المصريون يضيقون ذرعا بالاحتجاج عبر «قطع الطرق»

السكك الحديدية الأكثر استهدافا.. والمواطن البسيط الأكثر تضررا

TT

كقطارات الضواحي.. لا تكاد رحلات السكك الحديدية في مصر تستأنف إلا وتتوقف من جديد.. فلم تكد تنتهي أزمة محافظة قنا (بصعيد مصر) عقب رفض الأهالي تعيين محافظ جديد لها، وهو ما توقفت على أثره حركة القطارات لأكثر من أسبوع، حتى توقفت الحركة مرة أخرى بسبب اعتصام أهالي مركز العياط بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة) بسبب رفضهم بناء أحد أبراج تقوية الهاتف الجوال. وقبل ساعات من استئناف رحلات القطار توقف صفيره من جديد، حيث تسببت مشاجرة ثأرية بين عائلتين أمس في تعطيل حركتي القطارات والسيارات على الطريق الزراعي القاهرة–أسيوط.

وبات على المصريين توخي الحذر قبل استقلال القطار، والاستعلام عن الطريق قبل شد الرحال وركوب القطار، آملين ألا يكون الجواب «اسلك طريقا آخر.. هناك مظاهرة واعتصام».. وصارت هذه العبارة في الفترة الراهنة جزءا أساسيا في حياة المصريين اليومية، فالمظاهرات والاحتجاجات المتواصلة ارتبطت في الأذهان حاليا بفكرة «قطع الطرق»، وإغلاق الشوارع، وقطع خطوط السكك الحديدية، ومترو الأنفاق.

ويقول بيتر سمير، وهو طالب تأخر عن امتحانه الجامعي بسبب قطع الطريق الزراعي وخطوط السكك الحديدية أثناء اعتصام أهالي العياط، «حرية التعبير عن الرأي أمر مكفول للجميع، ولكن ليس معنى هذا أن نضر مصالح الآخرين لنعبر عن مشكلاتنا، ولا بد أن نحترم حقوق الآخرين وألا نتعدى عليها».

وشهدت مصر في الفترة الماضية مظاهرات واعتصامات واحتجاجات متتالية ارتبط معظمها إن لم تكن كلها بفكرة الضغط على الحكومة عن طريق «شل» حركة المرور، أيا كان نوعها أو مكانها برا أو جوا أو حتى تحت الأرض، وهدد عاملو الملاحة الجوية بإغلاق المجال الجوي المصري، قبل أن يتراجعوا عن تهديدهم قائلين إنه حرصا منهم على «الحفاظ على مصالح الوطن».

ويقول الدكتور عبد الفتاح ماضي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، «غابت الضوابط عن الشارع المصري في الوقت الراهن، وتصور البعض أن مطالبهم سيتم الاستجابة لها بمجرد النزول للشارع.. رغم أن الفترة الحالية تحتاج للتكاتف أكثر منها للتظاهر».

ورغم تأكيد مجلس الوزراء المصري أمس (الأربعاء) على أن الحكومة ستعمل على تنفيذ قانون تجريم الإضرابات وتعطيل عجلة الإنتاج وأنها لن تتوانى عن التصدي لأي محاولات من أي جهة أو فئة تستهدف تعطيل القانون والإضرار بالاقتصاد الوطني، خاصة في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، فإن شوارع القاهرة تقول عكس ذلك.

أضاف عبد الفتاح: «أعتقد أن غياب الأحزاب عن الشارع وعدم تمثيلها للمواطن العادي هو السبب في شعور المصريين بضرورة النزول للتظاهر تحقيقا لمطالبهم، خاصة أن الحكومة الحالية لا تستطيع وضع الضوابط لأنها غير منتخبة بالأساس من الشعب ولا تحظى بشرعية تمثيله».

في المقابل ترى الدكتورة باكينام الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية مدير مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بجامعة القاهرة، أن الديمقراطية الحقيقية ممارسة، ولن يستطع الشعب المصري الحصول على الديمقراطية دون عقبات، أو أخطاء.

تتابع الشرقاوي بقولها إن «الشعب المصري الذي نجح في انتزاع حريته، فعل ذلك لكي يستخدم هذه الحرية.. وربما يكون طبيعيا أن يستلزم الأمر بعض الوقت لكي ننجح في العثور على صيغة ديمقراطية لنعبر بها عن الحرية التي انتزعناها بعد معاناة طويلة.. ديمقراطية متحضرة تراعي حقوق الجميع ولا تعطل مصالح الوطن».