الأمير تركي الفيصل في كامبريدج: نظام البيعة لا يختلف كثيرا عن الانتخابات

قال إن استقبال بن علي لا يعني دعمه.. والقتل في سوريا غير مقبول

الأمير تركي الفيصل آل سعود وبجانبه أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور الزياني خلال الاجتماع السنوي لمركز الخليج للأبحاث
TT

أكد الأمير تركي الفيصل أن أهم مبادئ السياسة الخارجية السعودية عدم التدخل في شؤون الآخرين، وتحدث في كلمة ألقاها في الاجتماع السنوي الثاني لـ«مركز الخليج للأبحاث» بجامعة كامبريدج الذي عقد مساء أول من أمس، عن التطورات التي تشهدها بعض البلدان العربية الآن، وقال إنه لم يتوصل بعد إلى التسمية النهائية لما يحصل في المنطقة العربية، لكنه أشار إلى أن بعض ما يحصل يعتبره «حمام دم» أكثر من أنه يعبر عن ربيع أو ازدهار. كما يمكن اعتباره بالفعل «تسونامي»، وذكّر الأمير بالعواصف التي هبت بالمنطقة العربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكيف حافظت السعودية وسط كل ما حدث في الماضي على هدوئها وأمنها واستقرار شعبها.

كما تحدث الأمير عن تاريخ الجزيرة العربية التي كانت، ولمئات السنوات، مسرحا لصراعات وحروب، وفي الماضي كانت مصدرا للهجرة إلى الخارج، والآن السعودية تنعم بالأمن والظروف الملائمة للحياة الكريمة، وعلى العكس أصبح الناس يأتون من كل مكان للاستقرار فيها لتوافر ظروف العيش الكريم، وبين أن الأمن والاستقرار الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية هو مكسب لا تفريط فيه.

وهنأ البحرين على تجاوز الوضع الذي مرت به، مؤكدا أن البحرين تستحق ما وصلت إليه من حل، في إشارة إلى الحوار الوطني.

وتحدث الأمير تركي عن بعض الزعماء الغربيين الذين يعدون شعوبهم بحياة أفضل ودخل أحسن ويسمون هذا «سياسة» ثم يخلفون وعودهم، وقارنه بالوضع في السعودية حيث كل ما يقدمه الزعماء من وعود للشعب يتم إيفاؤها.

وفي إطار الجلسة الحوارية وعند ردوده على الأسئلة، تحدث الأمير تركي عن القواعد التي يقوم عليها نظام الحكم في السعودية، والتي يرتكز بندها الأول على مسألة تحديد الهوية، مؤكدا أن السعودية دولة مسلمة وعربية، دستورها القرآن وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم من بنودها حماية حقوق المرأة وحقوق الإنسان، وبين أن المملكة قطعت خطوات كبيرة في هذا المجال وهناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى مزيد من الوقت لتحقيقها.

كما تحدث عن البيعة التي تطبق منذ وقت الرسول - عليه الصلاة والسلام - وعرف الأمير تركي الحضور بأن البيعة تنص على أن دور الحاكم هو في الأساس حماية والحفاظ على حياة الناس وحماية الحدود، وعدة مسائل أخرى. ومن واجب المحكومين تقديم الدعم الممكن لتحقيق هذا الأمر. واعتبر الأمير تركي الفيصل أن نظام البيعة لا يختلف كثيرا عن الانتخابات.

وتحدث أيضا عن أهل الحل والعقد وهم في السعودية العلماء ومجلس الشورى والعائلة الحاكمة ورؤساء القبائل والأكاديميون والتجار.

وبين أن الملك يأخذ بيعته من أهل الحل والعقد، ومن واجب الناس أن يقوموا بالبيعة، وذكّر الأمير بالحديث النبوي الشريف الذي يقول «من مات ولم يبايع فليس منا».

وتحدث كذلك عن مجلس التعاون الخليجي الذي بدأ اقتصاديا ثم تطورت اهتماماته لتشمل مختلف المسائل التي تخص المجلس، معتبرا أن الوقت قد حان لتعاون أكبر في المجال العسكري.

وحول استقبال السعودية للرئيس التونسي المخلوع بن علي، أوضح الأمير تركي أن هذا لا يعني أن موقف المملكة هو دعم له أو ضد ما حدث في تونس، لكن السعودية كانت وما زالت ملجأ أي مسلم لا ملجأ له.

