أوباما يعقد محادثات دقيقة مع الكونغرس لإبعاد شبح الإفلاس عن الحكومة الأميركية

في نهاية الاجتماع قال «لم نتوصل لشيء»

الرئيس الأميركي باراك أوباما مع قادة الكونغرس والمشرعين الأميركيين (رويترز)
TT

اجتمع الرئيس باراك أوباما مع قادة الكونغرس والمشرعين الأميركيين، صباح أمس (الخميس)، في محاولة للخروج من المأزق الاقتصادي الأميركي والتوصل إلى اتفاق حول سقف الميزانية والدين العام. واستمر الاجتماع لمدة ساعتين خرج بعدها الرئيس أوباما ليؤكد أن الاجتماع كان مثمرا وأنه ناقش مع قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي الحلول المقترحة. وقال أوباما «لم نتوصل لشيء، وما زلنا نعمل على مجموعة من القضايا، لكن سيستمر طاقم العمل في التباحث خلال اليومين المقبلين وسنعقد اجتماعا آخر مع قادة الكونغرس يوم الأحد، ونأمل أن نكون قد توصلنا إلى وضع يمكننا من القيام بشيء لصالح الأميركيين».

ووصف أوباما الاجتماع بأنه كان يسوده روح الرغبة في التوصل إلى حلول. وقال، إن «الجميع يدرك أنه يجب الانتهاء من ذلك قبل الثاني من أغسطس (آب)، وأكبر التزام أمامنا هو أن نقوم بالشيء الصواب في نظر الأميركيين».

ويعكف الكونغرس والبيت الأبيض خلال الأسبوعين المقبلين بالعمل على خطة لتقليص النفقات، ومن المقرر إقرار هذه الخطة في 22 يوليو (تموز) والتوصل إلى اتفاق لتقليص عجز الميزانية وارتفاع الحد الأقصى للديون.

وتتهدد الحكومة الفيدرالية خطر التخلف عن سداد الدين وشبح الإفلاس إلا إذا وافق الكونغرس على رفع سقف الدين قبل أغسطس المقبل.

ويطالب الجمهوريون بتخفيضات كبيرة في الإنفاق، خاصة في مجال الرعاية الطبية والرعاية الصحية لكبار السن وتقليص النفقات الحكومية، بينما يسعى أوباما والديمقراطيون إلى توفير إيرادات إضافية من خلال سد بعض الثغرات الضريبية والإعفاءات الضريبية.

وأوضح أوباما أنه يسعى إلى خفض العجز بصورة جزئية من خلال رفع عائدات الضرائب، وبصفة خاصة على الأغنياء، وفرض ضرائب على الشركات ووضع حد للإعانات المقدمة إلى شركات النفط والغاز. وأكد أوباما أن هذا الطرح يمكن أن يحقق 40 ملليتر - دولار من العائد خلال عشر سنوات. وقد أوضح أوباما أنه لن يعتقد أن المناقشات ستصل إلى طريق مسدود يجبره على استخدام بند في التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي يجيز له الموافقة على زيادة سقف الدين الأميركي دون موافقة الكونغرس.

وقد شارك في الاجتماع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري) وزعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ هاري ريد (ديمقراطي) ورئيس مجلس النواب جون بونر وزعيمة الأقلية بمجلس النواب نانسي بيلوسي، وعدد كبير من أعضاء الكونغرس أبرزهم إريك كانتور وديك دربن وجون كيل وسينتي هوير.

وقد أبدى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل اعتراضه قبل الاجتماع مع الرئيس الأميركي على اتجاه الديمقراطيين لرفع الضرائب مشيرا إلى خطورة وجود 14 مليون أميركي عاطل عن العمل، وقال «اجتماع اليوم فرصة لتقديم أفكار حقيقية لمعالجة أزمة الديون وخلق وظائف».

بينما طالب زعيم الأغلبية السيناتور هاري ريد الأميركيين الأغنياء بالمساهمة في الجهد المبذول للحد من العجز، وقال «كل الأميركيين لا بد أن يشاركوا في الحد من العجز، الفقراء والطبقة الوسطى والأطفال وكبار السن، ولا بد من القيام بتضحيات لضبط الميزانية، وإصدار تشريع يؤكد التزام مجلس الشيوخ بدعوة الأثرياء للقيام بنصيبهم من التضحية». وأضاف ريد أن «أي اتفاق لخفض العجز في الميزانية ينبغي أن يتضمن التزام الأثرياء الذي يكسبون أكثر من مليون دولار سنويا بأن يشاركوا بشكل أوضح في الحد من العجز». وقال ريد إن «هؤلاء الأثرياء يشكلون نسبة 1 في المائة من الأميركيين ويسيطرون على نصف ثروة البلاد». وأشار ريد إلى الملياردير وزارن بافيت الذي استهجن أن تدفع سكرتيرته من دخلها حصة أكبر من التي يدفعها رجل يملك 50 مليار دولار. وأكد ريد أن العقود الثلاثة الماضية كانت وقتا جيدا للأثرياء وأن كل أميركي الآن لا بد أن يكون جزءا من الحل بدلا من أن يكون جزءا من المشكلة.

وحذر زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ قائلا إن «هذا البلد يواجه أزمة ويواجه ديونا متزايدة ناجمة عن الحرب والتخفيضات الضريبية للأثرياء ونواجه احتمال أن يجبرنا الجمهوريون عن التخلف عن التزاماتنا للمرة الأولى في التاريخ».

كانت وزارة الخزانة الأميركية قد حذرت من أنه إذا لم يتم إقرار رفع الحد الأقصى المسموح به للاقتراض قبل الثاني من أغسطس فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها مما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد.

وقد جرت عدة لقاءات ومفاوضات شاقة بين البيت الأبيض وأعضاء الكونغرس دون أن تحقق تقدما يذكر بسبب استمرار اختلاف الرؤى ووجهات النظر بين الجمهوريين والديمقراطيين حول قضية زيادة الضرائب على الفئات الأعلى دخلا، حيث يسعى أوباما والديمقراطيون إلى إقرار تشريع جديد يستهدفهم، بينما يرفض الجمهوريون بشدة هذا التشريع. وقد دعا أوباما إلى ما سماه «مقاربة متوازنة» بين تقليص النفقات الوطنية في الدفاع والمجال الاجتماعي والصحة (الذي يطالب به الجمهوريون) وبين إلغاء الإعفاءات الضريبية للأميركيين الأعلى دخلا (ما يطالب الديمقراطيون) ودعا كل طرف إلى القيام بتفاهم للوصول إلى تسوية. في المقابل أكد رئيس مجلس النواب جون بونر أن الكونغرس لن يصوت لمصلحة قانون يزيد الضغط الضريبي على المؤسسات والمشاريع الصغيرة ويدمر الوظائف. ورحب بمناقشة هذه القضايا مع الرئيس في البيت الأبيض، لكنه قال «هذه المناقشات لن تؤدي إلى نتيجة، ما دام الرئيس لا يأخذ الواقع الاقتصادي والتشريعي في اعتباره».

ويقدر الدين الفيدرالي الأميركي بنحو 14.3 تريليون دولار وبلغ في منتصف مايو (أيار) الماضي السقف الذي يسمح به الكونغرس.

وفي الوقت الذي تجري فيه هذه المناقشات المشحونة بالخلافات، دارت تكهنات بأن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غارثنر ينوى ترك منصبه بعد التوصل لاتفاق لزيادة سقف الدين، وهو ما نفاه المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني.