حملة «نعيما.. اشتر أدواتك تنقذ حياتك».. تثير استغراب الحلاقين

تستهدف التوعية بفيروس «سي» والحد من انتشاره بين المصريين

حملات توعية صحية تعقدها الحملة للحلاقين أسبوعيا («الشرق الأوسط»)
TT

انتشرت في الفترة الأخيرة ملصقات لحملة توعية صحية تحت اسم «نعيما.. اشتر أدواتك تنقذ حياتك»، كلمات الملصقات المثيرة جعلت أهالي منطقة البساتين (جنوب القاهرة) في حيرة بحثا عن مصدرها، ليكتشفوا أنها تابعة لحملة توعية صحية تستهدف مواجهة فيروسات التهاب الكبد الوبائي (C) والتوعية بمسبباتها خاصة في الأحياء الشعبية.

الحملة التي انطلقت منذ فترة بجهود أهلية ضئيلة وعدد مشاركين لا يتجاوز العشرين طبيبا، وأثارت استغراب الحلاقين بدأت نشاطها في الأحياء الشعبية التي يقل فيها الوعي الصحي بفيروسات التهاب الكبد الوبائي وتنتشر الإصابة به وقد لا يدرك سكانها أنهم حاملون للفيروس.

دكتور كريم صادق، مدير الحملة يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الحقيقة أن الوعي الصحي في مصر صفر» مشيرا إلى أن توطن الأمراض في مصر يعود في الأساس إلى السلوكيات والعادات الخاطئة التي تؤدي إلى انتشار الأمراض بطريقة خطيرة. وأضاف صادق: «صحة الإنسان هي أغلي ما يملك، ولكن للأسف لا يوجد توعية كافية بالأمراض في مصر».

ويصف صادق انتشار المرض في مصر بالخطير والمزري، فحين تقدر وزارة الصحة المصرية نسبة الإصابة بـ9 في المائة، تصنف منظمة الصحة العالمية مصر على أنها من أوائل الدول التي ينتشر بها الفيروس بنسبة 20 في المائة، مما يعني ببساطة خمس عدد السكان، بينما لا تتجاوز نسبة الإصابة عالميا 3 في المائة وهو ما يجعل نسبة الإصابة في مصر 7 أضعاف النسبة العالمية.

وعن اختيار اسم «نعيما» يقول صادق: «هناك مصادر مختلفة للعدوى بالمرض، لكن أبرزها على الإطلاق عبر أمواس الحلاقين، التي يعاد الحلق بها لمرات عدة، لذا قررنا أن نبدأ بالحلاقين»، كما أن ارتباط كلمة «نعيما» بالحلاقين في الموروث الشعبي المصري هو ما جعل من المناسب اختيارها اسما للحملة. وتقوم الحملة أساسا على فكرة توعية الحلاقين وزبائنهم باستخدام أدوات شخصية بدلا من استخدام أمواس الحلاق التي قد تُستخدم عدة مرات وهو ما يزيد من فرص نقل المرض.

في منتصف نهار الاثنين من كل أسبوع يتجمع لدى فريق العمل بالحملة ما يقرب من ثلاثين حلاقا يتلقون دروس توعية حول خطورة المرض، ليس فقط على زبائنهم ولكن أيضا علي أنفسهم، أولى وأهم تلك الدروس على الإطلاق تدور حول استخدام موس الحلاقة لمرة واحدة فقط ولزبون واحد.

أسامة حافظ، شاب في العشرينات، صاحب صالون حلاقة بمنطقة البساتين أبدى سعادته بالمشاركة في الحملة، وحسبما يقول: «الحملة أفادتني كثيرا، وسوف أحرص على نظافة أدواتي وتعقيمها حفاظا على صحتي وصحة زبائني». ويعترف أسامة: «كنت أجهل حقيقة هذا الفيروس، وكنت غير مبال بما يقال عن انتشاره عن طريق أدوات الحلاقة، لكن الآن تغيرت نظرتي لهذا لأمر».

أما منار فتحي إحدى المشاركات في الحملة فتؤكد أن «المرض ينتقل أساسا بسبب استخدام الأدوات الشخصية بين أكثر من شخص»، وتلفت منار إلى «ضرورة أن تكون أدوات الحلاقة شخصية ولا يجوز أبدا أن تستخدم بين عدة أشخاص». وتقوم منار ضمن فريق العمل بإجراء تحاليل طبية للحلاقين المشاركين للكشف عن إصابتهم بالمرض من عدمه وتوجيه المصابين للعلاج، ويتم كذلك تطعيمهم ضد فيروس B.

وبعيدا عن البساتين بالقاهرة، قامت الحملة بعدة جولات أخرى فزارت قرية دماص إحدى قرى مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، حيث قامت الحملة بتدريب 20 طبيبا على مواجهة المرض، وستقدم مساعدتها لهم لاحقا فيما يتعلق بالدعم الفني والمشاركة بينما سيتولى أطباء دماص توفير التمويل اللازم عبر التبرعات الأهلية، ولكن دكتور أحمد حسين، أحد المشاركين في الحملة يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى أن يأتي اليوم الذي نلقى فيه الدعم من وزارة الصحة، فالمواطنون يحتاجون التوعية الصحية بشكل عاجل».

وعن المصاعب التي تواجهها الحملة يقول صادق: «نواجه مشكلتين أولاهما غياب أي قانون ينظم عمل المبادرات الفردية وثانيتهما غياب التمويل». ورغم ذلك فالحملة التي يقودها صادق وسط صعاب البيروقراطية وشح التمويل حصلت على دعم كبير حين تم اختيارها ضمن مشاريع (المبادر الشاب) التي ترعاها مبادرة التنمية الصحية المستدامة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف وجمعية نهضة المحروسة وهو ما أعطاها الغطاء القانوني اللازم لاستمرارها.

وفي بداية شهر مايو (أيار) الماضي فازت الحملة في مسابقة «شباب من أجل التغيير» التي تنظمها مكتبة الإسكندرية، لاختيار أفضل مبادرة هادفة على مستوى عموم العالم العربي، وتحصلت الحملة على جائزة قدرها ألف دولار، ساعدت كثيرا في استعداد «نعيما» للانطلاق خارج أحياء القاهرة إلى أحدى قرى شبين الكوم بالمنوفية (شمال القاهرة).

ويحلم صادق أن تتحول حملته التي تتحسس الآن خطواتها الأولى إلى جمعية توعية طبية وصحية متكاملة لتنشر الوعي بين كل المصريين، ولكن حلم كريم لن يتحقق إلا بانضمام المزيد من الأطباء له في حملته؛ حيث يقول صادق: «باب المشاركة مفتوح لكل الأطباء، نريد المزيد من المشاركين لنصبح أقوى في مواجهة المرض».