وثائق «ويكيليكس» حول إسرائيل: الحديث عن خيار عسكري إسرائيلي ضد إيران هو كذبة للتضليل

الجنرال الإسرائيلي جلعاد يدعي أن محمد دحلان انهار بين يديه

TT

في وثائق جديدة نشرت في تل أبيب، أمس، بالاتفاق مع موقع «ويكيليكس» الذي سربها، كشف عن أن الأحاديث الإسرائيلية عن «خيار عسكري ضد إيران» هو مجرد كذبة تضليلية. فإسرائيل مقتنعة منذ سنة 2005 بأنه لا يوجد خيار عسكري كهذا، ولكنها كانت تروج له للدعاية والتهديد الفارغ.

وقد ورد هذا التقدير في أكثر من وثيقة أميركية يكشف عنها موقع «ويكيليكس»، الذي بدأ في نهاية الأسبوع الماضي في نشر 6000 وثيقة تتعلق بإسرائيل. ومن بينها برقية موجهة من السفارة الأميركية في تل أبيب إلى الوزارة في واشنطن، من سنة 2005، جاء فيها: «نستنتج من أحاديث مع مسؤولين إسرائيليين أنه لا توجد فرصة للخيار العسكري ضد إيران». وهناك تفاصيل أكبر وردت في تقرير آخر مؤرخ في 20 يناير (كانون الثاني) 2006، يلخص لقاء بين عضو الكونغرس الأميركي جيري أكرمان ونائب رئيس اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية الدكتور أرئيل لويطا، جاء فيه: «لويطا قال إن غالبية المسؤولين الإسرائيليين مقتنعون بأن الحل العسكري غير ممكن لأن إيران استفادت من تجربة المفاعل النووي العراقي الذي دمرته إسرائيل في سنة 1981، فقامت بنشر مرافقها النووية على عدة مناطق في جميع أنحاء إيران وبعضها غير معروف لإسرائيل».

وتصف هذه التقارير المسؤول الإسرائيلي لويطا بأنه أحد أكثر الخبراء معرفة وثقة من الذين يتابعون النشاط النووي الإيراني في إسرائيل. وتقول إن الهدف الإسرائيلي من الحديث عن الخيار العسكري هو الردع والتخويف بغية إبقاء الخيار العسكري مطروحا. ولكن في الأحاديث الداخلية كان المسؤولون الإسرائيليون يعترفون بأن هذا الخيار غير واقعي من طرفهم، وأن الولايات المتحدة وحدها قادرة على استخدام هذا الخيار ضد إيران، وليس إسرائيل. ومع ذلك فإن الإسرائيليين يواصلون الحديث عن هذا الخيار، رغم أن المزيد والمزيد من مسؤوليها مقتنعون بعدم جدواه وبأن العقوبات الاقتصادية ضد إيران ناجعة أكثر.

وتكشف وثائق أخرى عن أن إسرائيل تقيم علاقات وثيقة مع أذربيجان، الدولة القائمة بجوار إيران وتعتبر دولة نفطية قوية ومهمة وتوجد بينها وبين إيران علاقات متوترة. وتذكر أن الرئيس وحيد علييف يعتبر صديقا لإسرائيل ويقيم علاقات تعاون أمني معها وكان قد وصل إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي واستغل مكوثه لإجراء لقاءات سياسية عديدة بينها لقاء مع تسيبي لفني (سنة 2005) عندما كانت قائمة بأعمال رئيس الوزراء ووزيرة للخارجية. وقد تعمقت هذه العلاقات مع محاولة إيران تفجير السفارة الإسرائيلية في باكو، بواسطة خلية تابعة لحزب الله اللبناني تضم بعض الإيرانيين.

ومن الوثائق التي كشف عنها أمس رسالة من السفارة الأميركية لدى البحرين عن لقاء أجراه السفير وليام مونرو مع العاهل البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، جرى في يوم 15 فبراير (شباط) 2005 وتطرقا خلاله لمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.. حيث أعرب الملك البحريني عن حماسه لهذه المفاوضات وقال إنه أمر في أعقابها بالتوقف عن اعتبار إسرائيل عدوا وأبدى استعداد بلاده لإقامة علاقات تجارية مع إسرائيل إذا أقيمت دولة فلسطينية باتفاقية سلام. وقال إن هناك تعاونا بين البحرين وإسرائيل في المجال الأمني.

ونشر أمس أيضا تقرير كان قد صدر عن السفارة الأميركية بتل أبيب في 22 سبتمبر (أيلول) 2005، في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة. ويتناول التقرير لقاء كان قد أجراه رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد، مع إليزابيت ديفيل مسؤولة قسم دائرة شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية لدى زيارتها إسرائيل. ويروي فيه جلعاد للمسؤولة الأميركية كيف انهار محمد دحلان، الذي كان رئيسا لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة، خلال لقائه مع جلعاد.

ومما جاء في التقرير: «دحلان بدا بنفسية مهزوزة خلال لقائي معه يوم 16 الحالي. فقلت له إنه يبدو مريضا. فراح يصرخ في وجهي. صراخه لم يتوقف طيلة عدة ساعات. فاستدعينا طبيبا وهذا اقترح عليه الانتقال إلى المستشفى. لكنه رفض قائلا إن عليه أن يلقي خطابا أمام الجماهير في غزة في اليوم التالي. فقلت له إن لم تتوجه للعلاج فستصبح شهيدا أو مشلولا. وفجأة انهار بين يدي وهو على الصوفا في مكتبي وغاب عن الوعي. فنقلناه وسط سرية تامة إلى المستشفى برفقة رجال الأمن وتبين أنه يعاني من ديسك في رقبته. وفي اليوم التالي أرسل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مروحية حملته إلى عمان لمواصلة العلاج».

ويواصل التقرير أن جلعاد التقى دحلان بعد عدة أيام من هذه الحادثة وأنه بدا هذه المرة شريرا. ثم راح يهاجمه قائلا إنه على عكس الصورة التي يبدو فيها معتدلا، فإن دحلان متطرف. وكان يرفض التعاون مع إسرائيل في مراقبة الأنفاق التي تهرب فيها حماس السلاح من سيناء المصرية إلى قطاع غزة.