مهلة المائة يوم تتحول إلى مباراة تلفزيونية بين المالكي وشركائه

رئيس الوزراء فاجأ العراقيين بقرارين: تقديم الدوام الرسمي ساعة.. وتلفزة اجتماعات الحكومة

TT

ما إن انتهت مهلة المائة يوم التي كان ينتظر نهايتها الجميع في العراق، المواطنون والسياسيون، حتى اتخذ رئيس الوزراء نوري المالكي قرارين شكلا مفاجأة للجميع أيضا.. مواطنين ومسؤولين. القرار الأول تمثل في تقديم الدوام الرسمي في دوائر الدولة ومؤسساتها ساعة واحدة مع تقليص وقت الخروج ساعتين وذلك بهدف منح فائض الطاقة الكهربائية من الوزارات والدوائر والمؤسسات لفترة ما بعد الظهر إلى المواطنين مساهمة من الحكومة في حل معضلة الكهرباء. أما القرار الثاني الذي كان المفاجأة الأكثر وقعا على الكتل السياسية فهو نقل اجتماعات مجلس الوزراء على الهواء مباشرة على أن تتولى قناة «العراقية» شبه الرسمية مهمة النقل الحصري لهذه الاجتماعات.

القرار الأول الخاص بنقل فائض الطاقة الكهربائية من الدوائر والمؤسسات لا يزال تأثيره غير واضح لا سيما أن ذروة موسم الحر في العراق تبدا مع شهر يونيو (حزيران) وهو الموعد نفسه الذي انتهت فيه مهلة المائة يوم. هذا التوقيت السيئ كان فرصة مثالية لخصوم المالكي بالتركيز على لومه شخصيا من خلال عدم تحقيق الإنجازات التي وعد بها مع التأكيد على عدم المساس بالوزراء الذين يمثلونهم في الحكومة. المالكي من جانبه سعى إلى الالتفاف على الزمن الذي لم يكن لصالحه مع نهاية المدة وذلك بوضع وزراء حكومته الذين يمثلون كتلهم السياسية أمام المواطنين مباشرة الذين باتوا ولأول مرة يشاهدون ما يجري في أهم مطبخ لصنع القرار السياسي في الدولة وهو الحكومة. واختار المالكي الوقت الذهبي تلفزيونيا لعرض ما يعتبره إنجازا حكوميا مع السعى لتجنب الإخفاقات التي حصلت في عدد من الوزارات حتى تلك الوزارات التي تعود لكتل أخرى مثل كتلة العراقية التي تعد الآن هي الكتلة الأكثر خصومة مع المالكي. فما يهم المالكي الآن هو عرض ما يعده إنجازا لكل الوزارات، ومنها وزارة الكهرباء التي يديرها وزير من القائمة العراقية ولكن يشرف عليها نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وبالتالي فإن أي إنجاز كهربائي يمكن أن يحسب للشهرستاني أكثر من الوزير وهو ما يمكن أن يحصل في وزارات أخرى وفي قطاعات أخرى. السجال الدائر بين المالكي وشركائه وخصومه معا ينحصر في الكيفية التي يمكن معها جعل الحساب ممكنا أو متفقا عليه خصوصا وأن كل شيء في العراق بما في ذلك طريقة الحساب لا بد أن يتم الاتفاق عليها بين الكتل. فتسريح وزير من التيار الصدري مثلا بأمر من المالكي يمكن أن يخلق مشكلة كبيرة بين حزب الدعوة والتيار الصدري لا يجد المالكي أن الوقت الحالي مناسبا لها فضلا عن أنه يجد ولأول مرة أن رؤية الصدريين متطابقة مع رؤيته فيما يتعلق بمهلة المائة يوم. فالصدريون يرون أن المهلة غير كافية ويطالبون بمهلة إضافية حتى أنهم أجلوا مظاهراتهم التي كانوا ينوون القيام بها إلى ما هو أبعد من المائة يوم وذلك بعد ستة أشهر وهو ما يعني اطمئنان المالكي لهم. وحتى على صعيد الصلاحيات فإنه على الرغم من إعلان «العراقية» على لسان المتحدث الرسمي باسمها حيدر الملا أنه في حال أقدم المالكي على محاسبة وزراء «العراقية» في غضون المائة يوم فإن «العراقية» يمكن أن تحاسبه على 1800 يوم وهي المدة التي قضاها رئيسا للوزراء، فإن المالكي لا يزال يجد في نفسه القدرة على استخدام الصلاحيات ليس بعزل وزير فقط وإنما بعزل واحد من أبرز القيادات السياسية الشيعية وهو أحمد الجلبي من هيئة الاجتثاث وهي رسالة قد تكون شديدة الأهمية لباقي الكتل أن المالكي لا يريد الاقتصار على جعل عملية التقييم الحكومي مجرد مباراة تلفازية قد تنتهي بتسويات بل يمكن أن تتحول إلى عملية حساب طالما أنه يعتقد أنه قادر على المجيء بالبدائل وهو ما حصل بالنسبة لوزارة الأمن الوطني التي كلف قياديا من التحالف الوطني بإدارتها وكالة مع منحه كامل الصلاحيات. وطالما أنه فعل ذلك فانه يريد أن يقول للمعترضين على ترشيحه من الوزراء الأمنيين إنه ليس في عجلة من أمره طالما أن الأوضاع الأمنية لا تتأثر بهم.. سلبا أو إيجابا.