معركة تنورة وسروال تحت قبة البرلمان الفرنسي

هل تضطر النائبات لحجب أنوثتهن تفاديا لمضايقات النواب؟

فاليري بوايير ترفض التخلي عن التنورة
TT

في خطوة تجمع ما بين الاستفزاز والفكاهة، دعت نائبتان فرنسيتان إلى تخصيص «يوم للتنورة» تحت قبة البرلمان، يسمح للنساء بالتمسك بأنوثتهن، على غرار ما طالب به فيلم سينمائي قامت ببطولته إيزابيل أدجاني وحرض الطالبات على ارتداء التنورة، على الرغم من المضايقات التي يتعرضن لها من أشقائهن ورفاقهن في المدرسة. وكانت المحاكمة الجارية في نيويورك لرئيس صندوق النقد الولي، الفرنسي دومينيك ستروس–كان، بتهمة الاعتداء على خادمة في فندق، قد فتحت الباب واسعا أمام موضوع التحرش أو التمييز الجنسي الذي تتعرض له الفرنسيات في أماكن العمل، ولا تنجو منه حتى الوزيرات وممثلات الشعب تحت قبة البرلمان.

ونظرا للتقارير والشهادات التي ملأت أعمدة الصحف، طوال الأسبوعين الماضيين، وجد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، برنار أكواييه، نفسه مضطرا للدفاع عن برلمانه ضد تهمة «الذكورية» وسوء تعامل النواب مع زميلاتهم. وقال الرئيس، في تصريحات له، إن التمييز تحت القبة ليس بأكثر مما هو موجود في المجتمع، رافضا ما وصفه بالاتهامات غير المستندة إلى أساس حول الصعوبات التي تواجهها النائبات حين ترتدين التنورة، بدل السروال الرجالي. وجاء دفاع أكواييه ردا على تصريح لوزيرة الدولة شانتال جوانو، قالت فيه إنها تتفادى حضور جلسات البرلمان مرتدية تنورة لأن ذلك يعرضها لتعليقات غير لائقة. وأكدت وزيرة التعليم العالي والبحث، فاليري بيكريس، التي تشغل مقعدا برلمانيا من مقاعد الحزب الحاكم، كلام زميلتها في تحقيق نشرته صحيفة الـ«جورنال دو ديمانش»، أول من أمس، وقالت فيه إن الأنظار في الوسط السياسي تتركز على جسد المرأة، لذلك فإن الحل الأسهل يكون بارتداء «البنطلون».

وفي السياق نفسه، أعربت النائبتان الشابتان فاليري بويير وبيرونجير بوليتي، من الحزب الحاكم، عن استهجانهما للأقاويل التي تتعرض لمعاناة زميلاتهن البرلمانيات من زملائهن وقالتا إنهما لم تضطرا للتخلي عن أنوثتهن لممارسة عملهن النيابي. ودعت الاثنتان إلى أن يكون يوم أول من أمس، يوما للتنورة تحت القبة، ينتهي بحفل ودي في مقهى البرلمان، يحضره النواب من الجنسين، لمناقشة الأضرار التي لحقت بسمعة المجلس النيابي بسبب الأقاويل حول غياب الاحترام المفترض للنساء فيه، أي لدرس حقيقة المشكلة ووضع النقاط على الحروف. واختارت الداعيتان للحوار عنوان «النائبات اللاتي ترتدين التنورة وتحترمن زملاءهن وتلقين منهم الاحترام».

ولا تنكر أي من النائبتين أن جوا من «الذكورية» يسود الجمعية العامة وأن هناك نوابا «لا يعرفون تمالك أنفسهم». لكن بوليتي ترى أن «الحل في هذا الصرح الجمهوري الذي يقوم على المساواة لا يكون بارتداء السروال. فماذا يمنع، إذن، من ارتداء الحجاب لتغطية الرأس؟». وتضيف أن الرجل الذي يتعرض لها بملاحظة خارجة على الذوق، فإنها قادرة على أن ترد له الصاع صاعين. وسخرت بوليتي من تصريحات وزيرة الرياضة جوانو التي اختارت ارتداء التنورة لتجنب المضايقات، قائلة: «إن من يعرف شخصيتها وماضيها كبطلة في رياضة الكاراتيه، لا يشك في قدرتها على وضع أي رجل في موضعه الصحيح».

تبدو بيرونجير بوليتي، النائبة ذات الشخصية القوية والقادمة من مدينة مرسيليا، في الجنوب، نمطا متميزا بين نساء البرلمان الفرنسي وعموم العاملات في الحقل العام. وهي قد تشبه زميلتها النائبة الشابة فاليري بويير التي تصر على التمسك بمظاهر أنوثتها وعلى حبها للموضة ولا تريد أن تتحول إلى رجل لكي تتمكن من تمرير أفكارها. وهي ترى أن البرلمان هو مكان يبلغه أفراد الجنسين بطريقة وحيدة هي الانتخابات، كما أنه من المؤسسات الفرنسية النادرة التي تتلقى فيها النساء مرتبات مساوية للذكور. لكن السؤال عن التمييز لا يتعلق بالتنورة أو بالسروال، بل عن السبب في قلة التمثيل النسائي فيه قياسا بأعداد الرجال.

ويبلغ عدد النساء المنتخبات في الجمعية الوطنية الفرنسية 113 نائبة من مجموع 576 نائبا.