مفاعلات تعود إلى فترة تشرنوبيل لا تزال في الخدمة وتوفر الطاقة لنصف روسيا

أسرار جديدة في الذكرى الـ25 للانفجار.. و80% من الروس يخشون تكرار الكارثة

TT

مع حلول الذكرى الخامسة والعشرين لانفجار المفاعل الرابع في محطة تشرنوبيل النووية غدا الموافق السادس والعشرون من أبريل (نيسان)، أعلن مركز استطلاعات الرأي العام لعموم روسيا عن أن 80 في المائة من المشاركين في الاستطلاع الذي أجراه المركز بهذه المناسبة يعربون عن مخاوفهم من تكرار هذه الكارثة. وكشف الاستطلاع أيضا عن أن 25 في المائة من أبناء روسيا تضرروا من جراء تبعات الانفجار سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في الوقت الذي أعلن فيه 85 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي عن عدم رغبتهم في الإقامة على مقربة من أي مواقع أو محطات نووية.

وكانت الكارثة أسفرت في حينها عن تلوث مساحات شاسعة بلغت مئات الألوف من الكيلومترات المربعة من أراضي أوكرانيا وروسيا وبيلاروس و19 من الأقاليم الأخرى في الاتحاد السوفياتي السابق وتضرر الكثيرون من أبناء هذه المناطق. وقد خلص العلماء آنذاك إلى ضرورة تشييد الغطاء الخراساني المسلح لعزل المفاعل الرابع وهو الغطاء الذي كشفت الدراسات والمراجعات العلمية الأخيرة عن إصابته بالشقوق وتحلل بعض أجزائه بعد 25 عاما من بنائه مما جعلهم يعكفون اليوم على دراسة استبدال به منشأة أخرى أكثر عصرية.

وكانت موسكو أماطت اللثام عن محضر اجتماع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي في 3 يوليو (تموز) 1986، أي بعد وقوع الكارثة بسبعة وثلاثين يوما وتصدرت صفحته الأولى كلمات «سري جدا» و«تسجيل غير رسمي من نسخة واحدة»، وجاء فيه أن المفاعل الرابع من طراز «آر بي إم كي-100» كان يشوب تصميمه عدة سلبيات فنية لم يجر رصدها في حينه. واعترفت موسكو أن بعض هذه المفاعلات لا يزال في الخدمة حتى اليوم وقالت إنها تكفل توليد 50 في المائة من الطاقة المستخدمة في روسيا.

ويذكر الكثيرون من أبناء الاتحاد السوفياتي أن الكارثة النووية المريعة ظلت طي الكتمان لعدة أيام حاولت خلالها القيادة الحزبية الإبقاء على تفاصيلها طي الكتمان وخداع العالم الذي سرعان ما دق نواقيس الخطر بعد أن بلغت سموات بلدان شمال أوروبا السحب المحملة بالإشعاعات النووية. وكانت السلطات المحلية وتحت ستار من الكتمان والسرية سارعت بتوفير 1200 حافلة لنقل ما يقرب من 50 ألفا من سكان بلدة بريبيات المجاورة للمحطة والسكان الموجودين في محيط 30 كلم من المكان إلى خارج ما وصفوه آنذاك بالمنطقة الملوثة.

ورغم انتشار الخبر كالنار في الهشيم حرصت القيادات الرسمية على عدم إذاعته، بل ومضت إلى ما هو أبعد حين قررت وإمعانا في محاولات الخداع والكذب، عدم إلغاء احتفالات أعياد أول مايو (أيار) والسماح بخروج المظاهرات التي ضمت ممثلي كل الطوائف مع أطفالهم إلى شوارع كييف عاصمة أوكرانيا وكأن شيئا لم يكن، وهو ما فاقم من تبعات تأثر الكثيرين بالإشعاعات التي كانت تنبعث من المفاعل على مقربة. ومن المثير والطريف معا أن حملات الخداع والتمويه التي شابت التغطية الإعلامية لكارثة تشرنوبيل جاءت في أعقاب إعلان الرئيس السوفياتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف لسياسات الجلاسنوست أو الشفافية والعلانية والبيريسترويكا، أي سياسة إعادة البناء التي كانت في صدارة أسباب الانفلات القومي واندلاع الصحوة الوطنية والدينية وتشكيل الجبهات والحركات السياسية التي رفعت الشعارات الانفصالية والاستقلال التي عجلت بانهيار الاتحاد السوفياتي السابق بعد أقل من ست سنوات.