باريس تسعى لحزمة عقوبات أوروبية إضافية على الشركات السورية

دعت الأسد لإطلاق الإصلاحات «قبل فوات الأوان»

TT

رغم إعلان وزير خارجية فرنسا أن الرئيس الأسد قد «فقد شرعيته»، غير أن باريس، بحسب ما يبدو، ليست «جاهزة» بعد لاجتياز العتبة التالية في عملية الضغط على الرئيس السوري ومطالبته بالرحيل على الرغم من أنها، بحسب ما قالته أمس مصادرها الرئاسية، «فقدت الأمل» من استجابة الرئيس السوري للمطالبة الدولية التي تدعوه إلى وقف القمع والعنف وإطلاق عملية إصلاح حقيقية.

وبينما تسعى فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية إلى استصدار قرار في مجلس الأمن يدين النظام السوري ويدعوه لوقف القمع وتمكين الهيئات الإنسانية من الوصول إلى المدن السورية، فإن المصادر الرئاسية دعت الدول «التي ما زال لديها تأثير» على الأسد إلى «التشاور والتنسيق» في ما بينها من أجل «إيصال رسائل» للقيادة السورية مفادها أنه في «غياب إصلاحات حقيقية، فإن النظام السوري لا مستقبل له ولن يكون مهيأ للاستمرار». ومن الدول التي جاءت هذه المصادر على ذكرها، إضافة إلى فرنسا، هناك السعودية وتركيا وقطر، باعتبار أنها «أقامت حوارا مع النظام السوري» وكان لها في وقت من الأوقات علاقات جيدة معه، وبالتالي فإن الطريقة المفيدة تكمن في «تنسيق الجهود» في ما بينها وإفهام الأسد والفريق الضيق المحيط به أنه يتعين عليه تغيير نهجه وأن «استعادته بعضا من شرعيته المفقودة يكمن في وقف القمع وتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها والتي لم ينفذ منها شيئا».

وتعمل باريس التي نجحت مع بريطانيا في استصدار لائحتين لكبريات الشخصيات السورية التي فرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات مالية وحرمها من الحصول على تأشيرات–على استصدار عقوبات إضافية تطال الشركات السورية الداعمة للنظام أو التي تقيم معه علاقات عضوية على غرار ما حصل في العقوبات المفروضة على الشركات الإيرانية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

وتشكو باريس من غياب رد الفعل العربي على ما يحصل في سوريا ومن الموقف المتحفظ الذي تلتزم به روسيا، الحليف الاستراتيجي لدمشق. وبحسب المصادر الرئاسية، فإن مشروع القرار الذي كان من المقرر أن يتم التصويت عليه في مجلس الأمن أمس ليس تحت الفصل السابع وتمت صياغته بشكل لا يستفز روسيا ولا يدفعها إلى استخدام حق النقض «الفيتو» لمنع صدوره.

وحثت المصادر الرئاسية بشار الأسد على «الاستماع إلى الرسائل الموجهة له قبل فوات الأوان»، في إشارة إلى المرحلة اللاحقة من الضغوط التي يرجح أن تكون دعوته إلى الرحيل بعد أن فقد شرعيته بسبب القمع الذي تمارسه قوات الأمن. لكن هذه المصادر تبقى حذرة في النظر إلى هذه الفرضية لما تعتبره «حساسية الوضع السوري» و«هشاشة المحيط» الإقليمي. ولذا، فإن العمل الدبلوماسي الذي تقوم به باريس بالتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وحلفائها في مجلس الأمن، يتأرجح بين الحاجة للتحرك بما في ذلك في إطار مجلس الأمن الدولي من أجل وقف القمع في سوريا و«مراعاة» الذين يرون أنه لا يتعين ضرب التوازنات القائمة في المنطقة. وعزت المصادر الفرنسية «الاختلاف» في طريقة التعاطي مع النظام السوري عما كان عليه التعاطي مع النظام الليبي أو المصري والتونسي إلى «اختلاف الظروف والأوضاع» والحاجة إلى النظر في كل وضع على حدة مع احترام المبادئ العامة كالاستجابة إلى مطالب المواطنين من الديمقراطية والحرية...

ونفت المصادر الرئاسية أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بين تقويم الخارجية الفرنسية لما هو حاصل في سوريا وتقويم رئاسة الجمهورية له، حيث يرى بعض المراقبين أن مواقف الوزير آلان جوبيه تبدو أكثر تصلبا من المواقف التي يعبر عنها الرئيس ساركوزي أو كبار مستشاريه.