عائلات تنزح من حماة خوفا من عملية عسكرية وشيكة.. وتوتر عشية جمعة «لا للحوار»

إضراب عام في حمص وحماه.. ومسيرات ليلية في عدة مناطق

صورة مأخوذة من موقع (ش ا م ) تظهر دبابة سورية على جسر المزارب
TT

شهدت مدينة حماة أمس حركة نزوح باتجاه المدى والقرى المحيطة، وهربت عشرات الأسر من حماة تحسبا لبدء النظام عملية أمنية واسعة في المدينة اليوم، حيث من المتوقع خروج مظاهرات حاشدة في جمعة «لا للحوار» التي دعا إليها الناشطون.

ويتوقع سكان حماة أن يبدأ الجيش عملية عسكرية على مدينتهم، بعد تطويقها بالدبابات منذ أيام، وإقامة حواجز على منافذها تتفحص البطاقات الشخصية للداخلين إليها. وقد أصدر ناشطون تحذيرات لرفاقهم من سكان المدينة، بتجنب المرور من الطرق التي تقطعها الحواجز الأمنية، وسلوك الطرقات الفرعية، لأن عمليات اعتقال تتم عند الحواجز لقائمة تتضمن أسماء المطلوبين للأجهزة الأمنية.

ومنذ عدة أيام بدأت العائلات الحموية في النزوح إلى المدن القريبة مثل السلمية ومحردة ومشتى الحلو وغيرها. وقال ناشط من سكان حماة لـ«الشرق الأوسط»، إنه بذل جهدا كبيرا لإقناع والدته المسنة وشقيقته بمغادرة المدينة يوم أمس، والذهاب إلى مدينة السقيلبية، ريثما يمضي يوم الجمعة، الذي يتوقع «أن يشهد مزيدا من القمع والعنف بعد اجتياح المدينة من قبل قوات الأمن». وأشار الناشط إلى أن هناك من رفض المغادرة خشية «اقتحام بيوتهم من قبل الجيش وتخريبها أثناء غيابهم»، فقد سبق وجرى هذا في أكثر من مدينة اقتحمها الجيش من درعا وبانياس إلى تلبيسة والرستن وجسر الشغور.

وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أكثر من مائة عائلة نزحت من مدينة حماة باتجاه منطقة السلمية (جنوب شرق حماة)». وأوضح أن النزوح تم «تحسبا من عملية عسكرية يخشى أن يقوم بها الجيش السوري» الذي يطوق المدينة منذ الثلاثاء. كما أشار الناشط إلى «سماع إطلاق نار على جسر مزيريب القريب من المدينة». وكان عبد الرحمن قال الثلاثاء إن «الدبابات متمركزة عند مداخل المدينة باستثناء المدخل الشمالي. والسكان في حالة تعبئة وقرروا الدفاع عن أنفسهم حتى الموت لمنع دخول الجيش المدينة».

ومع تطويق الجيش لمدينة حماة، أطلق النظام السوري مسيرات «أطول علم» تأييدا له، وقال إنها «عفوية» وجرت «لتأييد برنامج الإصلاح في مناطق متعددة من البلاد». إلا أن مظاهرات احتجاجية خرجت مساء في عدة مدن للرد على مسيرات التأييد، أبرزها في حي الميدان في دمشق، وفي حرستا وسقبا وحمورية والكسوة والتل وزملكا والقابون في ريف دمشق، إضافة إلى دير الزور في شرق، ونوى في ريف درعا، وفي تل رفعت في ريف حلب. كذلك خرجت مسيرات ليلة في عدة أحياء في مدينة حمص، وفي مدينة القصير في ريف حمص، وفي أدلب ومعرة النعمان في ريف أدلب. كما تظاهر المئات في اللاذقية وفي طيبة الإمام في ريف حماة، وفي الحسكة شمال شرقي البلاد، والبوكمال في الشرق.

وشهدت مدينتا حمص وحماة إضرابا عاما يوم أمس، وأغلقت فيهما الأسواق الرئيسية، تلبية لدعوات جعل يوم أمس الخميس يوما للإضراب العام.

من جانبها، قالت صحيفة «الوطن» شبه الرسمية يوم أمس، إن «هدوءا حذرا سيطر على مدينة حماة الأربعاء، بعد أن قامت الأجهزة الأمنية بإزالة الحواجز وفتحت أغلبية الشوارع في مختلف أرجاء المدينة». وأضافت أن السلطات «اعتمدت التهدئة والحوار»، وطالبت المتظاهرين «بفتح الطرقات، والسماح للموظفين بالوصول إلى دوائرهم، وعدم الصدام مع الأمن واستفزاز عناصره، وعدم الاحتقان وجر المدينة إلى الخيار العسكري كحل أخير».

وبحسب ما قالته «الوطن»، وضع بعض المتظاهرين «شروطا على السلطات المحلية تتلخص في إعادة المحافظ السابق، وإطلاق سراح المعتقلين، وعدم نزول الأمن إلى الشارع، والتظاهر السلمي يوميا في ساحة العاصي».

وكانت مدينة حماة شهدت الجمعة الماضية أضخم مظاهرة احتجاجية طالبت برحيل الرئيس بشار الأسد شارك فيها نحو نصف مليون شخص في غياب لقوات الأمن. وعلى خلفية هذه المظاهرة التي كانت نموذجا مثاليا للمظاهرات الاحتجاجية حيث لم يسجل أي حادثة عنف أو شغب، رد الأسد بإصدار مرسوم إقالة محافظ حماة الذي عرف بعلاقاته الودية مع الأهالي وتغليبه الحل السياسي. وتم نشر دبابات عند مداخل المدينة، في حين استباحت قوات الأمن حماة وقامت بحملة اعتقال واسعة وملاحقات للناشطين أسفرت عن مقتل 22 مواطنا على الأقل وجرح العشرات.

وتحدث سكان المدينة عن عمليات قتل بشعة، أبرزها قتل الشاب إبراهيم القاشوش، حيث ذبح من حنجرته وألقيت جثته في نهر العاصي. واعتبر ناشطون عملية القتل البشعة التي تعرض لها القاشوش انتقاما منه لأنه كان يشدو بأغاني مستلهمة من الفلكلور المحلي تنادي برحيل الرئيس بشار وقد تغنى بها المحتجون السوريون في كل أرجاء البلاد.

وفي سياق الحل الأمني الذي يستمر النظام السوري في تطبيقه على الأرض، فرضت حالة حظر تجول غير معلنة في عدة قرى في جبل الزاوية في محافظة أدلب (شمال غرب) ضمن عملية أمنية بدأت منذ ثلاثة أيام، تم خلالها اعتقال المئات من أهالي تلك القرى. وقدر عددهم المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ300 شخص. وذكر رئيس المرصد أن «حظرا للتجول غير المعلن فرض على سكان كنصفرة وكفر عويد وكفر رومة واحسم وكفرنبل»، فيما قال ناشطون إن الجيش وجه نداء للأهالي في كفر نبل بعدم الخروج إلى الشوارع وإلا سيتعرضون لرصاص القناصة.