تزايد إقبال الهنود على شراء منازل ثانية

تستخدم لقضاء العطلات وتعتبر استثمارا طويل المدى

احد المنازل في منطقة هيماليا الهندية
TT

يعمل راجديب وسانغيتا في الإعلام بالعاصمة الهندية دلهي. ونظرا لمتطلبات والتزامات العمل ليس لديهما وقت للاسترخاء. ومع اقتراب الزوجين من مرحلة منتصف العمر، يتجهان إلى إبطاء إيقاع الحياة قليلا، لذا اشتريا منزلا ثانيا في مدينة ريشيكيش التي تقع على تلال بعيدا عن صخب الحياة في دلهي وتبعد عنها نحو 5 ساعات بالسيارة. ويقضي الزوجان أسبوعا في المنزل كل شهرين. ويعد امتلاك منزل ثان على التلال حلما بالنسبة إلى سكان دلهي. لكن ليس سكان دلهي وحدهم هم من يتجهون إلى شراء منزل لقضاء العطلات، فقد أصبح هذا توجها سائدا في الهند. وتشهد الأوضاع الاقتصادية في الهند تحسنا كبيرا مما يشعل الرغبات والتوقعات في نفس المواطن العادي.

ما يميز هذا العصر عن الزمن الماضي هو حقيقة أنه في الوقت الذي تشتري فيه العائلات الأرستقراطية والثرية أراضي وعقارات في أماكن مخصصة لقضاء العطلات، يسوق العاملون في مجال التنمية العقارية منازل العطلات في الأماكن التي تصلح لقضاء العطلات وفي ضواحي المدينة. يتم الاهتمام بتوفير أنشطة رياضية مثل الغولف والألعاب المائية والزراعة في الكثير من هذه المشاريع. وكثيرا ما يعرض العاملون في مجال التنمية العقارية تحويل تلك المنازل التي تظل خالية أكثر أوقات العام إلى فرص لدر الدخل على أصحابها من خلال تأجيرها أو المشاركة في نظام الـ«تايم شير».

وبات بناء منازل للعطلات استثمارا جيدا في البلاد مؤخرا. ويتوق أكثر الذين يعيشون في المدن الحضرية المزدحمة إلى السلام في منازل في مزارع وعلى تلال وللعطلات وفي أماكن مقدسة ذات بنية تحتية سليمة ومرافق عصرية في بيئة نظيفة وهادئة بعد التقاعد.

إن اتجاه شراء منازل لقضاء العطلات يزدهر ليس فقط لأنها تقدم للناس فرصة للابتعاد عن تلوث وصخب وفوضى المدينة، لكن لأنها تقدم أيضا الأمان المالي والأسري.

فضلا عن ذلك، هذا التوجه الناشئ يزيد الطلب على المدن المحاطة بالأسوار والتي تشمل جميع المرافق والخدمات. وتعد الأماكن التي تقع على التلال أو بجانب نهر أو تطل على شواطئ أو المناطق الريفية من أكثر الأماكن جذبا لبناء مثل تلك المنازل. ويزداد جذب هذا النوع من المنازل يوما تلو الآخر للباحثين عن التغيير وقضاء العطلات، سواء خلال إجازة المدارس في الصيف أو الإجازات الأخرى للمدارس دون تكبد نفقات إقامة وطعام إضافية في الفنادق.

من تلك الأماكن التي تضم منازل العطلات منطقة وياناد في شمال كيرالا وغوا ولونافال وإقليم شانتينيكيتان بالقرب من كلكتا وشيملا وريشيكيش. وفي أقصى الجنوب على سبيل المثال من الأماكن التي تجذب المقاولين لبناء مثل هذه المنازل كودايكانال وأوتي ويلا غيري ويركاود. وفي الساحل الشرقي الممتد بدأت المنطقة الممتدة من مهاباليبورام إلى بونديتشيري تحظى بالاهتمام وبدا أن المنازل المطلة على الشواطئ بدأت تحظى بالشهرة.

