لائحة اتهام المشتبه بهم في هجمات سبتمبر تحكي رواية الإرهاب

تروي تاريخا يغص بمؤامرات بدأت بالهجوم على مركز التجارة العالمي عام 1993

موضوع الارهاب أصبح جزءاً من المناهج التعليمية في جامعات عالمية (نيويورك تايمز)
TT

وضعت جميع لوائح الاتهام تحت الرقم الأساسي نفسه «93 Cr. 180» الذي يعتبر مجموعة غامضة من الأرقام والحروف تكشف الكثير مع كل إضافة جديدة إليها.

جاءت المجموعة الأولى في عام 1993، بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم على مركز التجارة العالمي، وكانت لائحة الاتهام مكونة من صفحة واحدة وتشمل متهمين. تلا ذلك عدد من لوائح الاتهام التي بلغت في مجموعها 13 لائحة، كل منها تحل محل القضية السابقة، مضيفة مؤامرات إرهابية جديدة، ومشتبها بهم واتهامات إلى قضية الحكومة الفيدرالية.

وجاءت الحلقة الأخيرة من لوائح الاتهام قبل أسبوع، مع الإعلان عن لائحة الاتهام الخاصة بخالد شيخ محمد منسق هجمات سبتمبر (أيلول) وأربعة آخرين معتقلين في غوانتانامو في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقد سلمت هيئة الملحفين الفيدرالية الكبرى في مانهاتن لائحة الاتهام سرا يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2009، وتم الكشف عنها أول من أمس بعدما أعلن وزير العدل الأميركي إريك هولدر أن المعتقلين سيمثلون أمام محكمة عسكرية، متراجعا عن قراره السابق بمثول المتهمين أمام محاكم فيدرالية.

لكن على الرغم من قصر عمر هذه الوثيقة، فإن «وثيقة 11/9» تأتي كنهاية لسلسلة طويلة من لوائح الاتهام الفيدرالية، التي تروي تاريخا يغص بالمؤامرات بدأت بالهجوم على مركز التجارة العالمي. وبعبارة أخرى، فإن لائحة اتهام 2009 كانت تحديثا، يفوق بكثير تلك التي وجهت في عام 1993.

ويقول ليف داسين، وكيل وزارة العدل الأميركية الأسبق، الذي كان مدعيا عاما صغيرا أثناء محاكمات عام 1993، التي أدين خلالها أربعة متهمين: «عادة ما تكون لائحة الاتهام قصيرة للغاية، لكن هذه كانت أشبه برواية تاريخية».

ومعروف أن التحقيقات السريعة تخرج لائحة الاتهام بسرعة هي الأخرى. وقد تلت لائحة الاتهام الأولى التي صدرت إثر تفجيرات عام 1993 العديد من لوائح الاتهام، ومع مرور السنوات أدخل العديد من المتهمين ولوائح الاتهام والمؤامرات.

ويقول جون بيرنز، محامي الدفاع في محاكمة عام 1993: «قليل من الأشخاص، إن وجدوا، يفهمون حقا ما تنبئ به لائحة الاتهام هذه، وكيف يمكن أن تغير حياة الأفراد في الولايات المتحدة».

وقد جاء اسم رمزي أحمد يوسف ضمن النسخة الثانية، وفي نسخة أخرى صدرت عام 1995 قالت الحكومة إن يوسف كان مشاركا في خطة تم إجهاضها تعرف باسم «بوجينكا»، التي كانت تهدف لتفجير أكثر من عشر رحلات جوية فوق المحيط الهادي.

وظهر خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر للمرة الأولى على لائحة الاتهام الثالثة عشرة، التي أعلنت عام 1998 في اليوم الذي حكم فيه على رمزي يوسف بالسجن مدى الحياة، إضافة إلى حكم بالسجن 240 عاما من قبل القاضي كيفن توماس دوفي على دوره في تفجير 1993 ودوره في مؤامرة «بوجينكا»، وجاء اسم خالد شيخ محمد ضمن لائحة الاتهام هذه نظرا لدوره في المساعدة في مؤامرة «بوجينكا».

انقضت 13 عاما قبل الكشف عن لائحة الاتهام التالية، الخاصة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر. جاء الاتهام في ثمانين ورقة، تضمن ما يقرب من نصفها قائمة بأسماء 2.976 ضحية. وقد أسهب المدعون العامون في وصف كيفية قرارهم بتقديم «قضية 11/9».

يمكن أن تأتي لائحة الاتهام هذه ضمن عدد من لوائح الاتهام الأخرى، التي تتضمن مؤامرة لنسف معالم بارزة في مدينة نيويورك، أو ربما توضع ضمن سلسلة أخرى بدأت عام 1998 واتهمت أسامة بن لادن بقيادة مؤامرة عالمية لقتل أميركيين، التي تضمنت تفجيرات للسفارتين الأميركيتين في أفريقيا، وكانت محاكمة أحمد خلفان غيلاني، أحد نزلاء غوانتانامو الذي حوكم أمام محكمة مدنية العالم الماضي جزءا من هذه القضية.

لكن يبدو أن هناك بعض الأسباب الرمزية والعملية وربما القانونية لاتهام محمد ضمن هذه السلسلة التي بدأت بتفجيرات مركز التجارة عام 1993.

وتؤكد كارين غرينبيرغ، مديرة مركز القانون والأمن في جامعة نيويورك، على أن اسم محمد ورد على نحو خاص ضمن لوائح الاتهام في خطة «بوجينكا» قبل سنوات من 11 سبتمبر. وتقول: «إحدى النقاط الرئيسة لهذه المحاكمات هي أنها تمثل للشعب الأميركي رواية تاريخية ما كنا لنعرفها لولا وجودها». وتضيف: «من الناحية الرمزية، تتضمن على كل شيء يتعلق بفهم التهديدات التي نتعرض لها، وكيف تغيرت هذه التهديدات مع الوقت، وما دور خالد شيخ محمد في كل هذا».

أوكلت قضية 11 سبتمبر إلى القاضي دوف، الذي ترأس بالفعل ثلاث محاكمات في تفجيرات 1993 ومؤامرة «بوجينكا». وبصورة ما، تحولت لائحة الاتهام إلى رواية تؤصل للإرهاب والأفراد والمؤامرات التي حيكت. فقد اتهم رمزي يوسف في تفجيرات 1993 وفي المشاركة في عملية «بوجينكا»، أما خالد شيخ محمد فقد اتهم بالمشاركة في مؤامرة «بوجينكا» وهجمات 2001، كما أنه خال رمزي يوسف.

رونالد كوبي الذي شكل فريق الدفاع عن العديد من المتهمين في قضايا الإرهاب، أشار إلى أنه كان متشككا إزاء اتساع لوائح الاتهام التي تميل إلى ربط المؤامرات والوقائع التي حدثت حول العالم في سنوات مختلفة.

لكن سلسلة «93 Cr. 180» نجم عنها إدانات لكل المتهمين الثمانية الذين تمت محاكمتهم وفقها (رمزي يوسف مرتان)، ولا تزال إداناتهم قيد الاستئناف. بعد إعلان هولدر الأسبوع الماضي بأن معتقلي 11 سبتمبر سيحاكمون أمام محاكم عسكرية في غوانتانامو، أوضح أحد المدعين العامين الإسهاب الذي تضمنته لائحة الاتهام. وقال: «إنه أشبه بنعي، لا يعطيك الإحساس بأن أيا من هذا سيتكرر مرة أخرى في أي وقت قريب».

* خدمة «نيويورك تايمز»