اليمن: ترحيب رسمي بالمبادرة الخليجية.. و«تعامل إيجابي» مع بنودها

المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر تسلمها بشكل رسمي.. والشباب المحتجون يرفضونها

أحد المحتجين يضع إكليلا من الياسمين في عنق جندي يمني أثناء المظاهرة للمطالبة بتنحي الرئيس علي صالح في تعز أمس (أ.ب)
TT

أعلن اليمن، أمس، ترحيبه بما جاء في البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في الرياض، أول من أمس، والذي دعا الرئيس صالح إلى نقل السلطة إلى نائبه وتشكيل حكومة من المعارضة، حيث صرح مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية بأنه «تؤكد رئاسة الجمهورية اليمنية ترحيبها بجهود ومساعي الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل الإسهام في حل الأزمة الراهنة في الجمهورية اليمنية، وذلك انطلاقا من العلاقات والروابط الأخوية والمتميزة التي تربط اليمن بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي». وأضاف المصدر المسؤول أنه «طبقا لما أعلنه الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية، مرارا فإنه ليس لديه أي تحفظ على نقل السلطة سلميا وبشكل سلس في إطار الدستور. وإن الجمهورية اليمنية تؤكد أنها سوف تتعامل بإيجابية مع هذا البيان المشار إليه كأساس للحوار وبما يجنب اليمن ويلات الفوضى والتخريب وإقلاق الأمن والسكينة العامة والسلم الاجتماعي. وتعبر عن تقديرها العالي لدول مجلس التعاون على حرصها البالغ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وإزالة عناصر التوتر السياسي والأمني». كما عبر المصدر المسؤول عن التقدير «لجهود الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الدول الشقيقة والصديقة على دعمهم لتلك الجهود».

وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن قال عبد الحفيظ النهاري، رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام، الحاكم: «نحن مع المساعي الحميدة التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي التي تنطلق من الحرص على أمن وسلامة اليمن على اعتبار أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن الخليج»، وأضاف النهاري أنه «في ما يخص المبادرة فنحن عبرنا عن قبولنا المبادرة بما لا يتعارض مع الدستور وقواعد المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ترجمة لخيارات غالبية أبناء الشعب اليمني المتمسكة بالثوابت والخيارات الديمقراطية»، وأكد النهاري «أننا نفهم الانتقال السلس للسلطة على أنه الانتقال المؤسسي عبر المؤسسات الدستورية الديمقراطية وفق جدول زمني»، وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان يرى تعارضا بين المبادرة الخليجية والدستور اليمني عندما قال إن الترحيب «بما لا يتعارض مع الدستور»، قال النهاري: «نحن سنذهب إلى الرياض منفتحين على الحلول التي تجنب اليمن أي أزمات مستقبلية بما يلبي مبدأ التداول السلمي للسلطة ومطالب الشباب».

أما أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، فقد رحبت بالمبادرة في البدء مع التحفظ لاحقا، وأخيرا أعلنت موقفها الرسمي في بيان لها فرفضتها بوضعها ضمانات لعدم ملاحقة الرئيس صالح قضائيا عقب تسليمه للسلطة. وأكد اللقاء المشترك أن مطلبه الأول هو رحيل الرئيس صالح، وقال إنه لا يحق لأي طرف أن يعطي ضمانات بعدم ملاحقة النظام على المجازر التي ارتكبها. وكان المتحدث باسم اللقاء المشترك الذي تنضوي تحت لوائه أحزاب المعارضة البرلمانية في اليمن، محمد قحطان، قال: «نحن نرحب بما صدر عن وزراء خارجية مجلس التعاون». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «سندرس هذه النتائج في اجتماع اللقاء المشترك».

غير أن محمد قحطان، الناطق الرسمي باسم المعارضة، قال في اتصال مع «الشرق الأوسط» في لندن، في ما يتعلق بموقف المعارضة: «لم نتسلم أي مبادرة جديدة بصورة رسمية»، وأضاف: «علينا الانتظار حتى يتم تسلم المبادرة بصورة رسمية حتى يتم تدارسها؛ ومن ثم تحديد الموقف»، وأضاف قحطان في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان يرى أن المبادرة فيها شيء من الغموض: «لا توجد في الدستور اليمني مادة تتعرض لما أوردته المبادرة من نقل لصلاحيات الرئيس للنائب، هناك إشارة إلى نقل بعض الصلاحيات للنائب أما نقل جميع الصلاحيات فمعناه الاستقالة».

