المساحة الجيولوجية: 13 مدينة سعودية في مجرى السيول

«الشرق الأوسط» ترصد مكامن الخطر قبيل موسم الأمطار والعوامل والإجراءات لتجاوزها

ضعف التخطيط وضع الأحياء السكنية في مواجهة خطر السيول
TT

دقت معلومات سجلها خبراء المساحة الجيولوجية حول وضع 13 مدينة سعودية، واقعة على ضفاف أودية، ناقوس الخطر الذي يحدق بساكنيها، منبهة إلى ضرورة الالتفات إلى جاهزية تلك المدن لمواجهة الطوارئ.

يأتي ذلك في وقت لم ينس فيه السعوديون بمختلف شرائحهم ما واجهته جدة - غرب السعودية - على مدى العامين الماضيين من اختبارات حقيقية فشلت في تجاوزها بسبب ضعف البنى التحتية. إلا أنها بدأت هذا العام عملا جادا وحثيثا، من خلال مشاريع عاجلة ومشاريع دائمة، لتجاوز الخطر قبل موسم الأمطار، الذي تبقى عليه بحسب توقعات الأرصاد نحو خمسة أشهر.

المعلومات التي كشفت عنها هيئة المساحة الجيولوجية في تقريرها الذي أصدرته مؤخرا تحت عنوان «مخاطر السيول في المملكة العربية السعودية»، في الفصل الأخير منه، تشير إلى أن مدنا مثل العاصمة الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة إضافة إلي جازان والخرج والليث وتبوك ونجران وبيشة، مناطق واقعة على ضفاف أودية، وقد تعاني من مخاطر السيول. وأفادت المعلومات بأن معظم مدن المملكة وقراها تقع على ضفاف مجاري أودية للقرب من المياه الجوفية ولخصوبة التربة، وقد ساعدت الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة في نمو وتوسع مساحات المدن والقرى، على حساب مجاري المياه، التي تمر بتلك المدن. وأسهمت في ذلك حالة الجفاف التي أصابت المملكة منذ أواخر القرن الهجري الماضي، إضافة إلى سوء التخطيط الذي ساعد في زحف الأحياء السكنية والزراعية إلى أحواض مجاري الأودية، مع عدم مراعاة مناطق جريان السيول وطبوغرافية الأرض وانحدارها، خلال مراحل تخطيط تلك الأحياء، حيث أصبحت معظم تلك المدن تعاني من آثار الأمطار والسيول، إلا بعض المدن الواقعة على بعض الأودية التي أقيمت عليها السدود، ومن أهم تلك المدن التي تقع على مجاري الأودية العاصمة الرياض.

الرياض، العاصمة السعودية، تقع على سفوح، ظهرها حافة طويق الشرقية، ويخترقها وادي حنيفة من أطرافها الغربية، منحدرا من الشمال إلى الجنوب بوجه عام. ويتميز وادي حنيفة وروافده الغربية بمجارٍ أخدودية عميقة مع إقامة سدود على بعضها بعضا، في حين تتميز روافد الوادي الشرقية بسعة المجاري وقلة الانحدار، حيث زحفت عليها الأحياء السكنية، وأخفت معظم مجاريها. ومن أهم روافد وادي حنيفة الغربية أودية صفار والمهدية وأوبير ولبن، إضافة إلى نمار، في حين أن أهم روافده الشرقية أودية الأسين والبطحاء والسلي وروافدها.

وتعاني بعض مناطق مدينة الرياض خاصة الشمالية والشرقية من آثار الأمطار والسيول نتيجة زحف الأحياء على مجاري السيول، إضافة إلى عدم مراعاة طبوغرافية الأرض عند تخطيط الأحياء والطرق والشوارع. فيما تقع مدينة جدة على السهل الساحلي للبحر الأحمر، بمحاذاة السفوح الغربية لجبال الحجاز، وامتدت أحياء المدينة باتجاه الشمال والجنوب بمحاذاة ساحل البحر الأحمر، كما امتدت باتجاه الشرق حتى بداية مرتفعات جبال الحجاز.

