توقعات بنمو عائد أسهم قطاع المصارف السعودية 42% خلال العام الحالي

في تقرير لـ«جدوى للاستثمار»: انحسار خسائر الائتمان لمستوياتها المعتادة

«جدوى للاستثمار» رجحت تعافي أسعار أسهم قطاع المصارف بعد أن فرغت البنوك من تنظيف محافظ القروض لديها (« الشرق الأوسط»)
TT

توقع تقرير اقتصادي نمو العائد على أسهم قطاع المصارف السعودية بما معدله 42% خلال العام الحالي، مرجعا ذلك إلى تواصل أداء البنوك على نفس وتيرة العام الماضي مع استبعاد أثر مخصصات خسائر الائتمان.

وأوضح التقرير الاقتصادي أنه على الرغم من أن مخصصات خسائر الائتمان الكبيرة شوهت أرباح المصارف طيلة السنوات الثلاث الماضية، فإن البنوك قد فرغت من تنظيف محافظ القروض لديها؛ لذا تعتبر أسعار أسهمها مهيأة للتعافي هذا العام، لا سيما أن العائد على أسهم القطاع ككل يأتي مرتفعا بنسبة 35% هذا العام مقارنة بعام 2010.

كما أشار التقرير الاقتصادي، الذي أصدرته شركة «جدوى للاستثمار» أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى القفزة التي حققتها القروض غير العاملة للبنوك المدرجة خلال الفترة بين نهاية عامي 2008 و2010، والتي بلغت نحو 10.2 مليار ريال (2.72 مليار دولار)، أي بنسبة 132%، بعد أن ظلت مستقرة نسبيا طيلة السنوات الخمس السابقة.

وبيَّن التقرير أن هذا الارتفاع الكبير الذي حدث في حالات تعثر الديون قد تزامن مع بداية الأزمة المالية العالمية وتفاقم جرَّاء إعسار اثنتين من كبريات الشركات العائلية ثم اتسع نطاق تعثر الشركات بسبب حدة الأوضاع الاقتصادية التي سادت حينها، مشيرا إلى أن الديون غير العاملة قد ارتفعت من 1.1% من إجمالي محفظة القروض لدى البنوك في نهاية عام 2008 إلى 3.2% في نهاية 2009، مسجلة أعلى مستوى لها منذ عام 2003، قبل أن تتراجع إلى 2.7% في نهاية 2010.

ورجح التقرير تراجع حجم القروض غير العاملة الجديدة بدرجة كبيرة نتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية، مضيفا أن معظم عمليات التخصيص للديون المتعثرة التي تراكمت خلال السنوات القليلة الماضية قد اكتملت؛ حيث غطت مخصصات خسائر الائتمان نسبة 109% من الديون غير العاملة بنهاية العام الماضي مقارنة بنسبة 86% في نهاية 2009، وهي أول سنة يتراجع فيها معدل تغطية الديون غير العاملة عن نسبة 100% منذ عام 2001.

وتطرق التقرير إلى معدل تغطية الديون غير العاملة للمصارف، الذي سجل مستوى عاليا جدا؛ حيث بلغ متوسط الفترة 2004 إلى 2008 نحو 153%، وكانت مؤسسة النقد قد أعلنت عن ارتياحها لمجمل مستوى مخصصات الديون، مؤكدة حرصها على رؤية البنوك وهي تستأنف عمليات الإقراض.

وأورد التقرير أن من شأن استبعاد أثر مخصصات خسائر الائتمان الكبيرة، انعكاسه إيجابا وبصورة واضحة على أرباح البنوك؛ فمن خلال تعديل العائد على السهم ليعكس متوسط المخصصات خلال الفترة 2000 حتى 2010، يلاحظ أن العائد على السهم لمجمل القطاع يرتفع بصورة كبيرة في عام 2010، أما البنوك ذات معدلات التغطية المتدنية فقد تم تعديل العائد على السهم لديها بخصم الفرق بين ديونها غير العاملة ومخصصاتها في السنوات الأخيرة.

ولتحديد مدى مقدرة البنوك على الاستفادة الكاملة من إمكانية عودة الديون غير العاملة إلى مستوياتها الطبيعية هذا العام، قال التقرير الاقتصادي: يتعين النظر إلى أبعد من مجرد عمليات التخصيص التي تجريها البنوك؛ فعلى سبيل المثال هناك بعض البنوك يبلغ معدل التغطية لديها أقل من 100%؛ لذا تعين أيضا أخذ العوامل التالية في الاعتبار:

• معدل تغطية الديون غير العاملة: البنوك التي يبلغ إجمالي مخصصات خسائر الائتمان لديها أقل من 100% من إجمالي القروض غير العاملة ستضطر في الغالب إلى زيادة مخصصاتها لعام 2011.

• إجمالي القروض غير العاملة: يتوجب على البنوك شطب ديونها غير العاملة التي تفشل في تحصيلها، مما يشكل عبئا أكبر على البنوك ذات المستويات الأعلى من القروض غير العاملة.

• معيار كفاية رأس المال الأساسي: يؤثر في مقدرة البنك على امتصاص مخصصات خسائر الائتمان التي يتم شطبها.