وحول ترحيبه في وقت سابق بالمبادرة الخليجية، قال قحطان: «الأولى رحبنا بها، والثانية سنعلن موقفنا منها. ما زلنا متمسكين بالمبادرة الأولى». كما نفى قحطان وجود أي خلافات بين مكونات اللقاء المشترك، مشيرا إلى أنه قد يكون هناك «خلاف لفظي». من جهته، انتقد القيادي في اللقاء المشترك، محمد الصبري، بشدة صيغة المبادرة الخليجية التي أعلنت في الرياض، كما اعتبر أن بيان الرئاسة اليمنية حول الترحيب بالجهود الخليجية «مفخخ» ويهدف إلى «ربح الوقت». وقال الصبري لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الخليجيين أعلنوا ما يمكن تسميته مبادرة نيات حسنة تجاه علي عبد الله صالح وليس تجاه الشعب اليمني»، مشيرا إلى أن «العرض الأول كان ينص على التنحي الفوري عن السلطة، بينما البيان الثاني ينص على نقل صلاحيات». وقال: «هذا جاء بلغط مثير للجدل، لا يوجد شيء في الدستور اسمه نقل الصلاحيات إلى نائب الرئيس». وأضاف: «نرفض الصيغة الأخيرة التي صدرت في الرياض، ونرفض الالتفاف على ما عرض سابقا، ولا تفاوض على ذلك». وعن بيان الرئاسة الذي أكد استعداد صالح لنقل السلطة سلميا وبالسبل الدستورية، قال الصبري: «هذا تلاعب وبيان مفخخ. الرئيس يحاول كسب الوقت، لكن اليوم في تعز وصنعاء والحديدة مئات الآلاف في الطرقات غاضبون من موقف الرئاسة». وحذر الصبري من «افتراض خاطئ» بأن المعارضة صاحبة الكلمة في المسالة، مؤكدا أن «الشعب هو صاحب القرار»، و«ليس لدينا سلطة ولا قرار». وعن الدعوة إلى الالتقاء في الرياض، قال الصبري: «هذا كلام غير عملي وغير منطقي. الخليجيون غير قادرين أن يدركوا حقيقة ما يجري في اليمن، يعتقدون أن اليمن في قصر الرئاسة وميدان السبعين»، حيث مقر الرئاسة. وخلص إلى القول إن «ما طرح في الرياض مفخخ والتفاف على ما تم الاتفاق عليه مسبقا». وبخصوص موقف الشباب المحتجين من المبادرة أكد ممثلون عن الشباب في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن هدف الرحيل هو مطلب الشباب وقال الدكتور عبد الرحمن الولي، رئيس اللجنة الإعلامية في ساحة التغيير في صنعاء: «التنحي أو الرحيل هو مطلبنا ونحن نرحب بأي مبادرة تلبي مطالب الشباب التي هي مطالب الشعب اليمني» وأضاف الدكتور حبيب الأصبحي ممثل عن الشباب في ساحة الحرية في تعز: «بالنسبة للشباب، المبادرة اعتبرت مرفوضة لأنها لم تأخذ في الاعتبار مسألة تنحي الرئيس»، وأضاف أن «المبادرة فيها شيء من الغموض»، لأنه لا يعرف إن كان المقصود بـ«تسليم صلاحيات الرئيس للنائب تنحي الرئيس أم لا»، وأضاف أن «على الإخوة في مجلس التعاون تفسير بعض الغموض في المبادرة».

وقال القيادي في حركة الشباب، عادل الربيعي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن لا تعنينا أي نتائج تأتي عن طريق التفاوض بين السلطة والمعارضة ولا تحقق أهدافنا المتمثلة أولا في رحيل النظام بكل رموزه». وأضاف: «لا نقبل بأي التفاف على ثورتنا ولن نعلق بأكثر من هذا على مقررات اجتماع الرياض»، مشيرا إلى أن «هذا الموقف هو موقف شباب التغيير في كل الساحات».

وفي موضوع ذي علاقة تظاهر عشرات الآلاف في صنعاء والحديدة (غرب)، أمس، الاثنين، رفضا للحوار مع السلطة وللمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح فورا، وهتف المتظاهرون في صنعاء: «لا حوار لا حوار.. الرحيل هو القرار»، بينما كانوا متجهين من إحدى كليات جامعة صنعاء نحو منزل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي. ورفع المتظاهرون شعارات داعية إلى محاكمة صالح، وهتفوا: «الشعب يريد محاكمة الرئيس». وفي موضوع آخر قالت وزارة الدفاع اليمنية: «إن 11 شخصا يشتبه في أنهم من أعضاء في (القاعدة) قتلوا في اشتباك مع القوات اليمنية اليوم (أمس)، الاثنين، في جنوب البلاد». وقال موقع وزارة الدفاع اليمنية على الإنترنت إن من بين المتشددين الذين قتلوا في الاشتباك في محافظة أبين أجنبيين اثنين.

وكان وزراء دول مجلس التعاون الخليجي التي تقوم بوساطة في اليمن، طلبوا من صالح نقل السلطة إلى نائبه، عبد ربه منصور هادي، ضمن عملية انتقالية سلمية في اليمن. كما دعا وزراء المجلس في أعقاب اجتماعهم في الرياض، أول من أمس، الأحد، إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا ووضع دستور وإجراء انتخابات».