ونشأت بعض الأحياء الشرقية لمدينة جدة على ضفاف مجاري الأودية المنحدرة من تلك الجبال، والتي منها جبال أبو هماج وأبو غشياء وأم رقيبة والمعترضة، إضافة إلى مريخ، ومن تلك الأودية التي تخترق مدينة جدة وتصب في البحر الأحمر أودية كراع وأم حبلين ومريخ وغيا ودغيبج والعصلاء ومحرق ومثوب وقوس وعشير، إضافة إلى أودية غليل وفاطمة.

وتعاني معظم أحياء مدينة جدة - خاصة الشرقية والجنوبية منها - من آثار السيول نتيجة زحف الأحياء على مجاري الأودية، وعدم مراعاة مجاري السيول عند تخطيط الأحياء والطرق والشوارع، ووجود الحواجز من عقوم ومبان وغيرها في مناطق انحدار المياه، وعدم وجود شبكة لتصريف مياه السيول والأمطار.. ويؤكد ذلك ما حدث لمدينة جدة من أضرار بشرية ومادية في العامين الماضيين.

بينما نشأت مكة على مجرى وادي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وسط منطقة جبلية على الأطراف الغربية لجبال الحجاز، ونمت وتوسعت أحياء المدينة خلال العقود الأخيرة. وتنحدر معظم المجاري المائية من الجبال المحيطة بمكة لترفد مجرى وادي إبراهيم الذي يخترق مكة المكرمة من وسطها، ليرفد وادي عرنة، الذي يخترق الأطراف الجنوبية للعاصمة المقدسة، ويحيط بمدينة مكة المكرمة حوضا وادي فاطمة طمر الظهران من الشمال ووادي نعمان من الجنوب.

أما المدينة المنورة فتقع في أطراف حرة رهاط الشمالية، وتحيط بها المرتفعات من كل جانب، ويحف مجرى وادي العقيق بالمدينة المنورة من أطرافها الغربية، في حين يحفها من الشرق مجرى وادي الخنق، الذي تحول اسمه إلي وادي العاقول (قناة قديما)، وعندما ينحرف اتجاهه نحو الغرب جنوب جبل أحد، يحف المدينة المنورة من الشمال قبل أن يرفد وادي العقيق غرب جبل أحد، ليكونا مجتمعين مع وادي النقمي بداية وادي الحمض. كما يخترق المدينة من وسطها بعض الشعاب، أهمها شعاب بطحان، وقد أقيمت بعض السدود على مجاري بعض تلك الأودية، منها سد وادي العاقول، وسد شعيب بطحان، مما قد يخفف من مخاطر السيول وآثارها على المدينة المنورة.

محافظة الخرج تقع في مفيض ملتقى مجموعة من الأودية، منها أودية حنيفة ونساح والعين والرغيب والحنية وروافدها، والتي تكون مجتمعة مجرى وادي السهباء. وتعاني مدينة الخرج وما جاورها عند هطول الأمطار وجريان السيول نتيجة لوقوع المدينة في مفيض تلك الأودية ولعدم مراعاة مجاري الأودية عند تخطيط الأحياء.

جنوبا، تقع جازان عند دلتا مصبات أودية جازان وضمد والخميس في البحر الأحمر، على سهل تهامة الساحلي، وقد أقيم على مجرى وادي جازان سد قرب بلدة روان العبيد عند التقاء الوادي مع مجموعة من روافده، ويعد أكبر السدود في المملكة، وذلك لحماية مدينة جازان والبلدات الواقعة على ضفاف الوادي من مخاطر السيول.

أما أكبر أودية سهول تهامة فتقع في الليث بمنطقة مكة المكرمة، حيث تقع على مصب وادي الليث في البحر الأحمر، ويعد وادي الليث أحد أكبر أودية تهامة وأكثرها روافد وجريانا، حيث ينحدر من روافده من جبال السروات جنوب الطائف، وتعاني مدينة الليث والقرى الواقعة على ضفتي الوادي وروافده من مشكلات متكررة عند جريانها.

وتقع مدينة حفر الباطن - شرق السعودية - على ضفاف وادي الباطن الذي يخترق المدينة، كما يخترقها رافداه فليج الشمالي وفليج الجنوبي، فيما تقع تبوك في هضبة جسمي قرب الطرف الشمال لحرة الرحا، التي تنحدر منها مجموعة من الأودية التي تخترق المدينة وأحياءها المختلفة، ومنها أودية لاخضلا والاثلي وأبو تنشيفة والبقار والغويل وضم، والتي ينتهي معظمها في قاع شرورا شمال مدينة تبوك.

