صراع «الكلاسيكو» بين برشلونة وريال مدريد ينتقل إلى الساحة الأوروبية

الحرب النفسية تحتدم بين قطبي إسبانيا قبل ساعات من مواجهة الذهاب لنصف نهائي دوري الأبطال

TT

تنتقل سلسلة مواجهات «الكلاسيكو» بين برشلونة الإسباني ومواطنه ريال مدريد من الملاعب المحلية إلى الساحة القارية، عندما يتواجهان اليوم، الأربعاء، في ذهاب نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم على ملعب «سانتياغو برنابيو» في مدريد.

وكانت السلسلة الرباعية بين الغريمين التقليديين انطلقت في مسابقة الدوري، حيث تعادلا (1/1) ليحقق برشلونة النقطة المعنوية الأولى ويحافظ على فارق النقاط الـ8 التي تفصله عن غريم، ويقطع شوطا كبيرا للمحافظة على لقبه. لكن في الثانية ضرب ريال بقوة وفاز (1/0) بهدف لنجمه البرتغالي كريستيانو رونالدو في الوقت الإضافي على ملعب «ميستايا» في مدينة بلنسية ليحرز لقب كأس الملك. ويقدم برشلونة مستويات خارقة محليا وأوروبيا، لكن ريال بقيادة مدربه البرتغالي جوزيه مورينهو الذي أحرز أول ألقابه مع الفريق الملكي في الكأس عرف كيف يقتنص الفوز من غريمه ولو جاء ذلك على حساب اللعب الاستعراضي الذي يجيد برشلونة تأديته في ظل وجود لاعب وسطه العبقري ليونيل ميسي، متصدر ترتيب هدافي المسابقة هذا الموسم (9 أهداف). وبعد إحرازه لقب الكأس المحلية في دولة رابعة مختلفة بعد البرتغال وإنجلترا وإيطاليا، يأمل مورينهو هذه المرة قيادة «الفريق الملكي» نحو النهائي ليحرز لقبه القاري العاشر معززا رقمه القياسي، وليصبح أول مدرب يحرز اللقب القاري مع 3 أندية مختلفة بعدما توج بها مع بورتو البرتغالي عام 2004، وإنتر ميلان الإيطالي العام الماضي.

ويبدو أن ريال تخلص من شبح الخسارة المدوية التي تلقاها في ذهاب الدوري (5/0)، من خلال اعتماده خطة محكمة، تعتمد على سرعة رونالدو في الهجمات المرتدة بدعم دفاعي في الوسط من البرازيلي بيبي، وهجومي من الألماني مسعود أوزيل، والجناح الأرجنتيني الخطير أنخل دي ماريا.

وقال مورينهو: «يمكننا التغلب عليهم في دوري الأبطال لأننا تعادلنا معهم في الدوري ثم فزنا عليهم في الكأس».

ويصب التاريخ في المسابقة القارية لمصلحة ريال في المواجهتين السابقتين؛ في نصف النهائي عامي 1960 و2002 عندما توج لاحقا باللقب.

وبعد فوزه الأخير في الكأس، رفع ريال رصيده في المواجهات المباشرة إلى 86 فوزا، مقابل 82 لبرشلونة و43 تعادلا.

وهذه المرة الـ22 التي يخوض فيها ريال الدور نصف النهائي، بعد خروجه 6 مرات متتالية من دور الـ16، كما أنه سيحاول بلوغ النهائي الثالث عشر في تاريخه.

ويخوض برشلونة، حامل لقب 1992 و2006 و2009، الدور نصف النهائي للمرة الرابعة على التوالي، ويأمل مدربه جوسيب غوارديولا التأهل إلى النهائي بعدما خرج الموسم الماضي أمام مورينهو تحديدا عندما كان الأخير على رأس إنتر ميلان.

وأقر غوارديولا أن فريقه بدأ يتأثر من طول مدة الموسم وقال: «لن نذهب إلى مدريد في لياقة مثالية، لكننا سنذهب مع حماسة الفوز، ونحن نؤمن للغاية بقدراتنا».

