الشباب المصري يعيد ترتيب «مسرح الثورة»

TT

بدا ميدان التحرير أمس كمسرح لحفل كبير، الكل يسابق الوقت لإنهاء اللمسات الأخيرة لمظاهرة اليوم، أو «عرس مصر» على حد تعبير إحدى الناشطات. فالشباب يملأون الميدان وينظمون حركة مرور السيارات في ظل الغياب التام لقوات الشرطة والجيش. وفي عدة مناطق من الميدان نصب الشباب أعمدة حديدية موصولة بالحبال تمهيدا لوضع مظلة كبيرة عليها تقي المتظاهرين قيظ الحر، خاصة أن توقعات هيئة الأرصاد الجوية تشير إلى أن درجة الحرارة اليوم ستكون 38 درجة مئوية، بالإضافة إلى شدة شمس يوليو (تموز) التي لا ترحم.

وبدا لافتا انقسام الميدان إلى قسمين، الأول في حديقة مبنى «مجمع التحرير»، أكبر مجمع حكومي في القاهرة، ونصب فيه أعضاء الحركات والأحزاب السياسية خيامهم واتخذوا من السور الحديدي الأخضر الذي يحيط بالمكان حدودا لهم، ووقف على مداخل الحديقة أفراد من اللجان الشعبية لتفتيش الراغبين في الدخول والاطلاع على هوياتهم قبل السماح لهم بالدخول. أما القسم الثاني فاتخذ من الحديقة المستديرة في منتصف الميدان مكانا له، ونصبوا بها خياما بدائية ورفعوا لافتة كتب عليها «اعتصام أولاد البلد»، فيما غابت اللجان الشعبية عن تلك الخيام.

وتؤشر زيادة عدد الخيام إلى أن المتظاهرين ينوون الاعتصام في الميدان، رغم أن جماعة الإخوان المسلمين وبعض الجهات الداعية للتظاهر قالت إنها ستترك الميدان في الساعة الخامسة مساء، إلا أن تلك الدعوة لم تلق قبولا من عدد كبير من الائتلافات والحركات الأخرى.

وبخلاف الخيام، تحولت جدران مباني ميدان التحرير إلى جدارية كبيرة تحمل شعارات عدة، منها «الحرية لشرفاء الثورة»، «الفقراء أولا»، «جمعة الإصرار 8 يوليو»، «من المجلس العسكري لشعب مصر: لو ممشتوش عدل هانرجع حسني مبارك تاني»، «لا للمحاكمات العسكرية»، «دم الشهيد لن يضيع»، بالإضافة إلى صور وملصقات أخرى تحمل ألوان العلم المصري.

وعلى جانب الميدان المؤدي إلى شارعي طلعت حرب وباب اللوق وقف الباعة الجائلون يحملون بضاعتهم التي تتنوع بين المأكولات والمشروبات والرايات وأغطية الرأس.

وفي منتصف الميدان وقف شباب وفتيات يرتدون قمصانا مطبوعا عليها العلم المصري، يسيرون حركة المرور ويحرصون على سيولة تدفق السيارات في كل الاتجاهات.

محمد عبد الله، أحد الشباب الذين وقفوا في منتصف الميدان ينظمون حركة المرور، علق في صدره «صافرة» كتلك التي يحملها رجال المرور، وقال لـ«الشرق الأوسط» «نحرص على أن تكون الحركة في الميدان طبيعية حتى لا يقال إن المتظاهرين يعيقون المرور».

وأضاف «رغم غياب الشرطة عن الميدان منذ أكثر من أسبوع فإن الحركة في الميدان لم تتأثر، وهناك عدد من الشباب يتناوبون على ورديات تسيير حركة المرور».

وأغلق عدد كبير من المحال التجارية في ميدان التحرير والشوارع المؤدية له أبوابها منذ أمس «الخميس» خوفا من الأعداد المتزايدة التي بدأت التجمع في ميدان التحرير لقضاء الليلة قبل مظاهرة اليوم، وقام أحد أفرع سلاسل الوجبات السريعة العالمية بميدان التحرير بتغطية الواجهات الزجاجية للمحل بألواح خشبية، تحسبا لأي أعمال عنف محتملة.

وعلى الرصيف الذي يحتل صدر الميدان بدأت تجهيزات إقامة المنصة الرئيسية التي سيقف عليها الإمام في صلاة الجمعة اليوم، وستلقى من عليها كلمات المتحدثين.

وخلف المنصة، استعد الشباب لأي مواجهات محتملة، فأقاموا مستشفى ميدانيا يوجد فيه 40 طبيبا و80 مسعفا وجهزوه بأدوية علاج ضربات الشمس والمطهرات والشاش والأربطة والخيوط الجراحية، بالإضافة إلى كميات من الأدوات الطبية تحسبا لأي إصابات محتملة. يأتي ذلك فيما رفعت وزارة الصحة درجة الاستعداد إلى الدرجة القصوى بأقسام الطوارئ والإسعاف بجميع محافظات الجمهورية تحسبا لوقوع إصابات أثناء التظاهر والاعتصام.

وقال الدكتور عبد الحميد أباظة إن الوزارة أعدت خطة تتضمن تمركز 40 سيارة إسعاف، و3 سيارات عيادات جراحية متنقلة في المنطقة المحيطة بميدان التحرير.