وتحتضن مدينة بيشة أكبر أودية تهامة طولا، ويقع على ضفة وادي بيشة، قبل أن يصب في البحر الأحمر قرب مركز القوز غرب مدينة صبيا، ويعد أكبر أودية تهامة وأطولها وأكثرها روافد ومن أكثرها عرضة للجريان، وأقيم على مجراه في تهامة سد خرساني لحماية مدينة بيش والبلدات الواقعة على ضفاف الوادي من مخاطر السيول وآثارها. فيما تتعرض كل من تبوك ونجران وبيشة لأخطار سيول جبال السروات، حيث تقع على مجرى وادي نجران المنحدر مع روافده من جبال السروات باتجاه الشرق، وكانت تعاني من الفيضانات المتكررة قبل أن يقام سد في أعالي الوادي، والذي يعد أحد أكبر سدود المملكة، ويقع على مجرى وادي بيشة المنحدر من روافده جبال السروات، وقد أقيم على مجرى الوادي جنوب المدينة سد يعد أكبر سدود المملكة.

الدكتور زهير نواب، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «السعودية يسودها مناخ صحراوي معروف بجفافه وارتفاع درجات الحرارة فيه معظم أيام العام. ومع أن الأمطار نعمة من نعم الله تعالى - عز وجل - فإن هطولها بمعدلات عالية في أوقات قصيرة جدا قد يسبب سيولا جارفة تتدفق بسرعة كبيرة، تثير القلق وترعب النفوس وتزهق الأرواح وتدمر كثيرا من الممتلكات وتحدث أضرارا في البنى التحتية والمرافق المهمة وتؤدي إلى تلف ما يعترضها من الجسور والطرق الأشجار وغيرها، ومن ذلك ما حدث في جدة العامين الماضيين حيث كانت الحالة الأولى فجائية باغتت سكان المنطقة وأحدثت أضرارا وخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، كان الأكثر إيلاما فيها فقدان أرواح بشرية غالية». وأضاف أن «الحالة الثانية رغم تسببها في كثير من الخسائر؛ فإنها أخف ضررا من سابقتها، لا سيما في الأضرار البشرية، وذلك بفضل الله - عز وجل – أولا، ثم نتيجة للتحذيرات المسبقة التي أطلقها المسؤولون والمختصون في الجهات ذات العلاقة كالمديرية العامة للدفاع المدني والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وبمتابعة مباشرة من إمارة المنطقة بعد التوقعات بهطول الأمطار».

وأشار إلى أن السمة العامة لمواقع معظم مدن المملكة وقوعها على مجاري الأودية، أو في مصباتها، لذا فإن عدم العناية والاهتمام بتطوير مصارف مجاري الأودية داخل الأحياء عند تخطيطها؛ يفاقم المشكلات عند هطول الأمطار، بسبب عدم مراعاة مجاري السيول والانحدار العام للأرض عند إقامة المخططات وفتح الشوارع والطرق، إضافة إلى إنشاء الحواجز والعقوم العشوائية ورمي المخلفات في مجاري الأودية وعدم صيانة معابر السيول ومخارجها وتنظيفها، حيث بدأت بعض مدن المملكة تعاني في السنوات الأخيرة من مشكلات ومخاطر السيول خلال فترات هطول الأمطار عليها؛ رغم ندرتها وقصر فترات هطولها، بسبب ما ينتج عنها من كوارث وخسائر في الأرواح والممتلكات. وقال «قدمت الهيئة حلا لمشكلة السيول في مدينة جدة يتمثل في بناء سدود في أعالي مجاري الأودية التي تخترق مدينة جدة لكون ذلك أجدى من فكرة نزع ملكيات المساكن الواقعة في مجاري وحرم تلك الأودية، للتكلفة العالية لنزع الملكيات، وما ينتج عن ذلك من إحداث أزمة إسكان في المدينة، وبناء على ذلك نفذت الهيئة دراستين لصالح أمانة جدة لدرء مخاطر السيول بعد رصد المواقع المتضررة وإجراء الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية على التراكيب الجيولجية للمنطقة، تتضمن ضرورة إنشاء خمسة سدود كمرحلة أولية ومستعجلة على مجاري أودية: قوس ومثوب وغليل.. وقد حددت أفضل المواقع لتلك السدود من خلال رسم الأحواض المائية للسدود للتعرف على امتداد ومنسوب البحيرات التي يمكن أن تتكون خلف هذه السدود؛ لتستوعب - بإذن الله - كميات من مياه الأمطار أكثر من تلك التي هطلت على مدينة جدة في اليومين المذكورين».

