واشنطن تستضيف مؤتمرا دوليا لجنوب السودان نهاية سبتمبر المقبل

نائب مدير «يو إس أيد» لـ«الشرق الأوسط»: سنكون مع شعب جنوب السودان وحكومته في هذه المرحلة الصعبة

TT

أعلنت الإدارة الأميركية، أمس، عزمها استضافة مؤتمر دولي لدعم جنوب السودان نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، في خطوة جديدة لإظهار الدعم الأميركي للدولة الأفريقية الجديدة، المرتقب ولادتها يوم غد.

وتؤكد إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التزامها بدعم دولة جنوب السودان و«بناء الدولة» من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، في وقت ما زالت فيه علاقاتها مع الخرطوم متوترة. وجاء هذا الإعلان عشية توجه وفد رئاسي أميركي إلى جوبا لحضور احتفاليات إعلان تأسيس دولة جنوب السودان، الذي تترأسه السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، ويشمل عددا من المسؤولين الأميركيين.

وقال نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس أيد)، دونالد ستيانبرغ: «أمامنا تحدّ حقيقي في دعم دولة مستقرة جديدة في أفريقيا»، مضيفا أن لدى الولايات المتحدة تاريخا طويلا في دعم جنوب السودان، وستواصل هذا الدور بعد استقلال جوبا.

وشرح ستيانبرغ في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر يأتي نتيجة لحوار مع حكومة جنوب السودان، وطلبهم منا عقد هذا المؤتمر بالنيابة عن المجتمع الدولي». وسيكون هذا الاجتماع على مدار يومين في نهاية سبتمبر (أيلول)، ليتزامن مع انتهاء اجتماعات الجمعية العامة لدى الأمم المتحدة، ومن أجل ضمان أكبر مشاركة ممكنة فيه.

ومن المتوقع أن يكون التمثيل على مستوى وزاري على الأقل، بينما هناك مؤشرات إلى إمكانية مشاركة الرئيس الأميركي في المؤتمر مع انشغاله الشخصي بملف السودان، واهتمامه بنجاح المؤتمر ونجاح تجربة استقلال جنوب السودان بشكل عام. ومن اللافت أن تركيا من بين أكثر الدول المهتمة بهذا المؤتمر، وكشف ستيانبرغ أن تركيا من الدول التي طالبت بالمساعدة في استضافة المؤتمر والمساهمة فيه.

ومن المتوقع أن تكون تركيا، بالإضافة إلى دول الترويكا الدولية للسودان (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج) من بين الدول التي تترأس جلسات في المؤتمر الذي من المرتقب أن يستمر يومين. وسيكون اليوم الأول للمؤتمر مخصصا للمشاركة الحكومية، بينما سيكون اليوم الثاني مخصصا لتشجيع الاستثمار الخاص.

واعتبر ستيانبرغ أن «عقد المؤتمر هذا هو الخطوة الطبيعية، عند توقيع اتفاق السلام الشامل (عام 2005) كان هناك مؤتمر للمانحين ويسرني أننا التزمنا بكل تعهداتنا التي قطعناها في ذلك المؤتمر، وكان هناك توقع بأن نتخذ الخطوة المقبلة» في ضمان الدعم الدولي لجنوب السودان.

وأضاف أن «المؤتمر لا يعتبر مؤتمرا للمانحين، لأن، في واقع الأمر، حكومة جنوب السودان ما زالت تضع أسسها، فقد أوضحوا بعض الخطط التنموية وبعض الخطط لقطاعات محددة، ولكن التفاصيل المطلوبة من أجل عقد مؤتمر للمانحين ليست جاهزة بعد». وتابع أن «المؤتمر سيعقد بعد 10 أسابيع من استقلال الدولة؛ فمن غير المناسب استخدام المؤتمر كفرصة وحيدة للحصول على الدعم من المجتمع الدولي، ولكنه سيضع الأسس لمؤتمرات واجتماعات لاحقة» للحصول على المنح والمساعدات.

ولكنه أردف قائلا إن توقيت المؤتمر مهم، «لأننا على علم بأهمية الإظهار لشعب جنوب السودان وحكومته أننا سنكون معهم في هذه المرحلة الصعبة».

وتعد الإدارة الأميركية حاليا برنامجا شاملا لدعم جنوب السودان، ومن المتوقع أن يتم الكشف عنه خلال المؤتمر. وشرح ستيانبرغ أن «جنوب السودان لديه مصادر كثيرة من حيث النفط وغيره من موارد طبيعية، ولكن هي بحاجة إلى بناء القدرات الحكومية.. بالإضافة إلى أهمية جلب الاستثمار الخاص».

وعلى الرغم من الاحتفالات المرتقبة يوم غد بإقامة دولة جنوب السودان، هناك وعي دولي بشدة العقبات التي ما زالت تواجه السودان وجنوب السودان، وأهمية عدم تأزم العلاقات بينهما. وأكد مساعد وزيرة الخارجية، جوني كارسون، أن «النجاح السياسي والاقتصادي البعيدي الأمد لجنوب السودان سيعتمدان على جارة مستقرة سياسيا، وقادرة على العيش اقتصاديا في الشمال»، أي في السودان.

وأضاف في مؤتمر صحافي عقد في مقر وزارة الخارجية الأميركية، أمس، مع رايس، أن الأمر نفسه بالنسبة للخرطوم، الذي سيعتمد استقرارها على استقرار وانتعاش جنوب السودان.

ومن جهتها، حذرت رايس حكومة الخرطوم من اتخاذ أي خطوات تعرقل وجود بعثة الأمم المتحدة في السودان. وقالت: «الولايات المتحدة قلقة من احتمال إخراج بعثة الأمم المتحدة من السودان» بعد 9 يوليو (تموز). وأضافت: «من الضروري أن تستطيع الأمم المتحدة إبقاء بعثة حفظ السلام في السودان».

وفي ما يخص تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، قال كارسون: «الولايات المتحدة ملتزمة بتطبيع العلاقات مع الخرطوم»، ولكنه شدد على أن تطبيع العلاقات يعتمد على حل كل القضايا العالقة مع جنوب السودان، وتطبيق اتفاق السلام الشامل، واستقرار دارفور أيضا.

وأضافت رايس من جهتها: «نحن مهتمون بعلاقات أكثر طبيعية وبناءة أكثر مع الخرطوم»، موضحة أن عملية مراجعة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قد بدأت، ولكن لم تكتمل من دون تنفيذ جميع بنود اتفاق السلام الشامل.

وبينما رفع السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب غير مرتبط مباشرة بدارفور، قالت رايس: «خارطة الطريق التي وضعناها لتطبيع العلاقات مع الخرطوم لديها مراحل مختلفة، ودارفور جزء مهم من ذلك بالنسبة إلى جوانب أخرى من التطبيع الأوسع».