واشنطن: غوغائيون هاجموا السفارة ومنزل السفير.. والسلطات السورية تباطأت في الرد

إنزالوا العلم الأميركي ورفعوا السوري ورشقوا السفارة بالطماطم والبيض والحجارة

اثار الاعتداء على نوافذ السفارة الاميركية في العاصمة دمشق من قبل متظاهرين موالين للنظام السوري (ا ف ب)
TT

أدانت الإدارة الأميركية الهجوم على سفارتها أمس وأبلغت القائم بالأعمال السوري في واشنطن ضرورة تحمل السلطات السورية مسؤولياتها في حماية الدبلوماسيين بدمشق بناء على اتفاقية فيينا. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية أمس: «ندين رفض الحكومة السورية حماية سفارتنا ونطالب بتعويضات عن الضرر». وربطت وزارة الخارجية الأميركية بين الهجوم على سفارتها وعدم احترام حقوق الإنسان السوري؛ إذ اعتبر الناطق أن «الحكومة السورية فشلت في حماية المنشآت الدبلوماسية مثلما فشلت في حماية حقوق الإنسان». وأوضح الناطق أن «السفارة الأميركية في دمشق ومقر إقامة رئيس البعثة الأميركية تعرضا لهجوم من غوغائيين»، موضحا أنه «لم يصب أي من الموظفين بأذى ولم يتعرضوا لخطر و(لكن) مقر السفارة تضرر». وأضاف الناطق أن «السلطات السورية تباطأت في الرد (على الهجوم) في تزويد إجراءات أمنية إضافية». واتهمت وزارة الخارجية الأميركية السلطات السورية بشكل غير مباشر بالوقوف وراء تشجيع الهجوم على السفارة؛ إذ قال الناطق إن «قناة تلفزيونية تؤثر عليها السلطات السورية بشكل كبير شجعت التظاهر العنيف». ولكنه أوضح أن «الحكومة السورية أكدت لنا أنها ستزيد الحماية المطلوبة بموجب اتفاقية فيينا ونحن نتوقع ذلك، فأحد أبسط تعهدات الحكومة بموجب الاتفاقية حماية المنشآت الدبلوماسية، وهنا فشلت الحكومة السورية مثلما فشلت في حماية حقوق الإنسان». وأضاف: «نطالب الحكومة السورية بحماية تعهداتها تجاه مواطنيها، مثلما عليها الالتزام بتعهداتها الدولية بحماية الدبلوماسيين».

وسجلت العلاقات السورية - الفرنسية والأميركية تصاعدا في التوتر، بعد إعلان وزارة الخارجية السورية قيامها باستدعاء السفيرين، الأميركي والفرنسي، في دمشق وإبلاغهما «احتجاجا شديدا بشأن زيارتيهما لمدينة حماه دون الحصول على موافقة الوزارة»، الذي ردت عليه الخارجية الأميركية بالنفي، في حين استدعت باريس السفيرة السورية في باريس للاحتجاج على قيام مريدي النظام السوري بمهاجمة السفارة الفرنسية في دمشق. وبلغ التوتر حدا أعلى مع قيام عشرات من مؤيدي النظام السوري يوم أمس باقتحام منيي السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق، وقيام حراس في السفارتين بإطلاق النار وقنابل مسيلة للدموع لتفريق المهاجمين الغاضبين.

وقال شهود عيان موجودون في محيط السفارة الأميركية في حي المالكي وسط العاصمة السورية، دمشق، إن عشرات من الشباب المؤيدين للنظام اعتصموا أمام السفارة منذ يوم السبت، ويوم أمس قاموا صباحا باقتحام السفارة وتسلق بعضهم السور حيث جرى إنزال العلم الأميركي، ورفع العلم السوري، وقال الشاهد إنه سمع صوت إطلاق رصاصة في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين قاموا بتحطيم الزجاج وتكسير السيارات في محيط السفارة، كما تم رمي قنابل مسيلة للدموع لتفريق المهاجمين المحتجين على زيارة السفير روبرت فورد إلى مدينة حماه واعتبار هذه الزيارة تدخلا في الشؤون السورية ومساعدة المتظاهرين. ولدى سماع إطلاق النار زاد اهتياج المهاجمين وجرى تدافع أسفر عن وقوع جريحين.

وبحسب مصادر في السفارة الأميركية قام «حراس السفارة برمي قنابل مسيلة للدموع بعد محاولة محتجين سوريين الدخول إلى مبنى السفارة الأميركية». وقال: «إن عشرات الشباب رموا الحجارة على مبنى السفارة، مما أسهم في تحطيم الزجاج الخارجي».

