تركيا تستعد لـ«الأسوأ» عند حدودها مع سوريا.. وتنفي منعها دخول اللاجئين

أنقرة لن تقبل بدخول عناصر «الكردستاني» أراضيها تحت ستار الهرب من العنف

لاجئون سوريون في مخيم للاجئين في بلدة هتاي في تركيا أمس (إ.ب.أ)
TT

مع تفاقم الأوضاع الأمنية عند حدود جارتها الجنوبية، تشعر تركيا بالمزيد من القلق إزاء انفلات الأوضاع عند حدودها مع سورية، وتدرس بجدية مطلقة «كل الاحتمالات»، كما أكدت مصادر رسمية تركية لـ«الشرق الأوسط» أمس، قائلة إن أنقرة «تستعد للأسوأ».

ومع ظهور المزيد من اللاجئين السوريين الفارين إليها طلبا للأمان، أو العلاج الطبي، خصوصا مع اقتراب الحملة العسكرية المرتقبة في مدينة جسر الشغور القريبة من الحدود التركية، بدأت السلطات التركية تشعر بثقل المسؤولية. فهي لا تريد تدفقا غير مضبوط للاجئين عبر الحدود، ولن ترضى بانفلاتها، حتى لو اضطرت إلى اعتماد الخيارات البديلة التي بحثها مجلس الأمن القومي التركي الشهر الماضي بجدية ومنها «الخطة ب» لتي تتضمن إقامة «ملاات آمنة» في الجانب السوري من الحدود تستدعي دخولا عسكريا تركيا إليها في حال «انفلتت الأوضاع الأمنية». وهذا الخيار، على الرغم من «تطرفه» يبقى–سب المصادر التركية–أهون من المخاطر الأمنية التي قد تنجم عن دخول أفراد من تنظيم العمال الكردستاني إلى أراضيها تحت ستار الهرب من الوضع الأمني في سوريا، خصوصا أن نحو 300 كيلومتر من أصل 800 كيلومتر هي مساحة الحدود بين البلدين هي لمناطق كردية.

ونفت مصادر دبلوماسية تركية في اتصال مع «الشرق الأوسط» قيام السلطات التركية بمنع أي من اللاجئين السوريين من دخول البلاد، مشيرة إلى أن كل من يحمل جواز سفر سوريا يمكنه الدخول إلى تركيا بمجرد إبرازه عند أي نقطة حدودية بناء لاتفاقية إلغاء التأشيرات المعمول بها بين البلدين. وفسرت المصادر التجمعات التي شوهدت عند الحدود بأن عائلات بعض الجرحى كانت تنتظر عند الجانب السوري تحسبا لاحتمال إعادتهم إلى الأراضي السورية.

وقالت المصادر التركية إن المستشفيات الحدودية التركية تحتوي الآن على 35 لاجئا سوريا من أصل 259 يوجدون في الأراضي التركية. وقالت إنه لم يكن هناك أي مؤشرات على وجود تدفق كبير للاجئين السوريين لكننا نتخذ تدابير للتحضير لمثل هذا التطور.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن أنه «من غير المطروح» أن تقفل تركيا أبوابها في وجه اللاجئين السوريين الذين يهربون من أعمال القمع الدامية في بلادهم. وأضاف أردوغان «في هذه المرحلة، ليس مطروحا أن نقفل الأبواب» (الحدود)، داعيا مرة جديدة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إجراء الإصلاحات التي يطالب بها شعبه. وأوضح أردوغان، الذي كان يرد على أسئلة الصحافيين في أنقرة، أنه يتابع «بقلق» الأحداث في سوريا المجاورة. وقال إن «قلقنا يتزايد... فلنأمل في أن يقوم (النظام) السوري بخطوات عاجلة على صعيد الإصلاحات وبطريقة تقنع المدنيين».

وقالت وكالة أنباء «الأناضول» أمس، إن 122 سوريا بينهم نساء وأطفال عبروا الحدود إلى تركيا الليلة قبل الماضية طلبا للجوء. وفر السوريون من بلدة جسر الشغور خشية العنف مع اقتراب قوات مدعومة بالدبابات صدرت لها أوامر بالهجوم بعد أن اتهمت الحكومة عصابات مسلحة هناك بقتل عشرات من أفراد الأمن. وأضافت الوكالة أن اللاجئين نزلوا في خيام نصبها الهلال الأحمر التركي قرب الحدود في إقليم هتاي بجنوب تركيا إلى الشمال مباشرة من الحدود السورية. وبعد ذلك بقليل، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن مجموعة جديدة من اللاجئين السوريين الهاربين من أعمال القمع، مؤلفة من 60 شخصا على الأقل، دخلت تركيا أمس.

وأضافت أن عناصر الدرك الأتراك تولوا الاهتمام بالمجموعة التي يتألف معظم أفرادها من البالغين، وقد كانوا ينتظرونهم في ضواحي قرية غوفشتشي في محافظة هاتاي. ودقق عناصر الدرك في الهويات ثم نقلوا أفراد المجموعة إلى مخيم للاجئين أقامه الهلال الأحمر التركي في يايلاداجي الذي يبعد 15 كلم عن غوفشتشي. وذكر القرويون أن ثلاثة جرحى هم بين أفراد المجموعة. وأشارت الوكالة إلى أن عشرات السوريين المصابين أدخلوا إلى مستشفيات أنطاكيا في محافظة هاتاي في الأيام الأخيرة.

وكان مسؤول في وزارة الخارجية التركية قال إن نحو 420 شخصا عبروا الحدود من سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد في مارس (آذار) الماضي. وأظهرت لقطات أذاعها التلفزيون التركي جرحى ينقلون إلى مستشفيات في جنوب تركيا.

وقال سكان في جسر الشغور، التي يسكنها عشرات الآلاف، إنهم يحتمون من الهجمات ويتأهبون لها. وقال ناشط مناهض للحكومة لوكالة «رويترز» في مكالمة هاتفية، إن «الجيش يتخذ مواقع حول جسر الشغور»، مضيفا أن السكان رأوا قوات تقترب من البلدة الواقعة في شمال شرقي سوريا قادمة من حلب ثاني أكبر المدن السورية ومن اللاذقية على الساحل. ومضى الناشط، الذي طلب عدم نشر اسمه حرصا على سلامته، يقول إن «أغلب الناس تركوا البلدة لأنهم خائفون... إنهم يعلمون أن عدد القتلى سيكون كبيرا. لجأ الناس إلى قرى مجاورة قرب الحدود التركية. الأطباء والممرضات رحلوا أيضا».