المستشار هشام البسطويسي: هدفي استعادة مكانة مصر في العالم.. ووضع مفهوم محدد للأمن القومي العربي

مرشح للرئاسة في مصر لـ«الشرق الأوسط»: لا بد من إعادة التفاوض بشأن معاهدة السلام حول السيادة المصرية المنقوصة على سيناء

المستشار هشام البسطويسي في حواره مع «الشرق الأوسط» (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

قال المستشار هشام البسطويسي، الذي يرغب في الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية، إن هدفه من وراء اعتزام الترشح «استعادة مكانة مصر في العالم» و«وضع مفهوم محدد للأمن القومي العربي». وعن موقفه من اتفاقية كامب ديفيد، التي وقعتها مصر مع إسرائيل قبل نحو 30 عاما، قال في حوار لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة: إن البنود المجحفة في حق مصر لا بد أن يعاد النظر فيها وتتم إعادة التفاوض بشأنها، ووصف السيادة المصرية على سيناء بـ«المنقوصة».

وأضاف البسطويسي، وهو يعمل قاضيا ونائبا لرئيس محكمة النقض، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن فلسفة برنامجه، الذي يعتزم الترشح بناء عليه، تقوم على «الإنسان في المقام الأول»، وتحقيق العدالة له في جميع الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، مشددا على أنه لا خطورة على مصر من تصاعد أي تيار سواء أكان دينيا أم غير ديني، بشرط الالتزام بالدستور والقانون وممارسة الحياة السياسية في إطارهما، قائلا إن الديمقراطية والحوار وحرية التعبير هي الأشياء التي تمنع التطرف.

وتحدث البسطويسي، المولود عام 1951، عن المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، بقوله: إن كثيرا من المسيحيين المصريين غير معترضين عليها، مشيرا بقوله: إن نظام الحكم السابق كان يقوم بمحاولة استعمال هذه المادة الدستورية لخلق خلاف حول بعض المفاهيم لإثارة الفتنة ولشغل الناس عن المطالبة بحقوقهم في الديمقراطية ومواجهة الفساد.

وأعرب البسطويسي، المتخرج في كلية الحقوق بالقاهرة عام 1976، عن اعتقاده أن ثورة «25 يناير»، التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، هي امتداد لثورة 23 يوليو (تموز) التي قام بها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1952، وامتداد كذلك لنضال المصريين طوال القرون الماضية، قائلا إنه لا يفكر في الانضمام لحزب سياسي أو تأسيس حزب جديد، لافتا إلى حاجة المصريين لرئيس يحقق لهم العدل الاجتماعي والإنساني والسياسي والقضائي.. وإلى تفاصيل الحوار..

* كيف ترى المشهد الراهن في مصر؟

- هناك ثورة بلا شك، وهي ثورة شعبية جديدة من نوعها على مصر وعلى مستوى العالم كله؛ فلهذه الثورة خصائص جديدة، منها أنها سلمية لولا اعتداء البلطجية على المتظاهرين، كما أنها كانت حريصة على أن تكون ثورة إنسانية. وكان الناس ينظفون أماكن وجودهم، كما أن من أهم سمات هذه الثورة أنها لم يكن لها قائد ولم يكن هناك أي حزب أو جماعة تقودها، وإنما شاركت فيها طوائف الشعب كلها، ومن ضمن سماتها أيضا أن الثورة عادة تخلع الحاكم وتتولى هي الحكم، وهذا لم يحدث، وإنما تولى الحكم المجلس العسكري، وهو ليس من الثوار، وحتى الآن لم تكتمل الثورة، ولم تحقق كل مطالبها، لكن تم التوافق على مجموعة من القرارات وهي أن تجري انتخابات برلمانية وبعدها جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد ثم انتخابات رئاسية، وفى الوقت نفسه يتم تطهير البلاد من القوى التي تحاول الضغط على الثورة بعمل مشكلات متعلقة بالأمن وعمل فتنة بين الجيش والشعب وبين المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى الضغط الاقتصادي.. فكثير من المؤسسات الاقتصادية التي حبس أصحابها أصبحت تتوقف عن الإنتاج أو تتباطأ فيه من دون مبرر للضغط من أجل الإفراج عن أصحابها وهذا تحدٍّ كبير أمام الحكومة وأمام المجتمع، وأنا على ثقة من نجاح الثورة وأن كل محاولات القوى المضادة لن تفلح إلا لكسب الوقت فقط، لكن الثورة ستكتمل وتحقق مطالبها كلها.

