«اليمن ما بعد صالح».. ضغوط داخلية وخارجية من أجل انتقال سلمي للسلطة

د. الظاهري لـ «الشرق الأوسط»: العامل الحاسم هو في جهود الدول الخليجية والأميركية

TT

مع تتطابق الأخبار والتقارير حول خطورة صحة الرئيس علي عبد الله صالح وحاجته إلى رعاية صحية خاصة تجعل من الصعب عودته إلى الحكم في بلاده، تتسارع الأحداث والتطورات في اليمن حيث يتعرض القائم بأعمال رئيس الجمهورية الفريق عبد ربه منصور هادي إلى ضغوط متواصلة سواء من شباب الثورة الذين يعتصمون في الساحات، أو من قبل أسرة الرئيس صالح التي لا تزال تمسك بزمام جزء كبير من الجيش والأمن، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية، وتتمحور هذه الضغوط في الانتقال إلى مرحلة ما بعد صالح، وأفضل الخيارات لخروج اليمن إلى بر الأمان، كما يقول المراقبون.

من جانبهم يطالب شباب الثورة بسرعة الإعلان عن مجلس انتقالي يحكم البلاد ويدير شؤونها خلال الفترة الانتقالية، ونظموا مسيرات يوم أمس، الأربعاء، وصفوها بالمليونية في أكثر من مدينة يمنية، كانت أهمها مسيرة إلى أمام منزل القائم بمهام رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، وفي بيان صحافي قالت اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة الشعبية إنها بصدد التشاور خلال اليومين المقبلين للإعلان عن هذا المجلس لإدارة الفترة الانتقالية مع كل القوى الوطنية والسياسية في الداخل والخارج. كما دعت إلى تشكيل لجنة وطنية تحت إشراف المجلس الانتقالي لتوحيد الجيش والأمن على أسس وطنية، وذكرت أنها ستسعى إلى تشكيل حكومة تكنوقراط والعمل على إنجاز الحوار بشأن صياغة دستور جديد والاستفتاء عليه، وإجراء الانتخابات اللازمة للانتقال بالبلد إلى الشرعية الدستورية. وأكدت مواصلة الفعل الثوري في الساحات لمواجهة كل محاولة لإجهاض الثورة أو الانتقاص من أهدافها.

أما موقف أحزاب اللقاء المشترك - تكتل المعارضة - فإلى الآن لم تعلن موقفها عن المرحلة المقبلة بشكل رسمي، لكن المراقبين يؤكدون أن «المشترك» يسير في اتجاه المبادرة الخليجية التي تحظى بدعم القوى الإقليمية والدولية، وبحسب الدكتور محمد الظاهري، أستاذ العلوم السياسية، فإن نقل السلطة سلميا يتمحور حول اتجاهين رئيسيين؛ الاتجاه الأول يقوده الشباب، حيث يعتبرون رحيل صالح للعلاج في السعودية هو بمثابة تطبيق للهدف الأول من أهدافهم الثورية وهو رحيل رأس النظام. ويتابع الدكتور الظاهري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما يطالب الشباب الآن بالانتقال إلى الأهداف والمطالب التالية وتأسيس مجلس رئاسي انتقالي، وتشكيل حكومة تكنوقراط، بالإضافة إلى التشاور مع مختلف القوى اليمنية حول ما ينبغي عمله في المرحلة المقبلة».

أما الاتجاه الثاني، بحسب الظاهري، «فهو يأتي في إطار الممكن السياسي الذي يرتكز على المبادرة الخليجية، التي تسعى القوى الإقليمية مثل السعودية والقوى الدولية، وأبرزها أميركا والدول الغربية، إلى إحيائها مع تعديل وتجميل بعض بنودها، بالتشاور والحوار مع أحزاب المعارضة - تكتل اللقاء المشترك - والحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، وربما يكون هذا الخيار هو الأقرب للتنفيذ».

ويلفت الدكتور الظاهري إلى أن «القائم بمهام رئيس الجمهورية إلى الآن لم يصدر قرار جمهوري بتعيينه نائبا للرئيس، كما لم يصدر قرار جمهوري بتكليفه القيام بمهام رئيس الجمهورية، ومع ذلك فإنه في إطار الممكن السياسي فإن الجميع يتعاملون معه بصفته نائبا للرئيس، وهو الآن يوجه ضغوطا داخلية وخارجية».

أما عن الخيار الحاسم في اليمن، فيشير الدكتور الظاهري إلى أنه «في إطار الممكن السياسي فإن العامل الحاسم ربما يكون عبر جهود القوى الإقليمية والدولية، كالسعودية والولايات المتحدة الأميركية، التي تستطيع أن تعمل على انتقال سلمي للسلطة في اليمن، أما في إطار الممكن الثوري فإن شباب الثورة ربما يتجهون إلى التصعيد لتحقيق أهدافهم التي وضعوها ضمن المرحلة الثورية التي يسيرون وفقها، والتي ترفض المبادرة الخليجية من البداية».