ويسود المملكة العربية السعودية مناخ صحراوي وشبه صحراوي يتأثر بعدد من العوامل، منها عوامل جغرافية كالمواقع والتضاريس والمساحة، وعوامل جوية كالكتل والتيارات الهوائية المختلفة والمنخفضات الجوية ومراكز الضغط الجوي وغيرها. وتصنف المملكة مناخيا ضمن المناطق القاحلة الجافة الحارة، حيث لا توجد فيها أنهار أو بحيرات دائمة، ويقل معدل الأمطار السنوي عن 150 ملم، باستثناء المرتفعات الغربية التي تتجاوز ذلك المعدل؛ بسبب تأثير الرياح الموسمية الجنوبية الغربية والرياح الشمالية الغربية. فأمطار المملكة بشكل عام شتوية؛ باستثناء المناطق الجنوبية الغربية منها التي تسقط أمطارها معظم فصول السنة. فأمطار المملكة قليلة وغير منتظمة، وتهطل في أوقات متباعدة زمانيا ومكانيا. ورغم أن الأمطار في المناطق القاحلة تتميز بندرتها وعدم انتظامها فإنها يمكن أن تسجل معدلات هطول غزيرة في أوقات قصيرة جدا، مسببة السيول الفجائية الجارفة التي تؤدي إلى الكثير من الأضرار والتدمير والخسائر في الأرواح والممتلكات خاصة تلك الواقعة في مجاريها أو بالقرب من مجاريها.

تقع معظم مدن المملكة وقراها على ضفاف مجاري الأودية والشعاب أو بالقرب منها، وذلك للاستفادة من قرب المياه الجوفية، إضافة إلى توافر التربة الزراعية الخصبة. ونظرا للطفرة الاقتصادية التي تعيشها المملكة وزيادة نسب نمو السكان السريع، والتي انعكست على التطور والنمو والتوسع العمراني السريع في مدن المملكة وقراها؛ من خلال تخطيط الأحياء الحديثة التي لم تراع فيها طبوغرافية الأراضي وتحديد مجاري المياه الطبيعية وحمايتها، فقد أدى ذلك إلى تعرض بعض تلك المدن للفيضانات والكوارث المتكررة نتيجة عدم تبني إجراءات فاعلة للحد من مسببات تلك المشكلات.

ورغم الفائدة العظيمة لمياه السيول والمتمثلة في تغذية المياه الجوفية وتجديد التربة الزراعية، فإنها تصبح من أشد المخاطر الطبيعية التي يمكن أن تسبب تدميرا للبنى التحتية والممتلكات وتسبب خسائر فادحة في الأرواح وخسائر مادية جسيمة نتيجة مساهمة بعض العوامل الطبيعية بشكل كبير في جعل السيول خطرا داهما، إضافة إلى بعض العوامل البشرية المتمثلة في الممارسات السلبية للإنسان على سطح الأرض التي تلعب دورا كبيرا في ازدياد مخاطر السيول.

