محادثة سجلتها الشرطة الإيطالية سرا تكشف بيع بن لادن الصينيين صواريخ أميركية لم تنفجر

TT

زار مسؤولون صينيون معسكرات اسامة بن لادن في افغانستان بعد الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة بصواريخ «كروز» على أفغانستان عام 1998 ردا على تفجير السفارتين الأميركيتين في شرق افريقيا، ودفع هؤلاء المسؤولون أموالا لابن لادن مقابل دراسة وازالة بعض تلك الصواريخ التي لم تنفجر، طبقاً لمكالمة هاتفية أجراها اثنان من أتباع بن لادن في أوروبا وسجلتها الشرطة الإيطالية سراً.

وقال الاسعد بن هاني، وهو ليبي الجنسية يبلغ من العمر 31 سنة وألقي القبض عليه في ميونيخ هذا الشهر بطلب من الشرطة الايطالية «من كل مكان في العالم، حضر رجال الاعمال الذين يكرهون اميركا لدراسة استراتيجية الصواريخ الاميركية. لا سيما رجال اعمال من الصين»، مضيفاً أن بن لادن «يعمل كثيرا مع الصينيين، ولديه علاقات طيبة معهم».

وقال بن هاني ايضا ان بن لادن نفسه درس تكنولوجيا الصواريخ، ولديه في كهوف افغانستان اسلحة «لا يمكن ان تتخيلها». وقال متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية «سي. آي. إيه»، انه تردد العديد من القصص منذ الهجوم على معسكرات بن لادن عام 1998 حول صواريخ «كروز» اميركية لم تنفجر سقطت في باكستان او افغانستان، ولكنه اضاف، انه لا توجد تأكيدات بخصوص دراسة صينية لأي من هذه الصواريخ. وقال انه يشكك في أن بن لادن تلقى المبلغ الذي ذكر في المحادثة الهاتفية.

وكانت الولايات المتحدة قد اطلقت الصواريخ انتقاما لنسف السفارتين الاميركيتين في كل من نيروبي ودار السلام يوم 7 اغسطس (آب) 1998، وهو الحادث الذي اتهم المحققون الاميركيون بن لادن بالوقوف وراءه. وقد تم اطلاق 80 صاروخا على قواعد بن لادن في افغانستان كما تم إطلاق صواريخ أيضاً على السودان.

وذكرت مصادر الحكومة الباكستانية آنذاك ان صاروخ كروز من طراز «توماهوك» قد سقط فوق الاراضي الباكستانية بعيدا عن هدفه الاصلي في افغانستان وبدون ان ينفجر، وان الخبراء الباكستانيين يدرسونه. اما الصين فقد نفت مرارا انها درست او حصلت على الصواريخ التي استخدمت في تلك الغارة سواء من باكستان او افغانستان.

وتجدر الاشارة الى ان تكنولوجيا الفضاء كانت مجالا للاحتكاك بين الولايات المتحدة والصين. ففي عام 1999 اتهمت لجنة تابعة للكونغرس الصين بسرقة التكنولوجية الاميركية المتعلقة بنظم توجيه المقاتلات النفاثة وتكنولوجيا الصواريخ. كما ضغطت الولايات المتحدة على الصين من اجل الحد من صادرات صواريخها. وقال الخبراء ان الاطار الجوي ومحرك صاروخ «توماهوك» مبنيان على تكنولوجيا قديمة. ولكن الصين ربما تكون مهتمة بالنظم الالكترونية التي توجه الصاروخ من على مسافات بعيدة وتجعله يحلق على ارتفاعات مخفوضة وتحميه من التشويش.

وذكرت السلطات الايطالية انه تم التنصت على المكالمة بين اثنين من اعضاء خلية اصولية في ميلانو، يعتقد انها تابعة لشبكة بن لادن، في الساعة العاشرة والنصف مساء يوم 9 مارس (آذار) الماضي في شقة بحي غلاراتي في ضواحي ميلانو. وكان هاني يتحدث مع عيسى سامي بن خميس البالغ من العمر 33 سنة وهو تونسي الجنسية. وقد قبض عليه في شهر ابريل (نيسان) الماضي بتهمة التآمر وتهريب الاسلحة والمتفجرات واستخدام وثائق مزورة. وقد قضى كل من هاني وخميس بعض الوقت في معسكرات بن لادن داخل افغانستان.

ويبدو هاني في بعض اجزاء المحادثة وهو يحاول ان يؤثر على الرجل الاخر، بمعلوماته الداخلية عن عمليات بن لادن وقوتها، فذكر هاني «اذا اراد شخص ان يصبح شهيدا، فعليه ان يطلب موافقة بن لادن. ربما كان الاميركيون على قناعة بقصف مراكز التدريب التابعة للشيخ» بن لادن، في اشارة الى قصف معسكرات تنظيم «القاعدة» عام .1998 ثم يضيف هاني «بالنسبة لهم كانت انتصارا. ولكن في الواقع كانت هزيمة، لان غالبية الصواريخ لم تنفجر، بل على العكس لقد زادت من قيمة ترسانة الشيخ».

ثم ذكر هاني ان الولايات المتحدة امدت بن لادن بأسلحة من قبل، في اشارة الى دعم الولايات المتحدة للمجاهدين الافغان في حربهم ضد القوات السوفياتية في الثمانينات. وقال ايضا ان لدى بن لادن اسلحة تركها الروس.

ثم يتابع «بهذه الاسلحة، تمكن من دعم موارده المالية، إذ هناك علماء صينيون ضمن المجموعة التي درست الاسلحة. عندما تراهم تتساءل: ماذا يفعلون هنا؟ وفي النهاية تفهم انهم يعملون لحساب الشيخ وانهم قدموا (إلى أفغانستان) لدراسة هذه الصواريخ. وشكرا للاموال التي اتت عن طريق هذه الدراسات من الخارج، فإنها تمكن من انشاء جيش المجاهدين برئاسة عمر زيان في الشيشان». وحسب المحادثة فإن بن لادن «تجادل مع الصينين وباع لهم الصواريخ بمبلغ ضخم، مقداره عشرة ملايين دولار، ولكن بعدما درسها الشيخ».

وفي نهاية المحادثة دخل شخص الحجرة، من الواضح انه لا يحظى بالثقة الكاملة، وحاول خميس إجبار بن هاني على التوقف عن الحديث.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»