«العربية» لـ«الشرق الأوسط»: تعاملنا بمهنية.. ونرفض أي «تفسيرات سياسية»

تسجيل مبارك أثار غضب شباب الثورة.. ودعوات لمقاطعتها

TT

أثار التسجيل الصوتي للرئيس المصري السابق، حسني مبارك، الذي أذاعته قناة «العربية»، أول من أمس، الأحد، حالة من الاستياء والغضب الشديد في لشارع المصري وفي أوساط شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير، وصلت إلى حد إطلاق دعوات لجموع المصريين بمقاطعة قناة «العربية» لإذاعتها هذا الحديث، الذين اعتبروه جزءا من الثورة المضادة التي يمارسها النظام السابق، وأنه محاولة يائسة من مبارك لكسب تعاطف الشعب معه.. لكن قناة «العربية» رفضت أي «تفسير سياسي» لإذاعتها التسجيل، وأكدت أنها تعاملت معه بمهنية إعلامية وبشكل احترافي، باعتباره سبقا صحافيا في صالح القناة.

وانطلقت دعوات إعلامية، عبر موقعي «فيس بوك» و«تويتر» تناشد المصريين مقاطعة قناة «العربية»، لإذاعتها حديث مبارك الأول منذ تنحيه في 11 فبراير (شباط) الماضي، معتبرين أن تاريخ القناة، خاصة أثناء تغطية أحداث الثورة، كان يعد قريبا من النظام الحاكم وقتها في مصر، وأنها أصبحت متحدثة باسمه، حتى بعد رحيله.

واعتبر ما يسمى «تحالف ثوار مصر»، وهم مجموعة من شباب ثورة 25 يناير، أن خطاب مبارك «تمثيلي»، وجاء على نحو يشعر مستمعيه وكأنه ما زال رئيسا. واستنكر بيان للتحالف عدم ذكر مبارك أيا من شهداء الثورة، ولم يدافع عن نفسه ضد جريمة قتل أبناء مصر، وتابع البيان: «مبارك وافق على التحري عن أمواله بعد أن ظل أكثر من شهرين يخفي معالم جرائمه»، متسائلا: «لماذا قناة (العربية) بالذات؟ وهل هو مخطط لإنقاذ مبارك؟» وأكد البيان أن تحالف ثوار مصر سيرد على القناة بقوة، معتبرا أنها مؤامرة.

وشبهت حركة شباب «6 أبريل» خطاب مبارك، الذي أعرب فيه عن تألمه مما تعرض له وأسرته من حملات ظالمة أساءت لسمعته، وشدد على أنه لا يملك أي أرصدة مالية إلا في الداخل، وطبقا لما ذُكِر في إقرار الذمة المالية الخاص له ولأسرته، شبهت هذا الخطاب بـ«التسجيلات الصوتية لزعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ونائبه أيمن الظواهري»، كما هددت الحركة بتصعيد مفتوح حال عدم قيام النائب العام بتحرك فعلي في اتجاه توجيه الاتهام لمبارك بالفساد والتربح والتورط في قتل المتظاهرين في أثناء الثورة بالرصاص الحي. وقال بيان للحركة: «مبارك أطل هذه المرة ليهدد أبناء الشعب الشرفاء، الذين كشفوا فساده وفساد حاشيته ويطالبون بملاحقته قانونيا».

من جانبه، قال ناصر الصرامي، مدير الإعلام بقناة «العربية»، لـ«الشرق الأوسط»: إن «القناة تحترم رأي الناس وموقفهم في مصر، لكن على الجميع أن يعلم أنها تعاملت مع القضية بشكل مهني وإعلام احترافي بحت»، مشددا على أن التسجيل يمتثل إلى القواعد المهنية الإعلامية.. وموضحا أن القناة بثت الشريط التسجيلي بشكل طبيعي، دون أي مبالغة أو بشكل يعتبر محاولة منها في استغلاله لأي أغراض، بل تعاملت معه بشكل مهني حرفي، وتمت إذاعته وسط نشرات الأخبار بشكل اعتيادي، وتم عمل تغطية له طوال اليوم، أتيح للجميع من كافة الاتجاهات خلالها الرد وتحليل الخطاب بشكل موضوعي مهني.

وطالب كُتاب وقانونيون في مصر بفتح تحقيق حول هذا التسجيل، معتبرين أن تسجيل الكلمة وتسريبها يخالف الأوضاع القانونية الحالية، لكون مبارك وأسرته رهن الإقامة الجبرية، ولا يجوز له أن يدلي بأي تصريحات خارج نطاق التحقيقات، وعبر وسائل الإعلام.

لكن الصرامي أكد أن «هذا قرار أمني.. ونحن كوسيلة إعلامية ليس لنا علاقة به، نحن نؤدي عملنا الإعلامي فقط»، واصفا التسجيل بأنه «سبق إعلامي وضربة صحافية»، ومتحديا أي وسيلة إعلامية أخرى، بما فيها من يدعي البطولية الآن، أو حتى أي وسيلة إعلامية مصرية، أن يصل إليها مثل هذا الحوار، وترفض إذاعته بحجة أنها تناصر الثورة.

وشدد الصرامي على أن قناة «العربية» تعاملت مع الثورة المصرية منذ بدايتها بكل موضوعية، واستضافت شباب الثورة قبل وبعد تنحي الرئيس أكثر من أي قناة أخرى، ولا يجوز عمل أي تحميل سياسي لهذا السبق الإعلامي.

وحول كيفية الوصول لهذا الشريط التسجيلي لمبارك، قال الصرامي: «إن (القناة) تقدمت منذ أسبوع بطلب إجراء حوار كامل مع الرئيس السابق، حسني مبارك، وعمل مواجهة معه لطرح مختلف الملفات والقضايا التي تطرح علي الساحة المصرية، ومنها قضايا الفساد المالي والسياسي وقتل المتظاهرين، لكننا لم ننجح في عمل هذا اللقاء، ووصلنا منه هذا التسجيل فقط منه عبر وسطاء». وعن الاتهامات الموجهة للقناة بعلاقتها الوثيقة بالنظام السابق، وأنها نشرت مع رموزه أكثر من لقاء، قال الصرامي: «الرئيس الأميركي باراك أوباما اختص القناة من قبل بحوار دون غيرها من وسائل الإعلام (العربية)، فلماذا لم نسأله لماذا اختصصت (العربية) بهذا الحوار؟»، وأكد الصرامي أن هذه الانفرادات دليل على تميز القناة، ولا يجب إخضاعها لأي تفسيرات سياسية.

وتمنى الصرامي أن تستطيع قناة «العربية» إجراء حوار شامل مع مبارك في المستقبل القريب، كأي مؤسسة إعلامية تبحث عن عمل لقاءات صحافية مع الشخصيات المثيرة للجدل.