وتسهم بعض العوامل البشرية في زيادة مخاطر السيول، ومن تلك العوامل التوسع الحضري في الأودية باستخدام الإنسان للأراضي بغرض التنمية الحضرية داخل أحواض المجاري المائية، خاصة في مصبات الأودية كما هو الحال في بعض المناطق مثل مدن المملكة الساحلية كجدة، ورابغ، والقنفذة، والليث، وجازان، وغيرها، وهو ما يزيد من حجم الفيضانات وتكرارها الزمني، حيث إن زيادة معدة الفيضان تعتمد على زيادة نسبة الأرض المغطاة بالسطوح والأرصفة الإسمنتية غير المنفذة، فيزيد خط الفيضان بزيادة هذه المساحات، وبعد الإحلال الحضري تصبح ذرة التدفق أكبر أثناء الفيضان، ومن ثم فإن زمن التأخير بين هطول الأمتار وذروة الفيضان يكون أقصر مما كان قبل الإحلال الحضري. كما أن التوسع في إنشاء الطرق ومواقف السيارات، والمباني، التي قد تشغل مساحات واسعة من الأراضي، كانت من قبل مغطاة بالتربة التي تسمح بتسرب المياه، وتقلل من كميات المياه التي تمتصها الأرض، وتزداد بذلك كمية المياه الجارية التي قد تتحول إلى سيول جارفة ومدمرة. ومن العوامل البشرية أيضا بناء المنشآت المائية بشكل عشوائي، وتعد الجسور والطرقات من أهم عناصر البنى التحتية، وبالتالي فإن بناء هذه المنشآت من دون دراسات تفصيلية دقيقة للعوامل الطبوغرافية والمناخية، وتحليل هذه العوامل بشكل علمي سليم، بالإضافة إلى عدم مراعاة كميات مياه السيول التي يمكن أن تمر خلالها، وعدم صيانة هذه المنشآت بشكل دوري، يؤدي في معظم الأحيان إلى مشكلات تؤدي إلى تدمير هذه البنى التحتية المهمة.

كما يعد إنشاء الحواجز الترابية والحواجز المائية الأخرى بشكل غير مدروس احد العوامل المهمة ذات التأثير السلبي على تدفق مياه الأودية، وزيادة خطر الفيضان، مثل إقامة العقوم لتحويل مجرى الوادي للتحكم في سيره، وقد سببت مثل هذه الحواجز والعقوم كثيرا من المشكلات، كما في وادي بيشة بمنطقة جازان وغيره، يضاف إليها عدم صيانة العبارات والمجاري المائية. ويعد التحليل الدقيق للتوقع بحدوث السيول وفترات تكرارها، أمرا مهما للحد أو تخفيف مخاطر الفيضانات، ويتم ذلك من خلال جمع المعلومات الخاصة بالفيضانات السابقة وتحليلها، وتوافر المعلومات المناخية الدقيقة من خلال إنشاء شبكة من محطات قياس الأمطار والسيول لتسجيل شدة الأمطار والسيول، والاستفادة من السجلات والإحصائيات السابقة المتوافرة عن كميات الأمطار لدى بعض الجهات الأمنية مع ضرورة إعداد خرائط توضح مسارات مجاري المياه ومناسيبها، إضافة إلى المناطق التي تكون معرضة للفيضانات والسيول، ومنع البناء والإحداث فيه، مع مراعاة انحدار وحجم مسارات مجاري الأودية والشعاب عند إنشاء مخططات سكنية، أو فتح الطرق، أو إنشاء جسور، أو شوارع، أو أنفاق وغيرها، لتسهيل جريان السيول عند هطول الأمطار واستخدام التقنيات البسيطة مثل بناء حواجز خرسانية في أعالي الأودية لتخفيف سرعة جريان مياه السيول والحد من طاقتها التدميرية، بالإضافة إلى بناء سدود التحكم في السيول في مجاري الأودية لحماية المدن من السيول المنقولة.

وتتأثر عناصر مناخ المملكة خاصة الأمطار ببعض العوامل الجوية والجغرافية التي تؤثر على كمياتها، وجريانها، وتوزيعها، من تلك العوامل، العوامل الجوية مثل الكتل الهوائية البحرية الموسمية والكتل الهوائية البحرية الاستوائية والكتل الهوائية البحرية القطبية، كما تلعب العوامل الجغرافية دورا في ذلك، ومنها المرتفعات الغربية والهضاب في وسط المملكة والحافات مثل، حافة العرمة، وتتميز بواجهة غربية شديدة الانحدار، وواجهة شرقية متدرجة الانحدار، وقصر الأودية، ومنها أودية العتش، وحنيفة، ونساح، والثمامة، والطوقي، وبرك، والمقرن، والغر وروافدها في التأثير في كميات الأمطار.