سليمان البصيري لــ«الشرق الأوسط»: وصول الوحدة للنهائي أثلج صدور أهل مكة

اعتبر سعيد غراب أفضل لاعب سعودي على مر التاريخ

TT

أكد لاعب الوحدة السابق سليمان البصيري أن تأهل فريقه للمباراة النهائية لمسابقة كأس ولي العهد لكرة القدم أفرح قلوب جميع محبي النادي، بعد غياب طويل عن منصات التتويج، وقال إن جماهير الوحدة كانت تقيم الاحتفالات في جميع أحياء مكة المكرمة ابتهاجا بتحقيق الألقاب.

ووصف لاعب الاتحاد السابق سعيد غراب بأنه من أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة السعودية عبر تاريخها الطويل، نظرا لخطورته ومهاراته الفنية العالية التي كان يمتلكها.

وأشار إلى أن ابتعاد فريق الوحدة عن المنافسة على البطولات بسبب التفريط في نجومه الذين انتقلوا إلى عدد من الأندية بحثا عن العرض الأفضل ماديا.

* ما هو انطباعك عن وجود الوحدة في المباراة النهائية لكأس ولي العهد أمام فريق الهلال بعد غياب طويل عن المنصات؟

- بالتأكيد شيء يفرح قلوبنا بعودة الوحدة للعب على المباريات النهائية بعد سنوات جفاف طالت كثيرا، وفي الأيام الماضية كنت أستعيد أجمل الذكريات مع وحدة البطولات في عصرها الذهبي، وإن شاء الله ترجع الألقاب والكؤوس لنادينا العريق والحبيب حتى نفرح أهل مكة الطيبين.

* ما هي ذكرياتك عن تلك الحقبة الذهبية؟

- لقد تشرفت بأن أكون أحد لاعبي الوحدة الذين حققوا العديد من البطولات سابقا، وهذا كنز غال في حياتي، وكنا فخورين بأنفسنا لأننا حققنا شيئا أسعد أهل مكة المكرمة، وكانت فرحتهم بنا كبيرة، حيث كانت تقام الاحتفالات في جميع الأحياء، ابتهاجا بفوزنا بالألقاب الغالية.

* وأين كنتم تعسكرون قبل المباريات المهمة خارج مكة المكرمة؟

- في إحدى فلل محمد سالم غلام سكرتير وزير المالية محمد سرور الصبان في تلك الفترة، سواء كان ذلك في جدة، أو الرياض.

* حدثنا عن استضافة الأمير عبد الله الفيصل لكم كلاعبي نادي الوحدة في تلك الفترة؟

- في الحقيقة أعتبر الأمير عبد الله الفيصل بمثابة والدي، بسبب أفضاله العديدة التي كان يقوم بها مع كثير من الرياضيين، وكانت له مواقف جميلة لا تنسى مع العديد من اللاعبين، كما أنه داعم حقيقي لمشوارهم في كرة القدم حتى لو لم يكونوا يلعبون لناديه المفضل الأهلي، وسبق أن طلب مني شخصيا ومن زميلي حسن دوش الانتقال للأهلي، لكننا اعتذرنا منه بلطف، وقبل اعتذارنا بكل ود، كما أن تواصلنا معه ازداد قوة، وامتلكنا أنا وزميلي حسن دوش أفخم السيارات والمبالغ المالية وتذاكر السفر المفتوحة لأي بلد في العالم منه شخصيا، بينما كنا نعانى في نادي الوحدة من قلة في توزيع المكافآت المالية، وتخيل أننا حصلنا على 3 آلاف ريال بمناسبة حصولنا على كأس الملك في عام 1966، وكنت شخصيا قد حصلت على دعم مادي من الشيخ حسين عرب «رحمه الله»، وجميل خوقير بقيمة 100 ألف ريال، وسافرت على الفور مع عائلتي نحو النمسا، كون المبلغ كان كبيرا جدا، وكنت أريد قضاء نزهة جميلة مع عائلتي، ولم أفكر في شراء الأراضي التي كانت بتراب الفلوس في مكة المكرمة، وخاصة أنني للتو كنت قد عينت بوظيفة كاتب عدل، وأعرف قيمة تلك الأراضي جيدا.

* ما هي أسباب ابتعاد نادي الوحدة عن تحقيق البطولات لفترة طويلة جدا؟

- بكل أمانة مشكلة نادي الوحدة أزلية مع رجال الأعمال وأصحاب المال في مكة المكرمة، لأنهم لم يقفوا مع النادي وقفة صادقة حتى يكون في مقدمة الفرق المنافسة على الألقاب والبطولات، وهذا الأمر دفع باللاعبين لمغادرة الوحدة والبحث عن الأندية التي تملك القدرة المالية، بل إن العديد منهم حققوا معه بطولات كبيرة، بينما مستوى الفريق بدأ يتراجع بشكل ملحوظ بسبب رحيل نجومه.