وكان لافتا اعتبار غوارديولا أن «ريال مدريد مرشح للفوز، لكننا سنذهب إلى برنابيو لنهاجم ونسجل الأهداف، ونسعى إلى الفوز في اللقاء».

محليا، هزم الفريق الكتالوني أوساسونا (2/0) السبت الماضي في حين سحق ريال مضيفه بلنسية القوي (6/3) في مباراة سجل فيها الأرجنتيني العائد غونزالو هيغوين ثلاثية، والبرازيلي كاكا ثنائية، ليبقى فارق النقاط الـ8 مسيطرا لصالح الأول.

وأراح مورينهو أمام بلنسية البرازيلي بيبي، وشابي ألونسو، ورونالدو، لكنه سيفتقد أمام برشلونة قلب دفاعه البرتغالي ريكاردو كارفاليهو الموقوف.

وسجل ميسي هدفه الـ50 هذا الموسم أمام أوساسونا، وبات الأرجنتيني أول لاعب يسجل 50 هدفا في موسم واحد في إسبانيا في مختلف المسابقات، فحطم رقم المجري الشهير فيرينك بوشكاش الذي سجل 49 هدفا في موسم 1959 - 1960 في صفوف ريال مدريد.

وتوزعت أهداف ميسي على جميع المسابقات (31 في الدوري و7 في الكأس المحلية و3 في كأس السوبر و9 في دوري أبطال أوروبا). كما يتنافس ميسي مع رونالدو على صدارة هدافي الدوري الإسباني، إذ يملك الثاني 29 هدفا.

ويبدو ملعب برنابيو مسرحا جيدا لميسي، إذ نجح في هز الشباك في زياراته الـ3 الأخيرة، حيث حقق برشلونة فوزين وتعادلا واحدا في زياراته الأخيرة إلى العاصمة. وسيكون بإمكان برشلونة مجددا التعويل على المهاجم ديفيد فيا بعد أن أنهى أمام أوساسونا صياما عن التسجيل لمدة 11 مباراة في جميع المسابقات.

لكن برشلونة يعاني من عدة إصابات في خط دفاعه، على غرار الظهيرين البرازيليين أدريانو وماكسويل، والأرجنتيني غابريال ميليتو، والفرنسي إريك أبيدال، وقائد الفريق كارلوس بويول.

وتقتصر إصابات ريال على لاعب الوسط الألماني سامي خضيرة الذي تعرض لإصابة في الفخذ وسيغيب عن الملاعب حتى نهاية مايو (أيار) المقبل، بحسب فحص طبي خضع له.

وسيكون بإمكان لاعب الوسط أندريس إنييستا المشاركة في المباراة بعدما قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عدم فرض عقوبة إضافية على الدولي الإسباني.

وأكد الاتحاد الأوروبي للعبة النبأ بإعلانه إغلاق التحقيق التأديبي الذي كان فتحه بحق إنييستا لفرض عقوبة لمباراة إضافية بحقه على اعتبار أنه تعمد نيل بطاقة صفراء في ذهاب ربع النهائي أمام شاختار دانييتسك الأوكراني كي يغيب عن لقاء الإياب وينظف سجله من البطاقات الصفراء، بحسب ما جاء في تقرير مراقبي المباراة.

وقال إنييستا إنه يحلم بخوض المباراة النهائية: «أنا أحلم بالذهاب إلى ويمبلي. يجب أن نفكر في التسجيل (ذهابا) ثم سيقودنا جمهورنا إلى ويمبلي».

وبعيدا عن الملعب احتدمت الحرب النفسية بين الفريقين قبل ساعات من المواجهة، أولا الحكم، بعد ذلك أرضية الملعب، ثم خشونة ريال مدريد، وبعدها «تمثيل» لاعبي برشلونة، وكذلك التحيز الذي لا يريده أحد: في النهاية، يبدو أن مباراة «الكلاسيكو» قد انطلقت بالفعل.

ستكون هذه المباراة الثالثة بين عملاقي الكرة الإسبانية في غضون 10 أيام، ووفقا للتوقعات ستكون أكثرها قوة. وكانت الأجواء قبل المباراتين السابقتين هادئة نسبيا، بتصريحات متزنة للمدربين واللاعبين، لكن بعد فوز ريال مدريد بهدف واحد في نهائي بطولة كأس الملك اختلف شيء ما.