* من وجهة نظرك، ما أهم الأسباب التي دفعت المصريين للثورة؟

- الديكتاتورية والفساد اللذان عما البلاد كلها في المؤسسات كلها؛ فمصر كانت قد وصلت إلى الصفر في كل شيء، وهناك بوادر للثورة منذ عام 2004 بدأت مع حركة كفاية ثم حركة القضاة والمطالبة باستقلال القضاء ونزاهته وكشف تزوير الانتخابات وكشف تدخل الدولة في العدالة والقضاء، مرورا ببعض الوقائع التي حدثت مؤخرا مثل التعذيب ومقتل خالد سعيد، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية وعدد الفقراء الذين يزيدون فقرا كل يوم، ثم انتخابات البرلمان في 2010 والاستخفاف بإرادة الشعب والمعارضة.. هذا كله كان يشكل استخفافا للناس مع مشروع التوريث (للحكم) الذي كان قائما بشدة.

* ماذا كان شعورك أثناء متابعتك للأحداث منذ بداية الثورة؟

- توقعت منذ عام 2006 أن هناك ثورة مقبلة، وحذرت الرئيس السابق في أحاديث صحافية ومقالات من أن الثورة مقبلة وأنه يمكن تدارك الموقف بعمل إصلاحات وكنت قد كتبت مقالا في شهر يونيو (حزيران) 2008 قلت فيه إن جماهير الشعب المصري ستثور وستسقط النظام.

* في أحد تصريحاتك قلت إن ثورة «25 يناير» هي استكمال لثورة 23 يوليو 1952، كيف ترى ذلك؟

- هي ليست امتدادا لثورة يوليو، لكن ثورة «25 يناير» غير منفصلة عما سبق؛ فهي ليست بداية تاريخ جديد، فلا يوجد شعب يبدأ من جديد ويلغي تاريخه، فالشعوب لها حلقات نضال متصلة وتستفيد من تجاربها السابقة. ومن أكبر الأخطاء أن نحاول إلغاء ذاكرة الشعب؛ فثورة «25 يناير» هي حلقة من حلقات نضال الشعب المصري وهي تصحح ثورة يوليو، ولكن لا تلغيها، فثورة يوليو لها إنجازات وأخطاء تسعى الآن ثورة «25 يناير» لتصحيحها، فثورة يوليو صادرت الديمقراطية والآن نحاول إرساء مبادئ الديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان التي أهدرت في بعض الفترات. وثورة يوليو عملت على إقامة عدالة اجتماعية ولكن من دون ضمانات كافية. وتمت مصادرة إنجازات العدالة الاجتماعية والانقلاب على حقوق العامل والفلاح بعد وفاة (الرئيس المصري الراحل جمال) عبد الناصر. وتسعى الثورة الآن لتصحيحها، فثورة «25 يناير» هي استكمال لثورة يوليو التي كانت امتدادا لنضال (زعماء مصريين في القرون الماضية، مثل) مصطفى كامل ومن قبله أحمد عرابي وهكذا، فكلها حلقات في التاريخ المصري.

* كيف يمكن تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية الآن مع اختلاف الظروف والمتغيرات كلها؟

- ما يحدث الآن هو أن مفهوم العدالة الاجتماعية يطرح بصور مختلفة من خلال المرشحين والأحزاب، وفي النهاية سيختار الناس المنهج الذي يرون أنه الأمثل.

* لكن الفكر الرئيسي لمرحلة ما بعد ثورة 23 يوليو كان «الاشتراكية»، فما الوضع الآن؟

- العدالة الاجتماعية ليست بالضرورة أن ترتكز على مفهوم محدد، وليس ضروريا أن يكون المجتمع اشتراكيا.. فيمكن أن نحقق عدالة اجتماعية في ظل السوق الحرة. وفي النهاية فإن الاختيار للجماهير.

* تلاحق الثورات العربية الذي نشهده الآن.. كيف ترى تأثيره على المنطقة؟

- هذا طبيعي جدا؛ لأن أغلب الأنظمة متشابهة وأغلبها لا يقيم وزنا لحقوق الإنسان ولا لحقوق المواطن ولا توجد مشاركة شعبية، والشعب مستبعد، وهي أنظمة ديكتاتورية لا تحترم حقوق الإنسان وكرامته، والشعب العربي الآن أصبح غير قابل لهذا التجاهل والتهميش، ولأنه وجد في النهاية أنه هو من يدفع الثمن.

