المركزي الأوروبي يمارس ضغوطا على الحكومات لحل أزمة ديون اليورو

رفع سعر الفائدة ربع نقطة

محافظ البنك المركزي الأوروبي بدا حازما أمس في التعامل مع أزمة الديون
TT

عزز رئيس البنك المركزي الأوروبي، جان كلود تريشيه، أمس الخميس الضغوط على القادة السياسيين في أوروبا لاتخاذ قرار حاسم من أجل إيجاد حل لأزمة ديون منطقة اليورو، بعد أن رفع البنك أسعار الفائدة. ورفض تريشيه سلسلة من الأسئلة خلال مؤتمره الصحافي الذي يعقد شهريا بشكل دوري عن رد فعل الدول الأعضاء في منطقة اليورو المؤلفة من 17 دولة على الأزمة. وقال تريشيه إنها (الأسئلة) «يجب أن توجه إلى الحكومات.. إنها المسؤولة».

وتعد هذه هي المرة الثانية خلال أربعة أشهر التي يقدم فيها البنك المركزي الأوروبي على رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ويأتي ذلك على الرغم من تجدد المخاوف بشأن أزمة الديون ودلائل تباطؤ النمو الاقتصادي. ورفعت الزيادة في سعر إعادة التمويل القياسي للبنك تكلفة اقتراض الأموال في تكتل العملة الموحدة إلى 1.5 في المائة.

ويقول محللون إن خطوة البنك لتأكيد تفويضه في محاربة التضخم عبر زيادة أسعار الفائدة هي مؤشر أيضا على تأكيد البنك لاستقلاله بعد أن قام بدور بارز مع الحكومات في جهود استقرار اقتصاد منطقة اليورو عقب أزمة الديون. وقال تريشيه إن «الحكومات والسلطات هي الفاعلة». لكن خيم على الاجتماع تجدد التوترات بشأن أزمة الديون التي تجتاح عدة دول بمنطقة اليورو، من بينها البرتغال واليونان، عقب صدور تقارير سلبية من وكالات تصنيف عالمية. وكانت وكالة «موديز» خفضت يوم الثلاثاء تصنيف الديون السيادية للبرتغال إلى درجة عديمة القيمة، قائلة إن لشبونة ربما لن تستطيع أن تحقق الأرقام المستهدفة لخفض ديونها، وبالتالي ستحتاج مثل اليونان إلى حزمة إنقاذ ثانية.

وجاء ذلك عقب إعلان وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني في نيويورك الاثنين الماضي أن خطة تقترحها بنوك فرنسية وألمانيا لتمديد موعد استحقاق ديون يونانية يمكن أن تحدث عجزا انتقائيا لليونان. وقال تريشيه خلال سيل من الأسئلة بشأن أزمة ديون اليونان «إننا نقول لا لحالات العجز الانتقائية والعجز الجزئي.. انتهى». ويثير بيان «ستاندرد آند بورز» سؤالا بشأن ما إذا كان يمكن أن يتم رفض ديون اليونان كضمانات للحصول على قروض من البنك المركزي الأوروبي، مما قد يتسبب في اندلاع أزمة مصرفية في البلد المثقل بالديون. وتعتمد البنوك اليونانية على قروض البنك المركزي الأوروبي. ومع ذلك استبعد البنك قبول سندات كضمانات إذا كانت تحمل تصنيف العجز.

وخلال حديثه في مؤتمره الصحافي، رفض تريشيه أيضا المخاوف من أن ارتفاع تكاليف الإقراض بشكل أكبر سيزيد الضغوط على الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو. وشدد على أن كل سكان منطقة اليورو البالغ عددهم 330 مليون شخص سيستفيدون من جهود البنك المركزي الأوروبي لكبح التضخم.

وقال تريشيه إن البنك «سيتابع عن كثب جدا» التطورات الاقتصادية والمالية، ووصف السياسة النقدية باعتبارها «سياسة نقدية مرنة»، وهو مصطلح يشير إلى إمكانية إجراء زيادة أخرى في أسعار الفائدة.

وكان رئيس البنك حذر من مخاطر ارتفاع التضخم بشكل أكبر من المتوقع خلال الأشهر القادمة، قائلا إن تكاليف الطاقة والضرائب غير المباشرة يمكن أن ترتفع بوتيرة أسرع من المتوقع حاليا. لكنه ذهب إلى القول إن المجلس الحاكم بالبنك لم يتخذ قرارا بشأن ما إذا كان سيطلق سلسلة من رفع الفائدة. وقال إن «عقيدتنا هي أننا لا تكون لدينا أبدا التزامات مسبقة.. إننا نتخذ القرار عندما نجتمع».

ويبلغ معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو 2.7. في المائة، أي ما يزيد بشكل كبير عن السقف المستهدف البالغ 2 في المائة من جانب البنك المركزي الأوروبي. لكن بعيدا عن زيادة أسعار الفائدة التي كانت متوقعة على نطاق واسع هذا الأسبوع، فإن تباطؤ النمو وأزمة ديون منطقة اليورو أديا إلى انقسام المحللين بشأن الخطط النقدية للبنك المركزي الأوروبي في الأشهر القادمة.

ويرى الكثير من المحللين أن أسعار الفائدة سترتفع بما يتراوح بين 2 و2.5 في المائة بحلول منتصف العام القادم، حيث يواصل البنك دورته لرفع الأسعار الفائدة. لكن بعض المحللين يتشككون حيال حجم الزيادة التي يمكن للبنك أن يجريها على أسعار الفائدة. كما أن أحدث توقعات لموظفي البنك المركزي الأوروبي تشير إلى أن أسعار المستهلكين سترتفع إلى 2.3 في المائة هذا العام، قبل أن تتراجع إلى 1.7 في المائة في عام 2012. ومن شأن ذلك أن يدفع أسعار المستهلكين للتراجع بما يتفق بشكل ضروري مع الرقم المستهدف للبنك بألا تزيد على 2 في المائة.

وجاء اجتماع مجلس البنك لوضع السياسة النقدية، والمؤلف من 23 عضوا، أمس الخميس في غمرة سلسلة من الاجتماعات لبنوك مركزية في العالم هذا الأسبوع. وقبيل اجتماع البنك المركزي الأوروبي، رفع البنك المركزي السويدي «ريكسبنك» سعر فائدته الرئيسية من 1.75 في المائة إلى 2 في المائة، بينما زادت الصين تكاليف الإقراض للمرة الثالثة هذا العام. ومثلما الحال مع بنك الاحتياط الاسترالي الذي أبقى على سعر الفائدة دون تغيير يوم الثلاثاء، ترك بنك إنجلترا الفائدة من دون تغيير عند المستوى المتدني القياسي 0.5 في المائة، كما أبقى على برنامجه لشراء الأصول عند 200 مليار جنيه إسترليني (320 مليار دولار).