وكان أول من جهر بالصوت هو غوارديولا، المدير الفني لبرشلونة، فالرجل الذي عادة ما يكون معتدلا في تصريحاته، لفت الانتباه في مؤتمر صحافي بعد أن عمد لارتداء عباءة الضحية، وإظهار السخرية تجاه قرارات تحكيمية يفترض أن ريال مدريد قد استفاد منها، ومن بينها تسلل على فريقه ثبتت صحته.

وقال: «الجميع يرون ريال مدريد مرشحا ومتأهلا إلى المباراة النهائية، أعتقد أن الأمر كذلك لأنه فاز بالكأس ولأنه فريق جيد لديه قائمة كبيرة من اللاعبين على أعلى مستوى».

وتحدث غوارديولا أيضا عن الحكم البرتغالي بدرو بروينسا، الذي كان قد اختير حينها لإدارة مباراة اليوم، حيث قال إن مدرب ريال مدريد جوزيه «مورينهو سيكون سعيدا جدا» بهذا القرار.

وتم الرد على ذلك التلميح بعد إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) تعيين الألماني فولفغانغ شتارك لإدارة المباراة. ولم تتأخر صحافة مدريد في التنبيه إلى أن هذا الحكم «معجب بليونيل ميسي» نجم برشلونة.

كما لفتت الانتباه تصريحات لاحقة للاعب وسط برشلونة الشاب سيرجيو بوسكيتش، الذي سار على نهج مدربه، وأكد أن «ريال مدريد هو المنافس الأسوأ».

وكان الكل ينتظر رد ريال مدريد، فخرج إلى المشهد سيرجيو راموس، أحد الرجال الأقوياء في قائمة النادي الملكي والأقل تمتعا بتعاطف جماهير برشلونة.

رد راموس جاء قاطعا، أولا لأنه تحدث عن «تمثيل» الفريق الكتالوني للرد على من يتهمون ريال مدريد باللعب العنيف، وثانيا لأنه رفض اعتبار فريقه المرشح الأقوى للفوز، وأخيرا لأنه رد على غوارديولا.

وأكد راموس: «نحن لسنا المرشحين على الإطلاق، لأنني لا أعتقد أن ذلك قد يفيدنا في شيء. إذا كان هناك ما قد أوصلنا إلى النجاح فسيكون البساطة والتواضع والعمل. وتلك هي القيم التي لا بد من استحضارها».

وأعرب الظهير الأيمن الدولي عن انزعاجه من التصريحات التي أدلى بها غوارديولا، بعد شكوى مدرب برشلونة من عدم احتساب هدف للاعبه بدرو في مباراة نهائي الكأس لأنه كان متسللا «لبضعة سنتيمترات فقط».

وقال مدافع ريال مدريد في ما يعد ردا على ذلك التصريح: «أتمنى أن تكون مباراة (الأربعاء) نظيفة وهادئة ومتسمة بالروح الرياضية، وأن لا يكون هناك تمثيل، وأن يتولى إدارتها حكم لا يفيد فريقا أو يضر آخر. هناك من انتقد قبل يومين قرارا صحيحا شهدته المباراة النهائية، وذلك كان الموضة الأحدث».

بدوره حذر النجم الهولندي يوهان كرويف، لاعب ومدرب برشلونة السابق، في عموده بصحيفة «البيريوديكو دي كتالونيا» من أن «برشلونة ليس عليه الدخول في معارك كلامية».

وقال كرويف منبها غوارديولا: «ليس ذلك أسلوب الفريق، وسيخسر دائما لو اتبعه، لا يجب عليك القلق ممن سيتولى تحكيم اللقاء، أو ما إذا كان عشب الملعب مرتفعا، إذا كان عليك القلق، فلتفعل لخلق عمق في صفوف فريقك».

ويبدو أنه قبل المباراة الخططية، بدأ قطبا الكرة الإسبانية المعركة النفسية.