* ما الذي دفعك إلى التفكير في الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة؟

- الفكرة كانت مطروحة منذ عام 2006، فكثيرون اقترحوا عليَّ (الأمر)، على الرغم من أن الأبواب كلها كانت مغلقة، ولم يكن هذا متاحا وقتها؛ لأن المادة 76 من الدستور (قبل تعديلها مؤخرا) لم تكن تتيح الفرصة للترشح، وقلت: إن هذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال ثورة وليس من خلال الدستور.

* ما أهم الملامح الأساسية لبرنامجك الانتخابي؟

- البرنامج الانتخابي سيقوم على التغيير، بمعنى: إعادة بناء المؤسسات كلها، وأن تكون المناصب كلها بالانتخاب، بدءا من عمدة القرية وحتى المحافظ. وفي كل المؤسسات العامة والخاصة، وأيضا الارتكاز على فكرة المشاركة الشعبية؛ فالشخص المنتخب لا يكون سلطة فوق من انتخبوه يفكر ويقرر، وهم عليهم التنفيذ، لكن جموع الناس تفكر وتقرر، والشخص المنتخب يقوم على تنفيذ الإرادة الشعبية للمجموع الذي انتخبه، إضافة إلى العمل على إنشاء مؤسسات فاعلة لضمان عدم تكوين شبكات الفساد مرة أخرى مثل إنشاء جهاز مستقل لمكافحة الفساد تكون مهمته تطبيق الآليات المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.. هذا في مجال التغيير. أما في مجال التنمية فبرنامجي يقوم على أن التنمية الاقتصادية غير منفصلة عن التنمية الاجتماعية، فكلتاهما مرتبطة بالأخرى، ونقطة البدء في التنمية الاقتصادية، حتى إن كانت قائمة على الاقتصاد الحر وآليات السوق، يجب أن تكون (موجهة إلى) الإنسان وحقوق الإنسان (وكذلك بالنسبة للصحة والتعليم وغيرهما).

* وماذا (سيكون في برنامجك) عن السياسة الخارجية، وطبيعة علاقة مصر بالدول الأخرى؟

- السياسة الخارجية مع دول العالم كلها ستقوم على معرفة مكانة مصر في العالم، ودورها في المنطقة العربية، وطبيعة الإنسان المصري.. إدراك هذه الحقائق (بما فيها) أن مصر على مدار التاريخ لها دور حضاري وأنها تهضم الحضارات وتعيد إنتاجها كحضارة جديدة بإبداع جديد.. هذا كله لا بد أن نستعيده؛ لأنه سيعطي مفهوما جديدا لدور مصر في المنطقة وعلاقتها بالدول الخارجية.. فمثلا بالنسبة للعلاقة مع الدول العربية لا بد أن نتبنى توافقا مع الدول العربية لإيجاد مفهوم محدد للأمن القومي العربي يتوافق عليه العرب كلهم ويحدد أولويات الأمة العربية ومصالحها ويحدد من الصديق ومن العدو، وبالتالي فإن العلاقات الثنائية بين الدول ستكون منطلقة من هذا المفهوم القومي المشترك، والسياسة العربية ستكون واحدة مع الدول الخارجية، وكذلك العلاقات الثنائية لا بد أن تكون قائمة على احترام حقوق الإنسان المصري، فلا يجوز إطلاقا التسامح مع إهانة أي مصري أو إيذائه جسديا أو الاعتداء على حقه في الحياة سواء في الداخل أو في الخارج، فاحترام المواطن في الداخل سينعكس على قيمته في الخارج.

* وماذا عن الدول الأفريقية، خاصة في ظل مشكلة مياه النيل حاليا؟

- بالنسبة للدول الأفريقية ومشكلة حوض النيل لا بد أن نتعامل على أساس أننا أصحاب مصلحة مشتركة وأن نهر النيل نعمة من الله لنا جميعا ومن حق دول حوض النيل كلها وشعوبها الاستفادة منه واستثماره الاستثمار الأمثل لمصلحة شعوبها، فمن حق الدول الأفريقية الحصول على الطاقة، كما أن من حق مصر الحصول على المياه، ففي إطار هذا الفهم الجديد والتعاون المشترك يمكن أن يكون هناك نمط جديد من العلاقات في شكل منظمة للتعاون لدول حوض النيل ويكون هناك شكل للتكامل، وهذا سينعكس على مصر من الناحية الاقتصادية.

