درعا وبانياس تتحولان إلى ثكنتين عسكريتين.. وجنود رفضوا أوامر بإطلاق نار

السلطات السورية تخلي مبنى حكوميا في درعا والسكان يخشون عملية عسكرية.. و«البعث» يتحدث عن مؤامرة

دبابة سورية تقف على ضواحي مدينة بانياس الساحلية.. وقد طوق الجيش المدينة وسط أجواء متوترة أمس (رويترز)
TT

تحولت مدينتا بانياس ودرعا إلى ثكنتين عسكريتين، أمس، بعد محاصرة قوات الجيش لهما وانتشارهما في الشوارع الرئيسية للمدينتين اللتين شهدتا أعمال عنف دامية، لمواجهة المظاهرات التي تنادي بـ«الحرية» وإجراء إصلاحات في البلاد. وطوقت قوات الأمن السورية مدينة بانياس الساحلية الليلة الماضية بعد حوادث قتل قامت بها قوات «الشبيحة» غير النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، أسفرت عن 13 قتيلا على الأقل بينهم تسعة عسكريين. وفي تكثيف لحملة قمع للمعارضة الشعبية التي دخلت الآن أسبوعها الرابع، انتشرت قوات الأمن في دبابات خلال الليل قرب مصفاة بانياس النفطية وحيث يقع المستشفى الرئيسي في المدينة.

وأعلن ناشطون حقوقيون وشهود عيان أمس أن دبابات الجيش السوري تحاصر مدينة بانياس الساحلية (280 كلم شمال غربي دمشق)، حيث ووري الثرى أربعة أشخاص قضوا الأحد برصاص قوات الأمن. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد قادة حركة الاحتجاج أنس الشهري، أن «الجيش يحاصر المدينة بثلاثين دبابة»، وأضاف أن «شبيحة النظام يتمركزون في منطقة القوز ويطلقون النار على الأحياء السكنية»، مشيرا إلى أنهم «يطلقون النار أيضا على الجيش لجره إلى حرب مع الشعب»، ولفت إلى أن «بعض عناصر الجيش قتل بينما جرح آخرون».

وتابع الشهري «لقد قامت السلطات بعدة اعتقالات في الليل، كما قطع التيار الكهربائي عن المدينة». بينما أشار ناشط آخر إلى أن «المحال التجارية لم تفتح أبوابها الاثنين، كما توقف العمل في الدوائر الحكومية وتعطلت المدارس».

وكان ناشط حقوقي رفض كشف هويته قال في اتصال من بانياس إن «الجيش يطلق النار في شكل متقطع لاستفزاز الناس وحثهم على الرد، إلا أن أحدا منهم لم يرد بإطلاق النار»، مشيرا إلى أن «نداءات أطلقت من منابر الجوامع تناشد الجيش التوقف عن إطلاق النار».

وكشف الناشط أن «ثلاثة جنود حاولوا الانضمام إلى المحتجين بعد أن رفضوا إطلاق النار، إلا أن المسؤولين عنهم أطلقوا النار عليهم، مما تسبب في إصابتهم».

من جهته، وجه إمام جامع الرحمن الشيخ أنس عيروط، نداء استغاثة باسم سكان مدينة بانياس، طالب فيه بـ«بالتدخل السريع لقوات الجيش ليقوموا بإيقاف هذه العصابات المتمثلة في أشخاص معروفين يمكن القبض عليهم وتمشيط مناطقهم في القوز وضهر محيرز والقصور».

وأضاف النداء أن «قوات الجيش دخلت إلى مدينة بانياس الساحل صباح الأحد، وفجأة بدأ إطلاق نار مكثف»، مؤكدا أن «أهالي بانياس بريئون من أي رصاصة تطلق على الجيش».

وأكد أن «أهالي بانياس لا ينتمون إلى أي جهة خارجية أو أي شخصية معارضة كأمثال عبد الحليم خدام (نائب الرئيس السابق) ورفعت الأسد (عم الرئيس)، إنما هم شعب أعزل يطالب بمطالب محقة ويقابل من أبناء تلك العصابات ومن يتبعهم بالرصاص والقناصات المحيطة بالمدينة القديمة بانياس البلد».

وفي دمشق، أعلن رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي، أنه «تم في ساعة مبكرة من صباح اليوم (أمس) دفن القتلى الأربعة الذين قضوا في أحداث الأحد»، مشيرا إلى «أن الوضع هادئ ومستقر اليوم في بانياس».

وشارك نحو ألفي شخص في موكب التشييع ورددوا شعارات «الموت أفضل من المهانة»، حسبما أوردت وكالة أسوشييتد برس. وفي درعا، قالت مصادر محلية إن «تعزيزات جديدة من قوات الأمن وصلت إلى المدينة المحاصرة تقدر بنحو 2500 عسكري، وإن الأجواء تتجه نحو مزيد من القمع والشدة»، بالتزامن مع قيام السلطات برفع حالة الجاهزية في المشفى الوطني إلى الدرجة القصوى، كما تقوم بعمليات ترحيل الأوراق والثبوتيات من بناء المجمع الحكومي الكبير في درعا الذي يضم قيد نفوس التسجيل لكل أبناء درعا ومقر الهجرة والجوازات ومقر المحافظة وقيادة الشرطة. وعبر مواطنون من درعا عن خشيتهم من إخلاء المبنى الحكومي من أن الحكومة السورية تخطط لعملية عسكرية واسعة لقمع المظاهرات.

وتحولت المدينة إلى «ثكنة عسكرية»، حيث وضع الجيش حواجز على الطرق، بينما وقفت على الأقل دبابة واحدة عند المدخل الشمالي للمدينة، وطوال الليلة قبل الماضية قامت القوات السورية بوضع حواجز من أكوام الزبالة في الشوارع الرئيسية للمدينة ومخارج الطرق.

إلى ذلك، أعلن مصدر حقوقي أن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت بعد ظهر أمس الكاتب السوري فايز سارة واقتادته إلى مكان مجهول دون أن تفصح عن سبب الاعتقال.

وقال المحامي خليل معتوق، رئيس المركز السوري للدفاع عن حرية الرأي، إن «عناصر من الأجهزة الأمنية اعتقلت الكاتب فايز سارة من منزله في الغزلانية (ريف دمشق) واقتادته إلى جهة مجهولة».

وفي تطور لاحق، دعت الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم عدة أحزاب على رأسها حزب البعث الحاكم «الشعب السوري على امتداد ساحة الوطن إلى وعي أبعاد المؤامرة التي تتعرض لها سورية».

واعتبرت في بيان لها نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا)، أن «سورية تتعرض في هذه الآونة إلى تحديات خطيرة بفعل مؤامرات وضغوط خارجية وعملية، تريد استثمار التحولات الجارية في المنطقة وتوظيفها لصالح المخططات المعادية والنيل من المواقف القومية والمبدئية لسورية وما تمثله من دعم لقوى الصمود ضد سياسات الهيمنة والسياسات الإسرائيلية ومخططاتها التوسعية».

واتهم البيان «أدوات المؤامرة الممولة والمدربة من قبل دوائر، بقصد الإضرار بسورية والإساءة إلى سمعتها (...)، بدفع عصابات مخربة وجهت أياديها الآثمة في بعض المناطق السورية لقتل المواطنين تارة ورجال الأمن تارة أخرى، بقصد إثارة البلبلة والفوضى وإحداث الفتنة».