العاهل المغربي يعفو عن 190 من السجناء ضمنهم سياسيو «خلية بلعيرج» ومعتقلو «السلفية الجهادية»

الإفراج المؤقت عن نشطاء صحراويين اتهموا بالتخابر مع جهات أجنبية

TT

أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس عفوا عن 190 سجينا، من بينهم معتقلون سياسيون وإسلاميون، وسجناء الحق العام.

ويشمل الإعفاء مما تبقى من العقوبة السالبة للحرية 96 سجينا، وتحويل عقوبة الإعدام إلى السجن المحدد لفائدة 5 سجناء، وتحويل عقوبة السجن المؤبد إلى السجن المحدد لفائدة 37 سجينا، والتخفيض من العقوبة السالبة للحرية لفائدة 52 سجينا، وذلك استجابة لملتمس عفو تقدم به المجلس المغربي لحقوق الإنسان.

وفي غضون ذلك، أفرجت السلطات المغربية أمس عن المعتقلين السياسيين الخمسة الذين تمت محاكمتهم بتهمة التورط في قضايا الإرهاب ضمن ما يعرف بـ«شبكة بلعيرج». وهم المصطفى معتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الإسلامي، ومحمد الأمين الركالة الناطق الرسمي للحزب، ومحمد المرواني أمين عام حزب الأمة غير المرخص له، والعبادلة ماء العينين القيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامية، وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني في الرباط، الذين اعتقلوا عام 2008 مع 23 متهما آخر ضمن ما يعرف بـ«خلية بلعيرج» الإرهابية، التي اتهمت بالتخطيط لتنفيذ أعمال تخريب واغتيالات سياسية، وصدر في حق زعيمها عبد القادر بلعيرج، الذي كان يقيم في بلجيكا حكم بالمؤبد، في حين حكم على المعتقلين السياسيين الخمسة بأحكام بالسجن تتراوح بين 20 و25 عاما، قبل أن يتم تخفيف المدة إلى عشر سنوات في مرحلة الاستئناف، في يوليو (تموز) الماضي. كما تم الإفراج عن عبد العزيز حاضي، أحد السجناء المنتمين لما يعرف بـ«السلفية الجهادية».

وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال لقاء صحافي عقد أمس بالرباط حضره المعتقلون الستة المفرج عنهم، أن عملية الإفراج عن المعتقلين ستتواصل طيلة أمس، وتشمل 14 من معتقلي السلفية الجهادية، من بينهم الشيخان محمد الفزازي، وعبد الكريم الشاذلي، على أن تتم تسوية باقي ملفات المعتقلين بالتدريج. كما أعلن أمس عن منح الإفراج المؤقت للنشطاء الصحراويين علي سالم التامك، وإبراهيم دحان، وأحمد الناصري، المتهمين بالتخابر مع جهات أجنبية ضمن ما يعرف بـ«مجموعة التامك»، حيث سبق أن زاروا مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، والتقوا بقيادات عسكرية في جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن المغرب.

وفي هذا السياق، قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن هذا الإجراء المهم يدخل في إطار تحقيق انفراج سياسي، وتعزيز إجراءات الثقة، خاصة أن المغرب فتح مشاريع إصلاح متعددة كان آخرها مشروع الإصلاح الدستوري.

وأضاف الصبار أن هذه «الإجراءات التي لا يمكن إلا أن يبتهج لها الجميع، والتي لا يكمن أن ينكرها إلا جاحد، تبرز أن هناك إرادة ملكية قوية في تعزيز قيم حقوق الإنسان، وتأسيس دولة المواطنة، وإشاعة العدالة والإنصاف»، مشيرا إلى أنه لم يسبق أن عرف العفو بالمغرب، سواء كان خاصا أو خلال مناسبات، تخفيض عقوبة الإعدام إلى عقوبة السجن مدة 15 عاما. وزاد قائلا «هذا اليوم سيظل يوما تاريخيا بالنسبة للمجلس وبالنسبة لبلدنا والأوساط الديمقراطية ومناصري حقوق الإنسان».

وأوضح الصبار أن الإفراج عن المعتقلين جاء ثمرة لمجهود عائلات المعتقلين وعدد كبير من المناضلين والجمعيات الحقوقية، وأن طلب العفو الملكي الذي تقدم به المجلس وجد تفهما من الدوائر العليا والمسؤولين الذين كانت لهم علاقة بالملف.

وردا على سؤال حول مصير ملفات باقي المعتقلين، قال الصبار إن المجلس سيواصل عمله من أجل تصفية الأجواء ومتابعة كل ملف تبين أن صاحبه كان ضحية محاكمة غير عادلة.

من جهته، شكر معتصم في مداخلة مقتضبة، خلال اللقاء الصحافي، هيئة الدفاع، ووصفهم بـ«الرجال الأشاوس الذين لم يبخلوا علينا بأي شيء للدفاع عن براءتنا ومواجهة المؤامرة التي حيكت ضدنا»، على حد تعبيره. كما شكر أسر وعائلات المعتقلين والجمعيات الحقوقية والإعلام المستقل «الذين لعبوا دورا أساسيا في عدم طمس قضيتنا». كما وجه معتصم الشكر إلى حركة 20 فبراير.

وفي السياق ذاته، قال محمد المرواني، في مداخلة حماسية تخللتها شعارات صاخبة من أعضاء حركة 20 فبراير الشبابية، خلال لقاء صحافي آخر عقده المعتقلون الخمسة أمس بمقر هيئة المحامين بالرباط، إنه مستعد للعودة إلى السجن من أجل إطلاق سراح باقي المعتقلين، فالاعتقال لا يخيفه لأنه «مجرد حادث شغل سياسي». وأضاف «لن نرتاح حتى يخرج من السجن كل مظلوم». وتوجه المرواني بالشكر إلى الشعبين التونسي والمصري، وإلى حركة 20 فبراير التي «كسرت الحواجز»، على حد قوله. ووعد شباب الحركة بمواصلة النضال برفقتهم حتى تتحقق جميع مطالب الشعب المغربي.