الفنانة ريم الغيث تقدم نظرة للتطور والعمران في «دبي ما تبقى من أرضها»

في جناح الإمارات ببينالي البندقية

الفنانة ريم الغيث
TT

يحمل جناح الإمارات في المعرض الفني لبينالي البندقية الذي تستمر فعالياته حتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الاسم «للمرة الثانية»، في إشارة إلى المشاركة الإماراتية الأولى في بينالي البندقية عام 2009.

اختار القيم على الجناح فاسيف كورتون للتصميم الفني الخاص بالمعرض أن يكون 3 «جزر» متساوية في الحجم، وكل منها مستقلة عن الأخرى، قدم من خلالها الفنانون المشاركون: ريم الغيث والفنان عبد الله السعدي والفنانة لطيفة بنت مكتوم مفهوما وتصورا فنيا خاصا يدور حول البيئة والأرض. ويؤكد التصميم الخصوصية التي يمارس بها كل فنان عمله دون أن ينتقص من الأفكار المشتركة التي تكمن وراء الأعمال الإبداعية لكل منهم.

في منتصف الجناح يقع عمل الفنانة ريم الغيث والذي يحمل اسم «دبي ما تبقى من أرضها». الناظر للعمل يشعر وكأنه يزور موقعا للبناء، فمن حوله تتناثر معدات البناء وعلى الأرض هناك آثار رمال وحتى الأرضية تهتز وكأن الزائر يطالع العمل من فوق منصة بناء متحركة. وعلى البعد يحلق طائر الشاهين، رمز دبي، وكأنه شاهد على التطور الذي تعيشه المدينة.

العمل كما قالت ريم في حديث لـ«الشرق الأوسط» يحكي قصة دبي من عام 2000 إلى 2011. وتشير في حديثها إلى أن صورة دبي في العالم تعتمد على مفهوم مغلوط صورها على أنها من أكثر المدن الصغيرة التي بنيت بسرعة وبكثافة، وهو ما تريد أن تغيره: فتستطرد لتشرح مضمون عملها «الكثيرون يعتقدون أن أرض دبي قد بنيت كلها، ولم يتبق بها منطقة لم تبن بعد وهذا غير صحيح فقد قمت بعمل دراسة تخطيطية اتضح لي أن هناك 70% من أرض دبي لم يتم بناؤها بعد. أحببت أن أكون من أوائل الذين يوثقون هذا التطور، وأن أعقد مقارنة بين الأرض ومدى الإعمار فيها».

تتبنى ريم في أعمالها الفنية توجها لتغيير أفكار العالم حول الإمارات وتقول: «منذ دخلت المجال الفني منذ سنتين وأنا أقدم أعمالا تدور حول الأرض والتاريخ وعن التقاليد في الإمارات».

بالنسبة لعمل «دبي، ما تبقى من أرضها» فهو عمل ثلاثي الأبعاد يمثل حدود دبي الواقعية تشير الفنانة إلى حدود دبي مع أبوظبي وحدودها مع الشارقة، وإلى حفنات من تراب صحراء دبي تنتثر على أجزاء من العمل تمثل الأرض الفارغة لكي تعقد مقارنة بين البنيان والأرض التي لم يطلها العمران حتى الآن.

العمل متغير فهو يختلف حسب التطور العمراني على الأرض وهي ميزة حسب ما ترى ريم «العمل يتغير في كل مكان يعرض به، حسب التطور الواقع على الأرض في دبي، فمثلا إذا وجدت بناية أو تطورا في مكان معين، أضيفه للعمل بعد أن أزوره وأقوم بالتقاط الصور والحصول على المعلومات الخاصة به وأضيفه إلى حدود عملي».

العمل يبدو أنه يدور حول دبي الحديثة فقط، فهو يتحدث عن التطور العمراني الحديث وهنا تضيف ريم «أهالينا عاشوا في مكان صغير جدا وكان يتنقلون من مكان لآخر في المواسم. أرى أنه أمر مشجع أن نستطيع بناء بلادنا بهذه السرعة».