وأشار التقرير إلى 3 بنوك (الرياض والجزيرة والبلاد)، جاء معدل تغطية الديون غير العاملة لديها في نهاية عام 2010 أقل من 100%، مما يعني أنها ربما تضطر إلى رفع مخصصات خسائر الائتمان لديها هذا العام. وبالنسبة لبنك الرياض يعتبر معدل التغطية هو الأعلى منذ 10 أعوام. أما بنك الجزيرة وبنك البلاد فقد سجلا أعلى مستوى من القروض غير العاملة كنسبة مئوية من إجمالي القروض، لكنها تقل عن مستوياتها في نهاية عام 2009 في الحالتين. أما مجموعة «سامبا» وبنكا الرياض والعربي الوطني فهي البنوك الوحيدة التي ارتفعت القروض غير العاملة لديها كنسبة من إجمالي القروض في عام 2010.

ولفت تقرير شركة «جدوى للاستثمار» إلى أنه على الرغم من انخفاض معدل التغطية والارتفاع الواضح في القروض غير العاملة على أساس المقارنة التاريخية، فإن مستوى الملاءة المالية لديها يعتبر مطمئنا؛ فقد تراوحت معدلات كفاية رأس المال للبنوك المدرجة في نهاية عام 2010 بين 12 و18%، بينما بلغت معدلات الكفاية لدى البنوك التجارية الأميركية الكبيرة نحو 10%، ويبلغ الحد الأدنى لهذا المعدل 8.5% حسب اتفاقية بازل-3 (التي تحدد المعايير العالمية).

وذهب التقرير في شرحه إلى أن ارتفاع القروض غير العاملة نتجت عنه تداعيات كبيرة على الأداء المالي للبنوك في السنوات الأخيرة؛ فقد اقتطعت مخصصات خسائر الائتمان من صافي دخل القطاع المصرفي خلال الفترة 2008 حتى 2010 نحو 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار) ما كانت تخسرها لولا ذلك، مما تسبب في خفض أرباح القطاع بنسبة 26% للعام 2010 فقط.

وأضاف: «كذلك تعرضت رؤوس أموال البنوك للضغوط بسبب مخصصات خسائر الائتمان الضخمة خلال العامين الماضيين؛ حيث هبط النمو في حقوق المساهمين من 20% في المتوسط للفترة 2000 حتى 2008 إلى 8% كمتوسط للعامين الأخيرين».

وأوضح التقرير أن بعض البنوك لجأت إلى سد النقص في مواردها من خلال زيادة رأسمالها، وكذلك تأثر الاحتياطي الإلزامي للبنوك؛ حيث سجل متوسط نموه خلال العامين الماضيين نحو 11% مقارنة بنحو 15% في المتوسط للعقد الماضي.

وبحسب التقرير فعلى الرغم من ذلك، فإن معدلات الملاءة المالية تشير إلى تمتع البنوك السعودية بمستويات مريحة كما تتوافر لديها مساحة جيدة لتحمل خسائر الائتمان قبل الحاجة إلى إضافة رأسمال جديد.

وقال التقرير: إن توزيعات الأرباح التي تراجعت بنسبة 5.4% العام الماضي تأثرت بسبب استبقاء البنوك للنقد لدعم رأس المال، وبما أن التوزيعات النقدية تميل إلى التخلف عن نتائج البنوك بنحو عام فمن المرجح أن تأتي التوزيعات منخفضة هذا العام أيضا، إلا أن البنوك تستطيع رفع توزيعاتها من الأرباح لدعم أسعار أسهمها كما فعلت في عامي 2006 و2008، لكن ذلك يأتي على حساب سرعة نمو رأس المال وحقوق المساهمين.

وتعتمد البنوك نظام مؤسسة النقد لتصنيف القروض؛ حيث يتم توزيع المقترضين ضمن 12 قطاعا تمثل جميع الأنشطة الاقتصادية، ويلاحظ تركز القروض غير العاملة ضمن 4 قطاعات أخرى هي: الخدمات والتجارة والبنوك والمؤسسات المالية.

وذكر تقرير «جدوى للاستثمار» تسجيل قطاعي الخدمات والتجارة أعلى مستوى للقروض غير العاملة بسبب هيمنة الشركات الصغيرة التي تعتبر أكثر عرضة لتقلبات الدورات الاقتصادية، وقد تراجعت الديون غير العاملة العام الماضي بالنسبة لجميع القطاعات باستثناء قطاعي البنوك والمؤسسات المالية وقطاعات أخرى، مما قد يعكس بوضوح كيفية تصنيف البنوك للمجموعتين المتعثرتين.

وأرجع التقرير تسجيل قطاع الخدمات المصرفية للأفراد أقل مستويات للقروض غير العاملة، إلى سياسة تحويل الراتب التي تتيح للبنك استيفاء أقساط القروض المستحقة من حساب المقترض مباشرة بمجرد إيداعه في البنك، إلا أنه على الرغم من ذلك، تبدو البنوك حذرة إزاء تعرضها لقطاع الخدمات المصرفية للأفراد؛ حيث يلاحظ أن معدل تغطية الديون غير العاملة لهذا القطاع مرتفعة جدا بحيث تتجاوز 250%، كما يلاحظ عدم تسجيل ديون غير عاملة على القطاع الحكومي بنهاية عام 2010 على الرغم من تجنيب بعض البنوك مخصصات له.