نقاش في إسرائيل حول احتمالات حرب أهلية.. مع تزايد عدد المستوطنين

مثقف إسرائيلي يدعو للمبادرة: إن لم نبادر سيبادرون

رجال شرطة إسرائيليون بقاعة القادمين في انتظار المتضامنين الأجانب مع الفلسطينيين، أمس رغم الحديث عن تخفيف الانتشار الأمني في مطار بن غوريون (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي ينفجر فيه نقاش إسرائيلي داخلي حاد حول خطر اندلاع حرب أهلية يكون فيها المستوطنون قوة كبيرة وخطيرة، نشرت في تل أبيب معلومات عن ارتفاع عدد المستوطنين في الضفة الغربية خلال السنة الماضية بنسبة عالية جدا، من 320 ألفا إلى 334 ألفا. فإذا أضيف إليهم عدد المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة (أكثر من 180 ألفا)، فإن عدد المستوطنين يتجاوز نصف المليون.

فقد أفادت دائرة تسجيل السكان الإسرائيلية، أمس، بأن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ 334 ألفا حتى مطلع السنة، بزيادة 14 ألف نسمة. وأن أكبر زيادة في عدد المستوطنين كانت في مستوطنات اليهود المتدينين. وقدمت مثلا على ذلك مستوطنة كريات سفار، التي ازداد عدد سكانها نحو 3500 مستوطن.

ووردت هذه الإحصاءات في وقت تشهد فيه إسرائيل نقاشا حادة في أعقاب تصريحات الشخصية الثقافية المعروفة، البروفسور جاد نئمان، التي دعا فيها إلى حرب أهلية بين اليهود فورا لوضع حد للنفوذ الواسع للمستوطنين. ونئمان هو مخرج سينمائي ومحاضر جامعي بارز وهو أحد الحائزين على جائزة إسرائيل، التي تعتبر أعلى الأوسمة للإبداع. وحاول تفسير أقواله، أمس، فقال: «الحرب الأهلية في إسرائيل ستقع لا محالة في يوم من الأيام. فما يفعله المستوطنون في الضفة الغربية يشكل خطرا استراتيجيا على مستقبلنا. فهم يعتدون على الفلسطينيين بشكل وحشي ويجعلوننا دولة أبرتهايد. وهم يعتدون على قوات الجيش والشرطة ويجعلوننا دولة بلا قانون. وهم يروجون لأساليب تجعلنا نتدهور نحو الفاشية. فإذا لم نهب للدفاع عن هوية إسرائيل كدولة ديمقراطية مقبولة في العالم، فإننا سنخسر هذه الدولة ونسلمها لأولئك المتعصبين».

من هنا يدعو نئمان إلى وضع حد للقوة المتعاظمة للمستوطنين وتحجيم نفوذهم ومصارحتهم بأن عليهم أن يستعدوا للرحيل من المستوطنات، لأن غالبية الإسرائيليين معنيون بالسلام ويرون المستوطنات عقبة في طريقهم.

وأثارت هذه التصريحات موجة عارمة من الاحتجاج في الشارع الإسرائيلي، وخصوصا في صفوف اليمين. فرأوا أن «اليسار يثبت مرة أخرى أنه المعادي للديمقراطية»، كما قال رئيس مجلس المستوطنات، داني ديان. وقال البروفسور جابي أبيطال، الذي أشغل في الماضي منصب عالم رئيسي في وزارة العلوم والتكنولوجيا، إن «اليسار يفقد صوابه ولكننا لن نحقق له المراد. قبل ثلاثين سنة، طرح الأديب أ.ب. يهوشواع، الفكرة نفسها عندما قال إنه لا يخاف من حرب أهلية لأنه يرى أن حربا كهذه تعتبر ظاهرة صحية. وقبل سبع سنوات كتب عضو الكنيست أبيشالوم جولان تعقيبا على معارضة المستوطنين لإخلاء المستوطنات في قطاع غزة، قال فيه إن على اليسار أن يشن هجوما على المستوطنين المتطرفين دفاعا عن الديمقراطية». ودعا أبيطال إلى الاستخفاف بهذه الدعوة قائلا «فنحن في اليمين لن نسمح لهم بإعلان حرب أهلية».

وجدير بالذكر أن المستوطنين يعيشون في 176 مستوطنة في الضفة ويتمتعون منذ عام 1967 عندما بدأوا يحتلون رؤوس الجبال في المناطق العربية المحتلة، بامتيازات هائلة في كل مجالات حياتهم. وحسب دراسة قام بها مركز «ماكرو» للاقتصاديات السياسية قبل ثلاثة شهور فإن المستوطنات تغطي 12 مليون متر مربع من الطرقات والبيوت والمصانع التي تكلف بناؤها أكثر من 17 مليار دولار. وقام مركز الأبحاث هذا بمسح استخدمت فيه الأقمار الصناعية والتقنيات الأخرى لكل شقة سكنية ومبنى في المستوطنات. وأضاف المركز أن أكثر من 1.1 مليار دولار أنفقت على بناء المؤسسات العامة، بما في ذلك 321 منشأة رياضية و271 كنيسا، و96 من الحمامات العامة للمتدينين اليهود وفى الأعوام من 2004 حتى 2008 فقط تم بناء 6657 مبنى استيطانيا جديدا.

وتتوزع المستوطنات على ثماني مناطق جغرافية ومحافظات، في الضفة الغربية، هي: جنين في الشمال (9 مستوطنات)، ونابلس (48) مستوطنة، وطولكرم (8)، ورام الله (27)، والقدس (28)، وبيت لحم (18)، وأريحا (11)، والخليل (27). ويعتبر المستوطنون في منطقتي الخليل ونابلس من أكثر المستوطنين تطرفا وتعصبا وشراسة ويمارسون الاعتداءات على الفلسطينيين. وفي السنوات الأخيرة تصاعدت اعتداءاتهم أيضا على قوى الأمن الإسرائيلية، علما بأن أجهزة الأمن أوصت قبل ثلاثة شهور فقط بإعادة توزيع السلاح على المستوطنين بغرض «الدفاع عن النفس».