* في هذه المرحلة، ماذا تحتاج مصر من الرئيس القادم؟

- العدل.. فهو أهم قيمة يحتاجها الإنسان المصري منذ عهد الفراعنة؛ فالعدل هو القيمة العليا التي يحتاجها الناس.. فالأنظمة الحاكمة والأنظمة الاستعمارية كلها لم تعط المصريين العدل، سواء العدل الاجتماعي أو العدل الإنساني أو العدل السياسي أو حتى العدل في المحاكم في بعض الأحيان، فمصر في حاجة شديدة إلى العدل. وأظن أن أكثر شخص قادر على تحقيقه هو قاض.

* في تصورك.. ماذا سيناسب مصر أكثر في المرحلة المقبلة: النظام الرئاسي أم البرلماني؟

- مصر يناسبها نظام رئاسي برلماني مثل النموذج الفرنسي، فالنظام البرلماني لن يناسب مصر الآن.. ربما يمكن بعد فترة حينما يشتد عود الأحزاب الجديدة ويبقى (يظهر) لها وجود في الشارع ويكون هناك حزب يمكن أن يشكل أغلبية في الانتخابات، لكن الآن، حتى الأحزاب القديمة أضعفها النظام السابق، فأصبح من الصعب قيام نظام برلماني مستقر. فسنجد كل فترة الحكومة تتغير لأن الائتلافات والتحالفات ستظل تتغير، مما سيسبب مشكلات، وفي النهاية اختيار شكل النظام سيؤول للشعب؛ لأن الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور هي التي ستقرر.

* ما رؤيتك عن الدستور المقبل لمصر وما يجب أن يرتكز عليه؟

- لا بد أن يعبر الدستور عن المجتمع وتطلعاته، لكن هناك أشياء لا نعرف على وجه الدقة ماذا يريد المجتمع فيها؛ لأنه لم يكن هناك فرصة للتعبير بصراحة وهناك مسائل فيها التباس وتحتاج إلى أن نشرح للناس ليقرروا على أساس سليم مثل: هل يكون النظام رئاسيا أم برلمانيا، وهل نبقي على نظام 50% عمالا وفلاحين أم لا، وهل نبقي على مجلس الشورى أم لا داعي لوجوده، وكيف ستكون علاقة القوات المسلحة بالدولة في ظل تداول السلطة، وكيف سيكون شكل استقلال القضاء، وغير ذلك كثير جدا من المسائل التي تحتاج إلى أن تعرض على الناس للنقاش للوصول إلى رأي وتشرح لهم في البداية ليقرروا على الوجه الأمثل.

* كيف يمكن ضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ وهل تفضل أسلوب القائمة (الحزبية) النسبية؟

- نظام القائمة النسبية في المرحلة الحالية سيكون أفضل كثيرا من النظام الفردي؛ لأنها تتم على برامج (انتخابية) وليس على أشخاص. والميزة الأخرى أنها لا تهدر الأصوات، فكل صوت يقابله تمثيل في البرلمان، لكن في النظام الفردي، إذا خسر الشخص، تهدر أصوات الناخبين، فيمكن أن يحصل شخص على 50 ألف صوت مثلا ويخسر، بينما ينجح آخر بـ6 آلاف صوت، على سبيل المثال. وأرى هذا أمرا مخلا بالعدالة إلى حد ما. وبالنسبة لنزاهة الانتخابات فإن الإشراف القضائي ليس هو الضمان الوحيد، وإنما أهم شيء أن تكون هناك إرادة سياسية على أن تكون الانتخابات نزيهة، لكن الإشراف القضائي ومراقبة مؤسسات المجتمع المدني ومراقبة المجتمع الدولي هي عوامل مساعدة، لكنها ليست الأساس.

* تشهد مصر الآن حالة من التصاعد للتيارات الدينية، ممثلة في الإخوان والسلفيين، كيف ترى هذا على المشهد الراهن؟ وهل تؤيد إقامتهم لأحزاب؟

- لا خطورة من تصاعد أي تيار إذا كان ملتزما بالدستور والقانون ويمارس الحياة السياسية في إطارهما؛ فمن حقه أن يمثل في الحياة السياسية، ومن حق القوى والجماعات كلها أن تنشئ أحزابا وتوجد في المشهد السياسي. وإن لم يحدث هذا تكون النتيجة هي التطرف.. وما يمنع هذا هو الديمقراطية والحوار والتعبير عن الرأي. فحينما نسلب حق أي جماعة في التعبير عن رأيها يتولد لديها نوع من التطرف، على ألا يكون إنشاء الأحزاب بالطبع على أساس أو تمييز ديني، لكن مرجعية الشخص هي بالطبع جزء من تكوينه وثقافته سواء أكان مسلما أم مسيحيا.

