احتجاجات تطالب بإتلاف موسوعة من 50 مجلدا

بسبب جملة حول فرانكو

TT

على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على وفاة حاكم إسبانيا السابق الجنرال فرانكو (1892 - 1975)، فإن مجرد ذكر اسمه يثير حساسيات كبيرة بين الإسبان، وكان آخرها صدور قاموس الأكاديمية الملكية الإسبانية، وهو عبارة عن ببليوغرافيا شاملة للشخصيات الإسبانية أو المتعلقة بها، ومن ضمنهم فرانكو، وقد ذكر كاتب السيرة أن الحاكم السابق لإسبانيا «ليس ديكتاتورا»، فأثارت هذه العبارة الكثيرين، ومنهم الكاتب بارغاس يوسا، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، كما وخرجت أول من أمس (الخميس)، مظاهرة في مدريد احتجاجا على هذه العبارة، وتطالب بإتلاف الموسوعة.

والموسوعة التي تحمل اسم «القاموس الببليوغرافي الإسباني»، تقع في خمسين مجلدا وتم إعدادها بعد اثني عشر عاما من الإعداد والبحث والتقصي. وتحتوي على سيرة 43 ألف شخصية في التاريخ الإسباني، منذ القرن الثالث قبل الميلاد حتى اليوم. وخصصت الحكومة الإسبانية نحو سبعة ملايين يورو لطبعها، على أن تصدر على مرحلتين، الأولى وهي التي صدرت الآن في خمسة وعشرين مجلدا، وسيطبع النصف الثاني، في خمسة وعشرين مجلدا أيضا، خلال العام المقبل.

وكاتب سيرة فرانكو في هذه الموسوعة، والتي جاءت في خمس صفحات، هو المؤرخ لويس سواريث الذي كتب: «إن فرانكو بنى حكومة متسلطة، ولكن ليست حكومة ديكتاتورية، حيث كانت القوى السياسية المؤيدة له قد كونت حركة خاضعة لإدارة للدولة»، وهي عبارة أثارت الكثيرين، ومما أثار المحتجين أيضا هو ذكر عبارتي «القائد العام» و«رئيس الدولة» كلما جاء ذكر كلمة فرانكو.

وقد طالبت وزيرة الثقافة الإسبانية أنخليس غونثاليث الأكاديمية إعادة النظر في السير المكتوبة في هذا القاموس، مثل سيرة فرانكو، لأنها «لا تطابق الحقيقة». ومن أبرز من أيد المحتجين الكاتب ماريو بارغاس يوسا، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب الذي قال «إن ما قامت به الأكاديمية الملكية للتاريخ يشكل عارا عليها، وبالتحديد ما كتبته حول فرانكو. ولا يمكن القبول بهذا، خاصة أنه يصدر عن جهة ذات منزلة، بل وأكثر من ذلك لا يمكن التسامح في ذلك، لأن هذه الموسوعة تطبع على حساب الدولة». وقال المخرج السينمائي إلياس كيريخيتا «إن الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن فرانكو كان ديكتاتورا، وهو مما لا شك فيه، وأعجب كيف أن الأكاديمية الملكية للتاريخ تجرؤ على القول إنه ليس كذلك. ولهذا لا بد من اتخاذ إجراءات كي لا يتكرر مثل هذا، لا بد أن يتم اختيار كتاب موضوعيين غير متحيزين».

وقالت إيزابيل بورديل، وهي أستاذة كرسي في جامعة بلنسية «إن هذا البلد يحتاج إلى أكاديمية ملكية تمثل بشكل حقيقي هذه المهنة. فإن ما قرأته في القاموس الببليوغرافي الإسباني يحتقر تاريخ البحث في السنوات الثلاثين الأخيرة، ولا يمكن القبول به في دولة تسعى إلى أن تكون ديمقراطية وأوروبية وذات ثقافة».

لكن ريكاردو غارثيا كارثيل، أستاذ كرسي التاريخ الحديث في جامعة برشلونة ينظر إلى المسألة بشكل آخر، يقول: «إن تاريخ إسبانيا لا يبدأ في عام 1931 ولا في عام 1936، ولا عام 1939. من المؤسف أن ينسف القاموس الببليوغرافي، وهو في خمسين مجلدا، بسبب موضوع واحد فقط، إنه خلاف قد تم تضخيمه وتوسيعه بشكل مصطنع. فأنا شخصيا لا أقدم على اتخاذ أي إجراء، لأن هذا يعني عدم احترام الرأي الأكاديمي لمؤرخ مثل لويس سانجيث فرناندث. قد أكون متفقا أو غير متفق معه، ولكن يبدو من غير المعقول أن وزيرة الثقافة تطلب تصحيحه».

معلوم أن فرانسيسكو فرانكو المولود عام 1892، هو من القادة العسكريين الذين عارضوا بشكل صريح قيام الجمهورية الثانية في إسبانيا، فاتجه مع قواته، عام 1936، للاشتباك مع الحكومة في مدريد، في حرب استمرت ثلاث سنوات، حتى أسقطها عام 1939، وهي ما عرف باسم «الحرب الأهلية الإسبانية» التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص، وبقي فرانكو يحكم البلاد بقبضة حديدية حتى وفاته عام 1975.