الحكومة الفلسطينية تقول إنها جاهزة لإقامة وإدارة الدولة في سبتمبر

الإسرائيليون قلقون من اتساع رقعة الخلافات مع واشنطن بسبب «الدولة الفلسطينية»

TT

قالت الحكومة الفلسطينية أمس إنها أصبحت جاهزة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو الشهر الذي تنوي فيه السلطة تقديم مشروع الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 لمجلس الأمن الدولي.

وأعلنت الحكومة جاهزيتها لإدارة مؤسسات الدولة، بعدما أنجزت جزءا كبيرا من خطتها لـ«إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، التي تركز على التنمية والإصلاحات، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية. وقال وزير التخطيط والتنمية الإدارية، علي الجرباوي، إن الحكومة أعدت تقريرا كاملا حول الجاهزية الفلسطينية لإقامة الدولة، وما تحقق من إنجازات في هذا الصدد سيتم تقديمه لاجتماع لجنة إدارة وتنسيق المساعدات الدولية (AHLC) في العاصمة البلجيكية بروكسل غدا (الأربعاء).

ويتضمن التقرير تفصيلات مهمة حول نجاح الحكومة في تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية بنسبة 35 في المائة منذ عام 2009 نتيجة للنمو الاقتصادي واتباع سياسات ترشيدية، وتحسين الجباية، وبالتالي زيادة الإيرادات، التي بلغت خلال عام 2010 ولأول مرة في تاريخ السلطة الوطنية ملياري دولار. وقال الجرباوي في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الحكومة تتوقع المحافظة على معدل النمو الاقتصادي في عام 2011، بحدود ما تحقق في العام الماضي بنسبة 9 في المائة، وتباهي الحكومة الفلسطينية بأنها نجحت في «ترشيد وضبط النفقات الجارية والرأسمالية، لصالح زيادة النفقات التطويرية وإقامة العديد من المشاريع في القطاعات المختلفة، لا سميا قطاعات الحكم والبنية التحتية، بالإضافة إلى زيادة نسبة النفقات التحويلية لصالح دعم الفئات الاجتماعية، لا سيما المهمشة، والتي تعاني من اعتداءات الاحتلال، الأمر الذي ساهم في تعزيز صمود المواطنين».

وسيدعم هذا التقرير تقرير آخر لصندوق النقد الدولي، يقول إن السلطة الفلسطينية أصبحت تستطيع الآن إدارة السياسات الاقتصادية السليمة المتوقعة من دولة فلسطينية مستقبلية ذات كفاءة. وأرجع الصندوق ذلك إلى ما وصفه بسجل أداء السلطة القوي في تنفيذ الإصلاحات وبناء المؤسسات في مجال المالية العامة. ووفق تقرير النقد الدولي الذي من المقرر أن يقدم إلى الاجتماع نفسه غدا، فإن الإصلاحات المالية والسياسة الحكيمة مع تمكين سلطة النقد الفلسطينية بالوفاء بالمهام الأساسية للبنك المركزي كلها تدل على جاهزية السلطة، لقيام الدولة. ويأتي هذا الاجتماع المهم الأربعاء، بعد أسبوعين من إقرار الحكومة الفلسطينية في الضفة موازنتها للعام الحالي بـ3.7 مليار دولار، التي امتازت بتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية. وتحضر السلطة الفلسطينية أوراقها لتقديمها إلى مجلس الأمن في سبتمبر، وهو الموعد الذي ترى أنه يمثل استحقاق إقامة الدولة وفق ما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما العام الماضي، بعد انطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل أن تتوقف لاحقا بشكل كلي.

ومن غير المعروف كيف سيكون عليه موقف الولايات المتحدة، التي تقول إنها لا تدعم خطوات أحادية، وإن خطاب أوباما عن ضم فلسطين للأمم المتحدة في سبتمبر الحالي كان يستند إلى اتفاق يأتي عبر المفاوضات. وثمة قلق في إسرائيل من كيف سيكون عليه موقف الولايات المتحدة، وهناك خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة، في هذا الصدد، وكان نتنياهو قد رفض الطلب الأميركي بالاعتراف بحدود 67 كقاعدة للمفاوضات، قائلا «من شأن مثل هذا الاعتراف أن يشكل خطرا على أمن إسرائيل ويسقط الحكومة»، وهو ما لم يقنع الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وقالت الإذاعة الإسرائيلية أمس إن حالة من القلق تسود أوساط بعض مسؤولي الحكومة الإسرائيلية خشية «اتساع رقعة الخلافات بين إسرائيل والإدارة الأميركية بشأن العملية السلمية». وخلال اليومين الماضيين، ناقشت الحكومة الإسرائيلية مستقبل العلاقات مع الإدارة الأميركية، التي يشوبها خلافات شديدة.

وقال الكاتب الإسرائيلي الشهير، ناحوم برنيع، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الحكومة الإسرائيلية حذرت نتنياهو من الشرخ الكبير في العلاقات مع إدارة أوباما، الذي يصر وفق اعتقاد المسؤولين الإسرائيليين على إقامة الدولة الفلسطينية في حدود 67. ويقدر الإسرائيليون أن تصدر الرباعية الدولية الجمعة القادم بيانا تؤكد فيه جاهزية الدولة الفلسطينية اقتصاديا، وقال برنيع إن من شأن هذا البيان أن يفتح الطريق أمام اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في شهر سبتمبر القادم. ورغم أن برنيع يرى أن قرار الأمم المتحدة في حال اتخذ اعترافا بالدولة، لا يعني الكثير من الناحية العملية، لكنه حذر من أن ذلك سيحول 600 ألف إسرائيلي في الضفة والقدس إلى غير شرعيين، بل معتدين على أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة، كما أن وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة سيعتبر أيضا خرقا للقانون الدولي.

ومثل هذا الاحتمال هو الذي دفع الأوساط السياسية الإسرائيلية وقيادة الجيش إلى التفكير الجاد في الانسحاب من مناطق الضفة الغربية وتسليمها للسلطة، وبينما وافق ضباط وسياسيون على هذا الاقتراح، معبرين عن قناعتهم بأن السلطة ستصمد في حال انسحاب إسرائيل وستنجح، عارض ذلك آخرون، يعتقدون أن حماس ستكرر تجربة غزة، وستستولي على السلطة.