مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: هل يريد النظام السوري أن ينتهي كنظام كوريا الشمالية؟

جوبيه يشكك في قدرة الأسد على القيام بإصلاحات حقيقية.. وينتقد دور روسيا في تعطيل مجلس الأمن

TT

بينما شكك وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في قدرة النظام السوري على إجراء إصلاحات حقيقية، تساءلت مصادر فرنسية رسمية عما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد «يريد أن يصل نظامه إلى ما وصل إليه النظام في كوريا الشمالية».

وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس إن هناك «أوجه شبه» بين النظامين، حيث إن كليهما يخضع لعقوبات اقتصادية وتجارية، وفرضت عليه عزلة سياسية ودبلوماسية، ويحظر على أبرز قادته السفر إلى الخارج فضلا عن مقاطعته دوليا. وأردفت هذه المصادر قائلة «إذا أرادت السلطات السورية هذا المسار فهو شأنها، لكن يتعين عليها أن تعلم أنه المسار الخطأ».

ووفق القراءة الفرنسية لمجريات الأحداث في سوريا، فإن باريس تتوقع استمرار الحركة الاحتجاجية، بل واستقواءها، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على انطلاقتها. وبالمقابل، تعتبر أن النظام السوري «لن يتراجع عن خيار القمع»، مما يعني أن «التصعيد سيتواصل ومعه دورة العنف والقتل»، الأمر الذي يؤكد أن النظام السوري يخطئ في منحيين: في استمرار طريقة تعاطيه مع الحركة الاحتجاجية من جهة، وفي غياب تنفيذ الإصلاحات التي درج على الإعلان عنها و«لم يطبَّق منها شيء» حتى الآن.

وفي هذا السياق، اعتبر الوزير جوبيه، في مؤتمره الصحافي أمس، أن «قدرة النظام السوري على القيام بإصلاحات حقيقية تسهل الخروج من الأزمة الحالية ضعيفة جدا إن لم تكن معدومة»، مضيفا أن «مصداقية النظام تتهاوى» بسبب استمرار دورة العنف. وبحسب الوزير الفرنسي فإن هذا الرأي «أصبح شائعا» لدى الكثير من الدول الكبرى والشريكة لفرنسا.

وانتقد جوبيه بقوة الموقف الروسي في مجلس الأمن الدولي من دون غيره من مواقف الدول التي تعارض صدور قرار يدين الممارسات السورية في المجلس المذكور، ومن بينها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ولبنان. واعتبر المسؤول الفرنسي أنه «من غير المقبول» ألا يمكن مجلس الأمن من إبداء رأيه «ليس فقط في وضع يتناقض تماما مع قيم الأمم المتحدة لكنه يهدد الأمن الإقليمي»، بسبب تدفق المهاجرين السوريين على بلدان الجوار والأحداث التي جرت على الحدود السورية مع تركيا ولبنان وإسرائيل.

ومنذ بداية الأحداث في سوريا، التزم جوبيه موقفا متشددا من النظام السوري إلى درجة أنه وصفه بـ«فاقد الشرعية»، وكان من أبرز الداعين إلى فرض عقوبات على مسؤولين سوريين بينهم الرئيس الأسد، والساعين إلى قرار إدانة في مجلس الأمن الدولي.

ورغم التواصل المستمر مع روسيا وزيارة رئيس الوزراء بوتين إلى باريس، ثم زيارة جوبيه إلى موسكو، أكد الوزير أن موسكو «ما زالت تعارض خيار اللجوء إلى مجلس الأمن». لكن باريس لم تفقد الأمل، وقال جوبيه إنها ما زالت تسعى إلى توفير «أوسع أكثرية ممكنة» لطرح المشروع على التصويت وزيادة الضغوط على دمشق.

ويبدو أن باريس لم تعد تنتظر شيئا إيجابيا من السلطات السورية رغم ترحيبها الأخير بالاجتماع الذي سمحت به دمشق لشخصيات معارضة ومستقلة. وتشدد فرنسا على أن الخطوة الأولى المطلوبة هي وقف القمع ووضع حد لمسلسل القتل مما يمكن أن يمهد للحوار ويفتح الباب أمام الإصلاحات. لكن جوبيه وصف مجددا تعاطي قوات الأمن مع المتظاهرين بـ«القمع الهمجي» الذي لا يتوافق مع أي رغبة في تهدئة الأمور وسلوك باب الحوار.

وفي موضوع مجلس الأمن، قالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «من لا يريد تحمل مسؤولياته» إزاء ما هو حاصل في سوريا، وهو «يدير رأسه» لكي لا يرى ما هو حاصل هناك. وانتقدت هذه المصادر الموقف اللبناني الذي وصفته بـ«السخيف» رغم علمها بحساسية ودقة التوازنات المتحكمة في موقف الدبلوماسية اللبنانية. وتساءلت هذه المصادر «إذا امتنع لبنان عن لعب دوره كعضو في مجلس الأمن، فلماذا ترشح لهذا المنصب، وبالتالي ما هي فائدة وجوده فيه؟».

وبخصوص لبنان، نبه جوبيه إلى أن باريس «ستستخلص العبر» من طريقة تعاطي الحكومة اللبنانية التي يرأسها نجيب ميقاتي مع موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي شدد على ضرورة أن تمكنها هذه الحكومة من القيام بدورها. ولم يدخل الوزير الفرنسي في تفاصيل ردود الفعل الفرنسية المحتملة. لكن فرنسا تنتظر أن تبدأ حكومة ميقاتي ممارسة مهماتها وتعاطيها مع موضوعين رئيسيين، هما المحكمة من جهة، والتزام بنود القرار الدولي رقم 1701 الخاص بعمل قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) التي تسهم باريس فيها بنحو ألفي فرد.