1800 بناية آيلة للسقوط في فاس العتيقة.. بعضها عمره قرون

عملية الصيانة تسهم فيها جهات حكومية مغربية واليونيسكو

بنايات آيلة للسقوط في فاس القديمة تعتبر جزءا من نسيج عمراني تاريخي (تصوير: أحمد العلوي المراني)
TT

قال مصدر مغربي إن هناك 1800 بناية آيلة للانهيار في مدينة فاس، التي كانت عرفت انهيار مسجد الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص. وقال فؤاد السرغيني المدير العام لوكالة إنقاذ مدينة فاس (مؤسسة حكومية): إن البنايات الآيلة للانهيار في مدينة فاس العتيقة (وسط المغرب) توجد في وضعية خطيرة، وهي جزء من بين 4000 بناية تعتبر من البنايات التي تحتاج إلى الصيانة.

وأوضح السرغيني قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «قبل ثماني سنوات تقريبا شرعت مؤسسة إنقاذ فاس بشراكة مع عدد من الجهات الحكومية في حملة تدعيم أساس 1200 بناية كانت في وضعية الخطورة للغاية وعرضة للانهيار في أي وقت». وأشار إلى أن الانهيارات التي تقع في مدينة فاس القديمة، هي انهيارات محدودة بالمقارنة مع المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها العواصف، موضحا وجود نظام معلوماتي مخصص لمراقبة الأبنية الآيلة للسقوط في المدينة العتيقة.

وقال السرغيني إن عددا كبيرا من الدور المهدمة توجد في المدينة العتيقة، وهي في الأصل دور انهارت منذ فترة طويلة، كجزء من نسيج عمراني تاريخي ظل يوجد منذ عشرات السنين، مشيرا إلى الأهمية البالغة التي توليها الوكالة إلى الخطورة التي تخلفها انهيارات المباني القديمة، التي تعرف تصدعات بسبب عوامل متشابكة، لها علاقة بالوضعية العمرانية للمدينة العتيقة.

وذكر السرغيني أنه منذ الانهيارات التي وقعت في فاس منذ عام 2004 إلى الآن لم تعرف المدينة العتيقة انهيارات خطيرة، وعزا ذلك إلى حملة الصيانة التي أنجزتها الوكالة في الفترة ما بين 2004 و2005، على أثر انهيار «مسجد عين النخيل» الذي كان قد أدى إلى مصرع 11 شخصا. يشار إلى أن المسجد الذي انهار الأسبوع الماضي يوجد في فاس الجديدة، أي خارج المدينة القديمة.

وأرجع السرغيني أسباب الانهيارات التي تشهدها المنازل في فاس العتيقة، بالإضافة إلى عامل الزمن، أيضا إلى عوامل اجتماعية واقتصادية، إذ تسهم هذه العوامل، كلها مجتمعة، حسب رأيه، في حدوث تصدعات وتشققات من شأنها أن تحدث انهيارات. وأوضح أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بتفتيت الملكية بين سكان ومستأجرين أو مالكي هذه المنازل، مما يترتب عليه عدم تحمل أي طرف مسؤولية الصيانة.

وفي إطار الإجراءات المتخذة لتفادي انهيارات مرتقبة أو ترميم البنايات المتهالكة في مدينة فاس العتيقة، قال السرغيني إن الوكالة قامت بحملة تدعيم بالجبس المؤقت للحالات التي تشكل خطورة كبيرة من حيث الانهيارات، إذ تم تدعيم 1200 بناية في ظرف ستة أشهر بمعدل 200 بناية في الشهر، وأتاحت هذه الترميمات توفير فرصة للتفكير في سبل التعامل مع البنايات المهددة بالسقوط بشتى أشكالها، مشيرا إلى أن إصلاح المنازل الآيلة للسقوط يتطلب وقتا لتأمين سلامة السكان.

وشرعت وكالة إنقاذ مدينة فاس في إصلاح البنايات المدعمة، بالاتفاق مع سكان الدور أو المالكين، في حين تسهم وزارة الإسكان بنحو 50 في المائة يستفيد منها أصحاب المنازل وتتحمل الدولة نفقات الدراسات سواء المعمارية أو الهندسية.

كما تسعى وكالة إنقاذ مدينة فاس إلى إنقاذ المدينة العتيقة ومعالمها الحضارية المهددة بالانهيار عن طريق اتفاقيات مع الحكومة المغربية وجهات أجنبية تدعمها بالقروض مثل البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) لإنجاز الإصلاحات.

ويعتقد السرغيني أن مما يسهل عملية انهيار بعض المباني، الكثافة السكانية المرتفعة التي أدت إلى تدهور حالة المساكن في المدينة العتيقة، وما تشهده بعض المنازل من تكدس للعائلات في منزل واحد، إضافة إلى عوامل الطقس التي تؤدي إلى تآكل الجدران بسبب الرطوبة وهطول الأمطار. لكن السرغيني يقول إنه لا يمكن معالجة المنازل الآيلة للسقوط بصفة تقنية، بل المسألة هي تنمية اقتصادية واجتماعية من مختلف الجوانب، منها تحسين ظروف حياة الناس حتى يتمكنوا من إصلاح منازلهم وتوفير العمل لهم وجلب استثمارات إلى المدن العتيقة ومحاربة الأمية.. إنها معادلة صعبة جدا، على حد اعتقاده. ويعود تاريخ أغلب المباني في مدينة فاس العتيقة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 160 ألف نسمة، إلى أكثر من 12 قرنا، مما يفسر التآكل الذي تعرفه أسوارها، التي تشكل خطرا حقيقيا على سكان الأحياء القديمة.