ونحو الشمال، سنجد أماكن مثل شيملا ومنالي وريشيكيش تجذب المستثمرين المحليين والأجانب في مجال التنمية العقارية لبناء مدن سكنية محاطة بأسوار يتم تسويقها باعتبارها منازل للعطلات وبعضها مزود بأثاث ووسائل ترفيه متعددة ومرافق مختلفة مثل النوادي وأحواض السباحة والمنتجعات الصحية ومراكز اليوغا والمساحات الخضراء.

أصبحت منازل العطلات رائجة وإن كان ذلك يسير بخطى بطيئة، حيث تضاعف معدل شراء هذه المنازل لتكون محلا لقضاء العطلات على حد قول بيندو غوبال راو، خبير العقارات.

يقول راو: «الهنود الذين يشترون منازل للعطلات من ذوي الدخول المرتفعة من الطبقة المتوسطة والراقية. وغالبا ما تتراوح أعمار من ينتمون إلى هاتين الطبقتين بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين. ويشتري هؤلاء تلك المنازل إما بغرض الاستثمار وإما لقضاء عطلات نهاية الأسبوع. ولا تزال سوق هذه العقارات تشهد ازدهارا كبيرا في الهند ومن المتوقع أن تزداد ازدهارا وإن كانت لن تصل إلى مستوى الدول الغربية. يحبذ مشتري منازل العطلات في الدول الغربية قضاء الصيف والشتاء بالكامل في تلك المنازل وبالتالي يزداد عدد تلك المنازل. وبدأ هذا المفهوم يظهر على الساحة حاليا في الهند رغم اختلاف الأسباب والدوافع. فهؤلاء الذين يشترون منازل العطلات يتجهون إلى المنازل التي تقع على تلال أو ذات الطابع الحميمي».

وبحسب دراسة أجرتها شركة «كابستون» للاستشارات الإلكترونية على موقعها الإلكتروني Kapston.com، زادت مبيعات منازل العطلات في الهند بنسبة 50 في المائة منذ 2002 حتى 2011. ويتم شراء 54 في المائة من تلك المنازل بغرض قضاء العطلات، بينما يتم شراء 32 في المائة منها بغرض الاستثمار. بدأ الهنود في الخارج خلال السنوات القليلة الماضية يقبلون على هذا النوع من المنازل.

يمكن للهنود المقيمين في الخارج امتلاك هذه المنازل بسهولة لأنهم ولدوا في الهند أو لأن آباءهم أو أجدادهم ولدوا هناك. ويختلف وضع هؤلاء الهنود لأنهم لا يحتاجون إلى شراء منازل في منتجعات أو مدن حضرية كبيرة للتنازل عنها لطرف ثالث. ويفضل الكثير من هؤلاء الهنود العودة إلى جذورهم. تؤكد مانيش أغاروال، وهي طبيبة مقيمة في لندن، على أهمية شراء منزل ثان في الهند، فقد اشترت منزل أجدادها في قرية باكار في وادي كانغرا في الهيمالايا، حيث كان يعيش والداها في الماضي قبل الهجرة إلى لندن منذ عشرات السنوات. وأعادت بناء المنزل بالكامل على الطراز الحديث وتأتي على الأقل مرة كل عام للاستراحة والاسترخاء. وتستطيع مانيش أن ترى وهي مستلقية على السرير قمم جبال الهيمالايا المكسوة بالجليد عبر النافذة. ويتسرب الكثير من الضوء الطبيعي عبر عدة نوافذ. وتساعد الحجارة والطوب اللبن المبني منه المنزل على اعتدال حرارته. تقول أغاروال: «أشرب المياه من نبع صاف. هل هناك أروع من ذلك؟». على الجانب الآخر، المنزل الثاني بالنسبة لسلطان أحمد هو الأول، فهو يقضي جل وقته في هذا المنزل الريفي البسيط المصنوع من الحجارة والطوب اللبن في متنزه جيم كوربت، ويتنقل بينه وبين شقته في جنوب دلهي. منذ عامين عندما عثر سلطان، المصور الفوتوغرافي للمناظر الطبيعية، على قطعة أرض رائعة معروضة للبيع بالقرب من متنزه كوربت انتهز الفرصة وابتاعها على الفور. وقد شيد ثلاثة منازل على هذه الأرض باستخدام مواد بناء من الطبيعة مثل الطين والحجارة وروث البهائم. لم يكن هناك كهرباء في هذه المنازل الصغيرة وكان مصدر المياه بها من جدول صغير في الجبل على بعد 12 كم. ويقول سلطان الذي يملؤه السرور من الإقامة في هذا المنزل: «لقد زرعت الكثير من أشجار الفاكهة حول منازلي حتى تنجذب الطيور إليها لأتمكن من تصويرها».

