات الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية التي يشكل الغذاء والوقود نسبة أكبر في الاستهلاك فيها، مع احتمال ارتفاع التضخم لبعض الوقت، لكنه لن يكون له تأثير سلبي كبير على النمو، وأشار إلى أن الاضطرابات الناشئة عن أوضاع العرض النفطي ستكون مثيرة للقلق على مسار التعافي الاقتصادي في الأسواق الصاعدة.

وبرنامج خاص لإشراك وتمكين المرأة في مجالات الأمن والعدالة والفرص الاقتصادية، وبرنامج لمكافحة الفساد ودعم المبادرات التي توفر حوكمة جيدة وإشراك المجتمع في المراقبة.

ويشير التقرير إلى أن التحول المؤسسي الإصلاحي يتطلب وقتا ما بين 15 عاما إلى 30 عاما حتى تكتسب المؤسسات شرعيتها وتصبح مقاومة للعنف وعدم الاستقرار، وأن المجتمعات التي نجحت في الابتعاد عن العنف ركزت على جهود الإصلاح في المؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية وتوفير الأمن والعدل وفرص العمل لشعوبها وفهم الآثار السلبية والإيجابية للعلاقة المتشابكة بين هذه العناصر، لأن إغفال عنصر من تلك العناصر يعرض جهود التغيير والإصلاح للتعثر. وتركز توصيات التقرير على إصلاح أنظمة المساعدات الدولية بحيث تعمل على تقديم مساعدة أكثر تكاملا للمواطن، التي تشمل خلق فرص عمل ودعم بناء الجهاز الشرطي والنظم القضائية في الدول الضعيفة. وإصلاح الأنظمة الداخلية للمؤسسات الدولية لأخذ خطوات سريعة لاستعادة الثقة وبناء المؤسسات على المدى الطويل، وهو ما يتطلب تغيير ميزانية هذه المؤسسات وطواقم العمل فيها لتقديم مساعدة أسرع، والتعامل على المستوى الإقليمي والدولي في تقليل الضغوط الواقعة على الدول الضعيفة، في ما يتعلق بضغوط الفساد وانعدام الأمن الغذائي والتوصل لاتفاق دولي جديد لتشجيع تبادل المعرفة والخبرات بين الدول المتوسطة الدخل.

وقال جاستين لين، نائب رئيس البنك الدولي ورئيس الخبراء الاقتصاديين، في مؤتمر صحافي، يوم الجمعة الماضي، إن القضية الأساسية التي يجب أن ينشغل بها العالم هي تأمين التنمية وحمايتها، فالصراعات الأهلية والعنف وعدم الاستقرار تشكل العناصر الأكثر تأثيرا في معدلات التنمية، مطالبا الشركاء الدوليين بالتعاون في مجالات تحقيق الأمن وتوفير العدل حتى يتم تحقيق التقدم وفهم التحديات وأسلوب التعامل معها.

وأضاف لين أنه يجب العمل على حل المشكلات السياسية بالتوازي مع المشكلات الاقتصادية حتى يتم تحقيق الاستقرار والتنمية والحرية، وأن يشعر المواطن أنه حر من أسر الجوع، وحر في قدرته على الحصول على فرصة عمل وأجر مناسب. وقال لين: «إن أي حكومة انتقالية يجب أن تتعامل مع المسارين السياسي والاقتصادي معا لتحقيق الاستقرار، وعندما يتحقق الاستقرار ستصبح قادرة على خلق فرص عمل».

وأوضح أن معدلات البطالة المرتفعة في الشرق الأوسط مرتبطة بمعدلات النمو وقدرة القطاع الخاص على توفير فرص عمل، وأن مكافحة البيروقراطية والفساد ستزيد من قدرة الحكومات في خلق فرص عمل، وأبرز الحلول لمواجهة ذلك هو التوجه الحكومي إلى العمل العام مثل إنشاء برامج لمكافحة الأمية ومساعدة الفلاحين وبهذا تنجح في خلق فرص عمل والمساعدة على الإسراع في معدلات النمو.