كما هاجم مؤيدو النظام السوري مبنى السفارة الفرنسية في منطقة العفيف وسط دمشق، وهاجموا السفارة بالحجارة وقاموا بتحطيم الزجاج وتخريب السيارات وحاولوا اقتحام السفارة، مما دفع حراس السفارة إلى رمي قنابل مسيلة للدموع لتفريق المحتجين على زيارة السفير الفرنسي إلى حماه يوم الجمعة الماضي.

وكذلك هاجم مؤيدو النظام أيضا مبنى السفارة القطرية في دمشق وقاموا بتحطيم الزجاج الخارجي للمبنى وحضرت قوات الأمن السورية لإبعادهم. ويتهم مؤيدو النظام دولة قطر بالتآمر على سوريا وتشجيع المظاهرات من خلال قناة «الجزيرة»، حيث سبق لهم القيام باعتصامات احتجاجية أمام السفارة وأيضا مكتب قناة «الجزيرة» قبل أن يتم إغلاقه، كما ينظم مؤيدو النظام حملات لكتابة اسم قناة «الجزيرة» على حاويات القمامة في الشوارع.

واستدعت وزارة الخارجية سفيري الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، أول من أمس، وأبلغتهما احتجاجا شديدا بشأن زيارتيهما لمدينة حماه دون الحصول على موافقة الوزارة، الأمر الذي يخرق المادة (41) من معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تتضمن وجوب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدة لديها وعلى أن يتم بحث المسائل الرسمية مع وزارة الخارجية.

وقالت الوزارة في بيان لها: «إن زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إلى حماه تشكلان تدخلا واضحا بشؤون سوريا الداخلية، وهذا يؤكد وجود تشجيع ودعم خارجي لما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وذلك في الوقت الذي ينطلق فيه الحوار الوطني الهادف إلى بناء سوريا المستقبل». وكان سفيرا الولايات المتحدة وفرنسا زارا مدينة حماه، يوم الجمعة الماضي، والتقيا بعض المتظاهرين وزارا الجرحى في بعض المشافي في المدينة. من جانبها ردت واشنطن بنفي أن تكون وزارة الخارجية السورية استدعت السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، إلى الوزارة للاحتجاج على زيارته ونظيره الفرنسي إريك شوفالييه إلى حماه، الجمعة الماضي، مؤكدة أن زيارته جرى الإعداد لها مسبقا بناء على طلب واشنطن.

وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية إن الحكومة السورية «اختارت الاعتراض على زيارة فورد الأخيرة إلى حماه الأسبوع الماضي من خلال تنظيم احتجاج غاضب خارج السفارة الأميركية في دمشق. استمرت المظاهرة 31 ساعة من يوم الجمعة إلى السبت، مع محتجين يطالبون بمغادرة السفير. المحتجون رشقوا في نهاية المطاف السفارة بالطماطم والبيض وبعدها بالزجاج والحجارة».

وأضاف أن مسؤول الأمن الإقليمي في السفارة تواصل مع القوات الأمنية السورية التي نشرت المزيد من العناصر الأمنية «لتهدئة المتظاهرين. لقد تم تفريق المتظاهرين ليل السبت». وتابع إن فورد «سجل استياء الولايات المتحدة من هذه الأحداث خلال اجتماع في 10 يوليو (تموز) مع وزير الخارجية السوري، وليد المعلم. هذا الاجتماع كان بطلب من السفارة الأميركية في دمشق، وكان مقررا عقده منذ الخميس الماضي. السفير فورد لم يستدعَ من وزارة الخارجية». وأكد أن المعلم «رفع شكوى رسمية مع السفير فورد بشأن زيارته إلى حماه الأسبوع الماضي».

وأشار المسؤول إلى أن فورد أوضح خلال الاجتماع أن «تحريض الحكومة السورية ضد الولايات المتحدة، بما في ذلك من خلال عدوانية المتظاهرين أمام السفارة، يجب أن يتوقف، وعلى الحكومة السورية أن لا تستخدم زيارته إلى حماه - التي كانت من أجل جمع المعلومات ودعم حرية التعبير - من أجل (البروباغندا)»، مشيرا إلى أن فورد دعا الحكومة السورية إلى «الوفاء بمسؤولياتها بموجب معاهدة فيينا لحماية الدبلوماسيين والمرافق الدبلوماسية»، موضحا أن المعلم تعهد بأن «الحكومة السورية ستوفر الدعم لحماية السفارة وموظفيها. نتوقع من الحكومة السورية القيام بذلك».