ويروج الكثير من العاملين في مجال التنمية العقارية لمفهوم امتلاك منزل ثان في ضواحي بعض المدن الكبرى. ويقدمون خدمات توفير دخل سنوي ثابت لأصحاب تلك المنازل وخدمات التنظيف والصيانة. ويمكن الحصول على منازل مفروشة.

بالإضافة إلى كونها منازل لقضاء العطلات، يمكن أن تصبح هذه المنازل فرصة جيدة للاستثمار من خلال تأجيرها مع الاحتفاظ برأس المال. وقد تم التشجيع على شراء منازل العطلات هذه الأيام من خلال عرض المصارف والمؤسسات المالية تمويل هذه العمليات من خلال منح قروض. ويتراوح متوسط مساحة الفيللا ما بين 1500 و2500 قدم مربع، بينما تتراوح مساحة الشقق الاستوديو ما بين 500 و1100 قدم مربع.

يستهدف الكثير من العاملين في مجال التنمية العقارية الفئات التي لديها بالفعل منزل في المدينة وتريد الاستثمار في منزل آخر، لكنها لا تستطيع بسبب ارتفاع أسعار المنازل في المدن.

ونتيجة لارتفاع أسعار المنازل في المدن المزدحمة، تم التوجه إلى شراء منازل ثانية في مدن صغيرة أو مناطق من المحتمل أن تشهد ازدهارا اقتصاديا في المستقبل وتصبح قادرة على منافسة المدن الكبرى. من هذه المناطق المتنزهات التكنولوجية التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في بانغالور وحيدر آباد، ومدن الأقمار الاصطناعية والضواحي والمناطق الصناعية الخاصة وحتى المناطق غير المتقدمة التي تسعى لجان التخطيط والهيئات الصناعية التابعة للحكومة إلى تطويرها.

ومن الأسباب الأخرى لشراء منزل آخر في هذه المناطق خفض الضرائب ومزايا وحوافز أخرى تقدمها الحكومة لتشجيع السكن والاستثمار في هذه المناطق. وتعد أسعار المنازل في تلك المدن أقل من أسعار المنازل في المدن الكبرى على الأقل في البداية قبل أن تحظى بتنمية كاملة.

وترجع تنمية نويدا وغورغاون بالقرب من دلهي وفي مناطق حول مدن كبرى أخرى في الهند بشكل أساسي إلى صعوبة الظروف المعيشية ونقص مساحات المكاتب في مدن مثل دلهي. وانتقل البعض للإقامة في تلك المنازل بصفة دائمة، لكن بينما أبقوا على أسرهم في تلك المنازل التي توجد في المناطق البعيدة عن التلوث، يذهبون إلى عملهم يوميا في المدن الكبرى. يوجد لهذه المنازل غير الأساسية بنية تحتية وقريبة من المرافق المهمة مثل المستشفيات والمدارس والجامعات ومراكز التسوق ومراكز الترفيه والفنادق الخمس نجوم والمسارح والمطاعم.

ومن الأمور المثيرة للاهتمام في سوق منازل العطلات شراء منزل ثان في مدينة أخرى قريبة من مكان العمل. فإذا كان الزوجان لا يعملان في المدينة نفسها، فشراء منزل في مدينة أخرى يساعد على تيسير الالتزام بالذهاب إلى العمل والحفاظ على صحتهما بغض النظر عن دفع ضرائب أقل.