وقال إن الموقف الذي أعلنه الملك عبد الله بن عبد العزيز وقت الثورة المصرية لم يكن ضد الثورة إنما لم يتحدد وقتها موقف الشعب المصري بعد، لكن بعدما رأينا إرادة الشعب المصري كنا من أول المساعدين لمصر، وزار وزير خارجيتنا مصر ثلاث مرات للتحاور حول كيفية دعم السعودية لمصر. ونحن ندعم مصر فعليا ولم يكن دعمنا مشروطا كما يفعل الغرب وأوباما الذي يقدم إملاءات حول ديمقراطية مشروطة.

وعند سؤاله عن القذافي والوضع في ليبيا بين أن إنهاء الصراع أولوية في ليبيا، ووسائل الإعلام تتحدث الآن عن مفاوضات بين المجلس الانتقالي والقذافي وبعض الجهات الخارجية، وأكد على ضرورة التوصل إلى حل، وعندما سئل عن إمكانية أن تمنح السعودية اللجوء للقذافي إذا ما طلبه، بين أن القذافي عرف نفسه بأنه «لا منصب له من أي نوع» وإذا ما طلب اللجوء إلى المملكة فسيعامل معاملة من لا منصب له.

وفيما يخص سوريا، شدد الأمير تركي على إيقاف القتل، وتساءل عن طبيعة الوضع وهل هي مسألة مال أو سلطة أو هي مواجهة من أجل البقاء. وقال الأمير إنه حاليا ليس على اتصال مباشر مع جهات سورية سواء من السلطة أو المعارضة، لكنه اعتبر أن الرئيس السوري الذي يصرح دائما بأنه يعمل لصالح الشعب فإذا كان يعتقد ذلك فإنه «لا يقوم بعمل جيد». وفي سوريا الشرطة والجيش هما اللذان يقتلان الناس، وهذا أمر غير مقبول.

وفي المقابل أشاد الأمير بما قام به ملك المغرب من خطوات نحو الإصلاح واعتبره شعلة أمل في طريق الإصلاح.

وقد افتتح الاجتماع الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مجلس إدارة «مركز الخليج للأبحاث». وقدم للندوة وأدار الحوار الدكتور ياسر سليمان. وإلى جانب مداخلة الأمير تركي الفيصل قدم الأمين العام لدول مجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف الزياني أيضا مداخلة عن مجلس التعاون وأعماله، كما تحدث الدكتور بهجت القرني عن الثورات العربية والوضع في مصر.

وتحدث الأمين العام لدول مجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف الزياني في مداخلة عن الدور الفعال الذي يلعبه مجلس التعاون الخليجي، وأنه قد تبين عبر السنوات أنه تمكن من مواجهة العديد من التحديات وانعكس هذا في بداية التسعينات والموقف الفعال في التعاون مع الكويت وقت وبعد الاجتياح. وكذلك مؤخرا حيث نجاح المجلس في التعاون مع البحرين لتجاوز أزمتها والمرور بسلام نحو حوار وطني.

كما تحدث عن دور المجلس في ضمان الأمن والاستقرار لسكانه مع توفير كل مستلزمات الحياة الكريمة. وأشاد بما حققه المجلس من تقدم اقتصادي بفضل العمل المشترك الذي تقوم به دوله في مواجهة التحديات. وذكر بالإجراء الذي تم في 2008 وتكوين السوق الموحدة التي ضمنت التحرك بحرية والتبادل التجاري الحر بين الدول وما لعبه من دور في تحقيق تقدم للجميع. واعتبر الدكتور عبد اللطيف أن دول مجلس التعاون هي من المناطق القليلة في العالم التي حافظت على نموها رغم الأزمة المالية العالمية، بل على العكس فقد ارتفع النمو لـ8 في المائة.

وعن كيفية عمل دول مجلس التعاون، بين الدكتور الزياني أن تحقيق الأمن والاستقرار من أهم الأولويات، وأن أعضاء المجلس يؤمنون بالتعاون المشترك لكن يرفضون أي تدخل من الخارج في الأمور الداخلية التي تخص دوله. وبين كذلك أن المجلس إلى جانب عمله في الداخل قام بعدة مبادرات أهمها المساهمة في إعادة بناء غزة، والدعم الكبير الذي يقدمه لمصر، والمساعدات الإنسانية في ليبيا وأفريقيا.