* هل هذا يعني أن مسلسل التفريط لم يكن جديدا على نادي الوحدة؟

- نعم كان موجودا ولكنه ليس بهذا الشكل في السنوات الأخيرة، ورأينا سابقا خروج العديد من اللاعبين الموهوبين مثل حسن دوش وكريم المسفر ومحمود زرد، الذين مثلوا ناديي الهلال والاتحاد وكانوا سببا رئيسيا في تحقيق البطولات معهم، بينما لم تستطع إدارة النادي تحقيق مطالب حسن دوش وهو في تلك الفترة يعتبر من أبرز نجوم الكرة السعودية حيث عجزت إدارة النادي عن توفير مبلغ مادي لا يقل عن أربعمائة ريال في موقف غريب منها، فلما سمع بتلك الحادثة كامل أزهر وهو من مؤسسي النادي وحققنا في عهده البطولة الأولى على كأس الملك أمام الاتحاد، أحضر حسن دوش لمنزله وعرف ما يريد من حاجته من المال لشراء أربع كفرات لسيارته الخاصة، ونقله على الفور لنادي الاتحاد وفق ميثاق شرف مع الاتحاديين على أن يعود اللاعب بعد عام لفريق الوحدة حتى يقدروا قيمته ومكانته الفنية، وأسهم في تحقيق الكأس مع الاتحاد في تلك السنة.

* وماذا عن الحوافز والمكافآت المادية في تلك الفترة الذهبية؟

- بعد فوزنا على فريق الاتفاق في كأس الملك عام 1966 منحتنا إدارة النادي مكافأة مالية عبارة عن ثلاثة آلاف ريال وهي تساوي قيمة أرض سكنية في مخطط بدر بمكة المكرمة، كما كان هناك دعم المحبين والمعجبين الذين كانوا يعطوننا جنيه ذهب وهو يساوي تقريبا أربعين ريالاً، ومن أكثر الأشخاص الذين كانوا يدعمونني في تلك الفترة رئيس مطوفي حجاج إندونيسيا العم صدقة عبد المنان الذي كان يغمرني بحبه لي شخصيا حتى في التدريبات متى ما أسجل هدفا أثناء المناورة أذهب مباشرة صوب المدرجات لأجده يناولني في يدي جنيه ذهب، لذلك حرصت على عمل جيب داخل الشورت بسحاب من أجل جمع الجنيهات (قالها وهو يضحك).

* هل تتذكر هتافات المشجعين لتحفيزكم في التدريبات والمباريات؟

- أكيد بل إنني أتناغم داخل نفسي كلما تذكرت صوت العم حسين أبو الريش وهو شخص معروف في مكة بإنارة الأتاريك والمصابيح في أحياء مكة، عندما كان في المدرج يصدح بصوته عاليا لتشجيعي ويقول (فنان يا بصيري) على أي لمسة فنية أو حركة أقوم بها سواء في التدريب أو المباراة.

* حدثنا عن ذكرياتك مع لاعب الاتحاد سعيد غراب؟

- لي مع اللاعب الكبير سعيد غراب ألف حكاية وحكاية، فهذا اللاعب من وجهة نظري لم تنجب مثله الملاعب السعودية حتى الآن لما يملكه من حلول فردية وقوة بدنية وإمكانيات عالية في جميع النواحي، لذلك تعجز أن توقفه بأي حال من الأحوال وعليك أن تتخذ طرقا أخرى خارج إطار اللعب من أجل نرفزته وإبعاده عن جو المباراة، ولكوني كنت مكلفا بمراقبته في المباريات كنت أخصص يوم المناورة لفريق الاتحاد مع زميلي في الفريق جميل فرج لزيارة مقر نادي الاتحاد بجدة بالدباب كوسيلة مواصلات لأنه لم تكن معنا سيارة خاصة وذلك بهدف مشاهدة التدريبات بكل دقة ومعرفة المهمات التي يطلبها المدرب من سعيد غراب، وكنا نحرص على أن نكون متلثمين «بالشماغ ولابسين نظارات سوداء» حتى لا تعرفنا الجماهير، وبعدها نحاول أن نتجسس عليه ومعرفة تحركاته الخاصة في الحارة أو مع الأصدقاء وجمع أكبر معلومات عنه، كي تكون داعمة لي حينما أحاول أن أشتت تركيزه عن المباراة وذلك بسردها بطريقة مستفزة لكي أخرجه عن «طوره» حتى إنني كنت أراقبه مثل ظله حتى عندما كان يخرج للحظات من المباراة أنتظره حتى يعود إضافة إلى أن جماهيرنا كانت تساعدني على الهتاف بأهازيج محفزة لي لإيقاف سعيد غراب، وربما كان هدوؤه سببا كبيرا في التغلب على المعاناة التي يجدها مني أثناء المباراة، حيث دائما يكون أحد الأسباب الرئيسية في حالة فوز فريقه علينا.