فيتنام تبدأ مناورات بالذخيرة الحية وسط توتر مع الصين

هانوي وبكين تتنازعان على أرخبيلين يحويان موارد نفطية

TT

بدأت فيتنام أمس سلسلة مناورات بحرية بالذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي، في خطوة يرى محللون أنها تزيد من مخاطر حدوث مواجهة مع بكين على خلفية اشتداد التوتر في الأيام الأخيرة بين البلدين حول أرخبيلين متنازع عليهما في المنطقة. وجرى إطلاق أول وابل من الذخيرة الحية استمر نحو أربع ساعات صباح أمس بالقرب من جزيرة هون أونغ، حسبما أفاد ضابط في البحرية في مدينة دانانغ، طلب عدم الكشف عن هويته، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الضابط إنه «من المقرر إجراء عمليات إطلاق مشابهة هذا المساء في نفس المكان، إلا أن البحرية الفيتنامية ستغير طرق إطلاق النار»، لكنه رفض الكشف عن عدد السفن المشاركة في المناورات. وتجري التدريبات، بحسب الضابط، في محيط جزيرة هون أونغ على مسافة نحو 40 كلم شرق سواحل فيتنام، وتستخدم فيها الذخيرة الحية «ولكن لن نستخدم فيها صواريخ». ورغم أن وزارة الخارجية الفيتنامية وصفت تلك المناورات بأنها عمليات تدريب روتينية سنوية، فإن تلك المناورات رفعت درجة التوتر في بحر الصين الجنوبي، حسبما قال ديفيد كوه المحلل الفيتنامي من معهد الدراسات الجنوب شرق آسيوية في سنغافورة. إلا أنه قال: «لا أعتقد أن هناك الكثير من الخيارات في الوقت الحالي»، مضيفا أنه يتوقع في النهاية «حدوث مواجهة في البحر».

وتجري المناورات داخل منطقة تزعم فيتنام أنها داخل مياهها التجارية الواقعة في مسافة 200 ميل بحري. واتهمت هانوي الشهر الماضي سفن استطلاع صينية بقطع أسلاك تنقيب تابعة لسفينة تبحث عن النفط داخل المنطقة.

وقالت فيتنام الخميس الماضي إن حادثا مماثلا وقع في المنطقة، حيث اصطدم قارب صيد صيني بأسلاك سفينة استطلاع أخرى، مؤكدة أنه هجوم «متعمد». وردت بكين بتحذير هانوي بأن عليها وقف جميع نشاطاتها التي تقول إنها تنتهك السيادة الصينية في المنطقة المتنازع عليها. وأعربت الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي عن «قلقها» لهذا التوتر بين الجارين الشيوعيين، داعية إلى حل «سلمي».

وتتنازع هانوي وبكين السيطرة على أرخبيلي باراسيلز وسبراتليز اللذين يعتقد أنهما يحويان موارد نفطية ما يؤجج التوتر بانتظام بين البلدين.

ونحى مقال في صحيفة «بيبولز أرمي» (جيش الشعب) الفيتنامية باللائمة على الصين في محاولة إثارة خلافات في المياه غير المتنازع عليها «من خلال أعمال استفزازية وأعمال عدائية موجهة إلى جيرانها وتهديدات لمصالح الملاحة البحرية للدول الأخرى لن تؤدي إلى نتائج طيبة بالنسبة للصين». التهديد باستخدام القوة في البحر الشرقي «يتعارض مع اتجاه السلام والتعاون في المنطقة والعالم ويجعل البيئة في المنطقة والعالم أقل استقرارا».

وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية التي تديرها صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني أن هذه المناورات «استعراض عسكري للقوة لتحدي بكين»، حسب «رويترز».

وقامت الأزمة الأكثر حدة بين البلدين عام 1988، وقد أدت إلى مواجهات بحرية قصيرة قتل فيها نحو سبعين فيتناميا. وتجري المناورات بالذخيرة الحية في منطقة تبعد نحو 250 كلم من باراسيلز، ونحو ألف كلم من جزر سبراتليز، الأرخبيلين الواقعين على طرق تجارية بحرية استراتيجية.

وقالت فيتنام إنها ترغب في حل سلمي والالتزام بالقوانين الدولية، كما تؤكد بكين أنها ملتزمة بالسلام في بحر جنوب الصين، إلا أن موقفها المتشدد أثار المخاوف بين الدول في المنطقة وخارجها. وتزايدت التوترات هذا العام بين الصين والفيليبين التي تزعم كذلك أحقيتها بجزر سبراتليز، بينما تقول ماليزيا وبروناي وتايوان كذلك إن لها حصة فيها. وقال رالف كوسا رئيس منتدى «سي اس اي اس» الباسيفيكي، فرع آسيا والمحيط الهادي للدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «لا أحد يريد الحرب، ولكن احتمال إطلاق بعض الطلقات بدافع الغضب، أو اصطدام سفن بعضها ببعض تزداد».

وأضاف أنه رغم هذا الاحتمال فإن جميع الأطراف ستضمن أن أي تصعيد «لن يخرج عن السيطرة».

ولم تنسَ فيتنام ألف عام من الاحتلال الصيني، وكذلك الحرب الحدودية التي جرت عام 1979، كما قتل أكثر من 70 بحارا فيتناميا في عام 1988 عندما اندلعت معارك بين الجانبين في جزر سبراتليز.

وفي يوليو (تموز) 2007 في نفس المنطقة أطلقت البحرية الصينية النار على قارب صيد فيتنامي مما أدى إلى مقتل أحد البحارة. ولم يقتصر التوتر بين فيتنام والصين على الجانب العسكري، بل تعرض ما يزيد عن مائتي موقع فيتنامي على الإنترنت، بينها موقعا وزارتي الزراعة والخارجية، للقرصنة منذ مطلع يونيو(حزيران)، على ما أفاد الجمعة نغويان مين دوك مدير مركز باك خوان لأمن الإنترنت المرتبط بالدولة. وأوضح أن القراصنة تركوا أحيانا على المواقع «معلومات بالصينية وأعلاما صينية»، مشيرا إلى أنه لا يسعه في الوقت الحاضر أن يؤكد إن كان المسؤولون عن هذه الهجمات الإلكترونية صينيين.

وتجمع نحو 50 فيتناميا الأحد للمرة الثانية خلال أسبوع أمام السفارة الصينية في هانوي وهم يرددون أناشيد وطنية. وفي مدينة هو شي مين (سايغون سابقا في الجنوب) جرى تجمع مماثل شارك فيه 250 متظاهرا، غير أن المتظاهرين لم يتمكنوا من الاقتراب من القنصلية الصينية التي طوقتها الشرطة، بحسب ما نقل أحد الشهود.