دعوات لتحسين الأمن النووي في ذكرى تشرنوبيل

ميدفيديف يطالب «الثماني» بتنفيذ تعهداتها بالإسهام في إغلاق المحطة

أرامل بعض ضحايا حادث تشرنوبيل يحملن صورهم عند إحياء الذكرى في كييف أمس (أ.ب)
TT

أحيى الرئيسان الروسي والأوكراني أمس في تشرنوبيل ذكرى مرور 25 عاما على أسوأ كارثة في تاريخ الصناعة النووية المدنية وقعت في أوكرانيا في الحقبة السوفياتية، وسط تضاعف المخاوف من الحوادث في محطة فوكوشيما اليابانية النووية المنكوبة وحول السلامة النووية بالإجمال. ودعا الرئيسان الروسي ديمتري ميدفيديف والأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، بالمناسبة، إلى تعزيز إجراءات السلام في المنشآت النووية في العالم.

وصرح يانوكوفيتش من على بعد مئات الأمتار من المحطة المنكوبة، قائلا: «نحيي ذكرى مأساوية. مرت 25 عاما، وفهمنا أن الحوادث النووية لها عواقب هائلة على السكان». ومن جهته، أكد ميدفيديف أنه أرسل إلى نظرائه حول العالم مقترحات ترمي إلى إعداد اتفاقيات دولية جديدة «لضمان التطور اللازم للسلامة النووية حول العالم». لكن النووي يبقى مورد طاقة رئيسيا بحسب الرئيس الروسي، الذي قال «لم يقترح أحد حتى الساعة مصدر طاقة آخر يمكننا استخدامه». ووجه تحية إلى تضحيات عمال «التصفية» الذين أرسلهم الاتحاد السوفياتي لإخماد الحريق وتنظيف المنطقة المحيطة بالمحطة للحد من آثار الكارثة على الرغم من المخاطر على صحتهم. وقال ميدفيديف: «كان يمكن لعواقب الحادث أن تكون مهولة. ينبغي تذكر ذلك».

وتحدث الرئيسان أمام عشرات الصحافيين في باحة صغيرة وسط النباتات وزقزقة الطيور تحت شمس ربيعية، وخلفهم المحطة المنكوبة.

وتجمع عدد من الأشخاص أمام نصب ضحايا تشرنوبيل في مدينة سلافوتيتش شمال أوكرانيا، التي شيدت بعد الكارثة لاستقبال موظفي المحطة الذين كانوا يقطنون في مجمع مجاور تم إخلاؤه بعد المأساة. وأحيى بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريلوس، يرافقه رجال دين ورئيس الوزراء الأوكراني ميكولا أزاروف، قداسا في كييف ليل الاثنين الثلاثاء على أرواح الضحايا. ودقت أجراس كنيسة أوكرانية عند الساعة 1:23، وقت وقوع الانفجار، 25 مرة، عدد السنوات التي مرت منذ الكارثة.

وقبل مغادرته روسيا للمشاركة في الاحتفالات، كرم ميدفيديف، عددا من أبطال ذلك الزمان ممن بقوا على قيد الحياة من ألوف العمال والعلماء وجنود القوات المسلحة ورجال المطافئ الذين كانت السلطة السوفياتية قد حشدتهم لمواجهة تبعات انفجار تشرنوبيل. وقال ميدفيديف إنه سيبحث مع يانوكوفيتش قضايا أمن الطاقة النووية والجهود اللازمة لإزالة ما بقي من آثار كارثة تشرنوبيل على ضوء تفاقم الأوضاع في المنطقة واستخلاص العبر والدروس من تاريخ الأمس القريب والحاضر المريع الذي تعيشه البشرية بعد انفجار مفاعل محطة فوكوشيما اليابانية.

وأكد ميدفيديف أن روسيا تنوي أن تطرح أيضا خلال قمة مجموعة الثماني في مايو (أيار) المقبل، عدة مقترحات حول معايير أمن المحطات النووية. وأشار إلى أن الوقت حان للتفكير في إعداد قرارات دولية جديدة ما دامت البشرية لا تزال عاجزة عن إيجاد مصادر الطاقة التي يمكن أن تكون بديلا للطاقة النووية. وأكد أن كارثة فوكوشيما اليابانية كشفت عن ضرورة بذل مزيد من الجهود لضمان أن تكون الطاقة النووية سلمية، بينما طالب الجميع بالعمل من أجل إعداد قانون جديد ملزم لكل بلدان العالم دون استثناء. وأعلن الرئيس الروسي عن ضرورة اضطلاع البلدان الصناعية الكبار بتنفيذ ما سبق وقطعته على نفسها من وعود للمساهمة في إغلاق محطة تشرنوبيل في أعقاب وقوع الكارثة، مشيرا إلى ضرورة فتح باب الاكتتاب لتشييد «تابوت» جديد لاحتواء ما لحق بالتابوت القديم من شقوق وتحلل لبعض أجزائه، نظرا لقرب انتهاء الموعد الذي سبق وأعلنوه لضمان عدم تسرب الإشعاعات خلال ثلاثين سنة من تشييده، أي بعد خمس سنوات.

ومن المعروف أن أوكرانيا كانت قد اتخذت قرار وقف عمل المفاعلات الثلاثة الأخرى بمحطة تشرنوبيل في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2000، بينما أعلن رئيسها يانوكوفيتش عن أن التابوت الجديد سيتكلف ما قيمته مليار ونصف المليار دولار بمواصفات تكفل ضمان عدم تسرب الانبعاثات النووية لمدة تناهز المائة عام. وأشارت المصادر إلى ورود تبرعات بلغت قيمتها قرابة نصف المليار دولار. وتقول مصادر وكالة أمن منطقة تشرنوبيل الأوكرانية إن أطلال المفاعل الرابع تشمل بين جوانبها ما يقرب من 135 - 180 طنا من الوقود النووي تمثل ما وصفته بـ«الأخطار النائمة»، وهو ما يظل مشكلة تؤرق أمن البشرية جمعاء.