* ما موقفك من المادة الثانية من الدستور (التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»)؟ وكيف ترى المشكلات الطائفية الجارية الآن؟

- المادة الثانية لا توجد بها مشكلة، وكثير من المسيحيين غير معترضين عليها، لكن المشكلة أن نظام الحكم السابق كان يحاول أن يستعملها من خلال خلق خلاف حول بعض المفاهيم لإثارة الفتنة لشغل الناس عن المطالبة بحقوقهم وعن السعي إلى تحقيق الديمقراطية ومواجهة الفساد. وأرى أن المشكلات الطائفية الحادثة الآن كلها من افتعال القوى المعادية للثورة التي تحاول إشعال الفتن لتعطيل الثورة، ولا بد من مواجهتها بالوعي وعدم الانسياق وراء هذه المحاولات والتصدي لها.

* هل تفكر في الانضمام لحزب أو تأسيس حزب سياسي؟

- لا أفكر (في هذا) على الإطلاق؛ لأن الذي يترشح للرئاسة يستقيل من أي حزب هو عضو فيه، فمن غير المنطقي أن أسعى في هذه المرحلة للقيام بعمل حزبي.

* ما موقفك من اتفاقية كامب ديفيد في ظل الجدل الدائر الآن حول بعض بنودها؟

- البنود المجحفة في حق مصر لا بد أن يعاد النظر فيها وتتم إعادة التفاوض بشأنها، وهذا من مصلحة الأطراف كلها. فحتى يكون هناك سلام لا بد أن يكون الشعب المصري راضيا عن الاتفاقية، ولا بد أن يكون هناك توافق على ذلك، ومن أهم هذه البنود، على سبيل (المثال)، السيادة المصرية المنقوصة على سيناء.

* ما تصورك لكيفية إصلاح مؤسسة القضاء في مصر؟

- نحتاج لقانون جديد لاستقلال سلطة القضاء وتوحيد السلطة القضائية وإعادة النظر في الهيكل القضائي نفسه من الناحيتين الإدارية والقضائية. وهذا الموضوع لا يحتاج رأيا شخصيا، لكنه يحتاج إلى أن يتم عقد مؤتمر للعدالة يضم فئات القضاء والقانون، وحتى بعض فئات الشعب لطرح المشكلات ووضع التصورات والحلول، فلدينا مشكلات كثيرة أدت إلى تراكم القضايا وتأخير الفصل فيها. وهذا قطعا يحتاج إلى إعادة النظر في النظام القضائي نفسه.

* ما رأيك في أداء المؤسسة العسكرية حتى الآن؟

- في حدود الظروف الحالية أنا راض عن أدائهم؛ فهم يجتهدون في ظل الظروف، وبالنسبة للثوار فهم متباطئون.. فالثوار يريدون خطوات أسرع بسبب فارق السن وفارق الموقع وفارق المسؤولية.. وأسباب كثيرة تجعل كل جانب يعزف على نغمة مختلفة عن الآخر، لكن بشكل عام الوضع مُرضٍ والثورة ستحقق أهدافها.

* من تتوقع أن يكون منافسا قويا لك في حال ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية؟

- كل مرشح له قيمة وتاريخ. والاختيار سيكون للناس في النهاية، لكنني أتوقع الأستاذ حمدين صباحي.

* إذا رشحت نفسك وفزت في الانتخابات، فكيف تريد أن تترك مصر بعد انتهاء مدة رئاستك؟

- إذا فزت أتمنى أن أترك مصر على أفضل ما يكون، لكني لا أظن أن الفترة (مدة الرئاسة) ستكون كافية، لكنني سأكون راضيا جدا إذا تمكنت من إنشاء عدة مشاريع قومية لصالح المواطن المصري ورفع مستوى معيشته. وهذا سيترتب عليه عدم وجود فتنة طائفية؛ لأن الناس ستكون مشغولة في العمل والإنتاج والتعليم والبحث العلمي. أتمنى لو فزت أن أبدأ في بعض المشاريع، لكن بالطبع ستكون الفترة غير كافية لإكمالها فسأضع نقطة البداية ويستكملها من يأتي بعدي.