رغم حداثة مشوارها الفني فقد قامت ريم بالمشاركة في عدد من المعارض العالمية في سويسرا ثم في ألمانيا من خلال معرض حول الفن الإسلامي في 100 سنة الذي عقد مقارنة بين الأعمال الإسلامية قبل مائة عام والأعمال التي نفذها فنانون مسلمون الآن. كما شاركت ريم في بينالي الشارقة الأخير بعملها المعروض هنا حيث رآه الخبير الفني فاسيف كورتون واختاره للمشاركة في جناح الإمارات في البندقية.

ولكن العمل تغير منذ عرضه في بينالي الشارقة في عام 2009 كما تقول، فقد قامت بإضافة أجزاء وإلغاء أجزاء أخرى وتشرح التطور بقولها إن الحذف والإضافات تتم على أساس المشاريع التي تم تنفيذها على الأرض «كانت هناك مشاريع لم تستكمل ولهذا قررت رفعها من العمل، فالعمل بالنسبة لي هو لحظة مجمدة، وأيضا غير ثابت يمكن أن يتغير في أي لحظة»، وردا على سؤال حول توقعاتها بالنسبة للتغييرات القادمة في العمل تقول: «أحس أنه سيكون هناك تطور أكثر ولكن في حدود صغيرة، فمثلا الأرض الموجودة أمامنا هنا أتوقع أن لا يتغير منها سوى نسبة ضئيلة (2%–3%)، وأرى أن العمل سيظل أمامي بشكله الحالي لـ5 سنوات قادمة لن يتغير فيه سوى شيء ضئيل».

وهو ما يعني أن غالبية أرض دبي لم تكتشف بعد، تجيب «هذا صحيح» وتستطرد «عموما أنا أركز في عملي على الخريطة، فقد كانت هناك فترة لم نكن نعرف فيها ما الذي انتهى وما الذي لم ينته بعد، كانت مخططات كثيرة مثل النخلة وجزيرة العالم، ولم نكن نعرف متى ستبنى. مثلا مشروع جزيرة العالم تم الانتهاء من تخطيطه ولكنه لم يبن بعد ولهذا لم أصنع مجسما ثلاثي الأبعاد له واكتفيت بالمخطط».

ريم الغيث من مواليد دبي وتحمل درجة البكالوريوس في الاتصال المرئي من كلية العمارة والتصميم التابعة للجامعة الأميركية في الشارقة. «درست في الجامعة الأميركية في الشارقة، كان لديهم برنامج جيد للتصميم، كان طموحي أن أدرس الهندسة المعمارية، وخلال دراستي في السنة التأسيسية للتصميم جذبني الفن المرئي أكثر، فدخلت في ذلك المجال، ولكني لم أترك الهندسة التي أحمل لها شغفا وما زلت أنوي أن أدرس درجة الماجستير في الهندسة. تخرجت عام 2008 بكالوريوس في الاتصال المرئي من الجامعة الأميركية في الشارقة».

وعن مشروعاتها المستقبلية تقول: «في شهر 10 لدي معرض في زيوريخ ثم سيول ثم أبوظبي في شهر 11 وفي بداية العام لدي معرض في اليابان».

وبفخر شديد تشير ريم إلى أنها تهدف لتمثيل الفتاة الإماراتية في المحافل الدولية وتضيف «في المعارض التي أشارك فيها أكون دائما الفتاة الإماراتية الوحيدة وأيضا أصغر المشاركات وهو ما يأتي عادة بردة فعل مشجعة من الجمهور الغربي، فقد قال لي الكثيرون إنهم غيروا أفكارهم عن دبي، وعن الفتيات المسلمات ومقدرتهن على إنجاز الأعمال الفنية المعاصرة».