أردوغان يطالب الأسد بوقف «سفك الدماء»

مصادر في أنقرة لـ «الشرق الأوسط»: نمارس دور الصديق الصدوق

سوريون يعيشون في اليونان يشاركون أمس في مظاهرة احتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
TT

واصلت تركيا ممارسة الضغوط على سورية من أجل حثها على تحسين الأداء فيما يخص الأزمة القائمة. واتصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هاتفيا، أمس، بالرئيس السوري بشار الأسد مطالبا إياه بـ«حقن الدماء»، بينما أشارت مصادر تركية إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين «لم تتأثر نظريا» جراء الانتقادات التركية لـ«التمادي في القمع». وقالت مصادر في رئاسة الوزراء التركية لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تمارس دور «الصديق الصدوق الذي يريد مصلحة صديقه»، مشيرة إلى أن استمرار المسار الحالي في سورية من شأنه أن يؤدي إلى «ما لا تحمد عقباه». وقالت المصادر إن «الانزعاج السوري من (النصائح التركية) غير مبرر، فالمشكلة مشكلتهم، والأداء الذي يقومون به يسهم في تفاقمها».

وقد رفعت الحكومة التركية «الملف السوري» إلى رأس جدول أعمال جلستها التي عقدت، أمس، كما قالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة استدعت سفيرها في دمشق عمر أونهون للمشاركة في جلسة خاصة سوف يعقدها مجلس الأمن القومي التركي يوم الخميس لمناقشة الوضع في سورية.

وأفاد مصدر رسمي تركي بأن أردوغان «أعرب عن بالغ قلقه من تنامي الاضطرابات وحدة المظاهرات في سورية وما ينجم عنها من ضحايا بشرية». وقال المصدر إن الطرفين تبادلا الآراء حول سبل الحد من هذه الاضطرابات. وقال إن أردوغان شدد على ضرورة حل أزمة الشارع السوري بالطرق السلمية ودون سفك مزيد من الدماء. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وأردوغان طالبا أول من أمس العقيد معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد بوقف الهجمات ضد المحتجين المدنيين.

ودعا الزعيمان، خلال اتصال هاتفي ناقشا فيه التطورات الإقليمية، وخاصة الوضع في ليبيا وسورية، العقيد معمر القذافي إلى التنحي و«مغادرة ليبيا» بشكل دائم حتى يكون هناك حل دائم يعبر عن إرادة الشعب الليبي، حسبما ذكر بيان صادر عن البيت الأبيض.

من جهة أخرى، أكد أوباما وأردوغان أن استخدام العنف من قبل الحكومة السورية ضد شعبها هو أمر «غير مقبول». وكان السفير أونهون التقى أول من أمس رئيس الوزراء السوري عادل سفر، ونقل إليه موقف تركيا من الأزمة. معربا لسفر عن «شعور تركيا بالقلق والأسف من تصاعد التوتر في سورية»، مكررا الدعوة لـ«إعطاء الأولوية للمطالب المشروعة للشعب السوري وتفعيل أعمال الإصلاحات»، كما شدد على «ضرورة الابتعاد عن استخدام القوة المفرطة وعن الممارسات التي من شأنها تصعيد الأحداث».

وتتواصل في تركيا الضغوط الداخلية على أردوغان وفريق عمله من أجل «ممارسة المزيد من الضغوط على حليفه السوري»، بينما شهدت اسطنبول وأنقرة مساء أول من أمس مظاهرات مؤيدة للشعب السوري ومطالبة برحيل الأسد. واعتصم أعضاء في جماعة حقوق الإنسان الإسلامية احتجاجا على قتل الناس في سورية، خارج السفارة السورية في أنقرة. ونظمت الجمعيات التركية لحقوق الإنسان مظاهرة أمام القنصلية السورية في اسطنبول. ووصل بعض المتظاهرين في منطقة المظاهرة عقب صلاة العشاء في مسجد تسفيكيه، بينما تجمع آخرون. وهتف المتظاهرون «تحيا الانتفاضة» حاملين لافتات تدعو الأسد إلى الرحيل. وأفيد بأن مجموعة من الطلاب السوريين انضمت أيضا إلى الاحتجاج.

وقال مراد أوزير، إن «الدبابات التي لم يتم إرسالها إلى هضبة الجولان تستهدف الشعب السوري، وإراقة الدماء. الأسد هو الذي خلق مجزرة وتشويه الواقع عن طريق إعطاء معلومات خاطئة عن عدد من القتلى».

في غضون، ذلك اجتمع عشرات المنشقين السوريين في المنفى، أمس، في اسطنبول لمطالبة الحكومة السورية بوقف القمع فورا في بلادهم وتطبيق إصلاحات عميقة بدءا بإقامة التعددية الحزبية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وشارك نحو 40 شخصا وفدوا من بريطانيا وفرنسا ومصر في منتدى اسطنبول الذي يفترض أن يختتم اليوم بإصدار إعلان مشترك على ما أعلن رجل الأعمال غازي مصرلي وهو تركي، سوري الأصل وعضو في اللجنة التنظيمية.

وقال مصرلي، إن «المجتمعين هنا متفقون على النقاط التالية: وقف إطلاق النار فورا والانتقال إلى التعددية الحزبية وضمان حرية الصحافة».

وقال وليد صفور، رئيس لجنة حقوق الإنسان في سورية التي تتخذ مقرا لها في لندن، إن «المشاركين يمثلون جميع التيارات الدينية والطائفية والسياسية وحتى العلويين طائفة النظام الحاكم نفسه». وتابع: «الجميع متفق على نقطة واحدة هي أن هذا النظام فاسد وينبغي إصلاحه بالعمق أو إفساح المكان لغيره»، مؤكدا أنه يناضل على غرار المشاركين الآخرين من أجل حياة ديمقراطية بالكامل في سورية.

إلى ذلك، قالت نقابة سائقي الترانزيت التركية، إن الاضطرابات الأخيرة في سورية أعاقت إلى حد كبير حركة نقل البضائع إلى سورية وعبرها إلى الأردن ولبنان. وأشارت النقابة إلى أن العلاقات التجارية التركية مع سورية تضررت بشدة بسبب الاضطرابات في البلاد.

ولم تتمكن الشاحنات التركية من اجتياز الحدود من بوابة نسيب، بين الأردن وسورية، كما اضطرت نحو 300 شاحنة مقطورة التركية، إلى الانتظار وقتا طويلا في درعا على الحدود قبل عبورها إلى الأردن لتفريغ حمولتها.