رغم استقلال جنوب السودان.. ما زالت أغنيات كبار فناني الشمال تتردد في حفلات الاستقلال

الجنوبيون يعبرون عن تطلعاتهم لبناء دولة جديدة تقوم على أسس الديمقراطية والتنمية المتوازنة

TT

عبر عدد من الجنوبيين عن تطلعاتهم في علاقات جديدة مع جيران جمهورية جنوب السودان، خاصة مع دولة الشمال، وإبعاد خيار الحرب بين الدولتين، وشددوا على أن الدولة الجديدة لا بد أن تبنى على أسس ديمقراطية ومساواة وعدالة وتنمية متوازنة، واعتبروا أن التحديات التي تواجه دولة الجنوب التي مضى على إعلانها ثلاثة أيام كبيرة وتحتاج إلى جهود أكبر، وما زالت مدن الجنوب المختلفة تشهد مظاهر الاحتفالات، خاصة العاصمة جوبا.

وعلى الرغم من أن الجنوبيين أعلنوا دولتهم الجديدة، فإن أغنيات كبار فناني الشمال ما زالت مسيطرة في الحفلات العامة التي تشهدها جوبا، ويرقصون على أنغامها، وتستمر الحفلات حتى الساعات الأولى من الصباح.

وقال بول كوك، المدير الإقليمي لمنظمة منبر شباب جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط» إن منظمته ستبدأ تعبئة وسط الشعب الجنوبي لتحقيق الوحدة بينهم ونبذ الفرقة والاختلافات بين القبائل. وأضاف كوك: «سنعمل على إرسال رسالة لإخوتنا في شمال السودان بأننا لا بد أن نتعايش كجيران ونرفض العودة للحرب بين الشمال والجنوب». وقال إن الجنوبيين تعبوا من الحرب وإن دولتهم الفتية تحتاج إلى التنمية. وأضاف: «لا بد من نزع الكراهية التي خلقها إعلان دولة الجنوب الذي أدى إلى صدمة وسط غالبية الشماليين».

واعتبر كوك أن أكبر التحديات التي تواجه دولة الجنوب بعد الاستقلال يتمثل بتحقيق التنمية المتوازنة بين أقاليم الجنوب المختلفة حتى لا تحمل مجموعة السلاح وتتكرر تجربة السودان الماضية قبل إعلان دولة الجنوب قبل ثلاثة أيام. وقال إن تطوير البنى التحتية من طرق واتصالات ونقل المدينة إلى الريف وفق الشعار الذي أطلقته الحركة الشعبية من أهم التحديات التي تواجه الجنوب.

من جانبه، قال باولينو جستن لـ«الشرق الأوسط»: إن توفير فرص التعليم لكل الأطفال بصورة إجبارية في الدولة الجديدة سيصبح المفتاح لبناء دولة قوية. وأضاف أن الجنوب خلال الـ50 عاما الماضية كان حظه في التعليم ضئيلا، لكن ذلك أصبح من الماضي؛ لأن لدى الجنوبيين الآن دولة عليهم أن يتحملوا مسؤوليتها، وقال إن توفير فرص العمل للشباب مهمة كبيرة حتى لا يلجأوا إلى حمل السلاح لمواجهة الدولة الجديدة، وتابع: «شباب الجنوب صبروا كثيرا حتى استطعنا تحقيق دولتنا، الآن لا بد من تعويضهم لكل ما فاتهم بتوفير فرص العمل لهم حتى لا يصبحوا لقمة لقيادة الميليشيات».

واتفقت سوني جون في حديثها مع «الشرق الأوسط» مع ما ذكره سلفها وطالبت الدولة الجديدة عند تأسيس هياكلها بمنح المرأة نسبة الـ30% التي وعدها بها سلفا كير ميارديت، رئيس جنوب السودان، من قبل، وقالت إن الطموحات كبيرة للشعب الجنوبي وعلى قادة الحكم أن يبدأوا في تلبيتها دون تلكؤ، وأردفت: «الوقت للعمل بعد مظاهر الاحتفالات التي أقمناها خلال الأيام الثلاثة الماضية»، ودعت حكومة الجنوب إلى حل الأزمات بينها وبين قادة الميليشيات عبر الحوار، وقالت: «لا يمكن أن نبني دولتنا في أجواء حرب عبثية بين أبناء الشعب الواحد، ولا بد من إجراء جوار عبر مؤتمر لكل القوى السياسية الجنوبية لتأسيس دولة الجنوب على أسس جديدة».

من جهته، قال أبور جورج لـ«الشرق الأوسط»: إن الحرب الحقيقية التي يفترض أن تقوم بها دولة جنوب السودان ضد الجهل والتخلف والمرض وإنهاء البطالة، خاصة وسط الشباب. وأضاف أن الجنوبيين يمكنهم تجاوز كل العقبات والصعوبات بتحقيق وحدتهم ووضع برنامج استراتيجي للسنوات العشر المقبلة ترتكز على الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة والتنمية المتوازنة لتأسيس دولة قوية تستطيع الصمود وسط هذه التحديات والتربص من قبل أطماع حكومة الشمال، لكنه عاد وقال: «نحن نحتاج إلى علاقة متوازنة وجيدة مع الجيران، خاصة الشمال، ولا بد من حل القضايا العالقة وإبعاد شبح العودة إلى الحرب مرة أخرى».

إلى ذلك، تواصلت الاحتفالات في الكثير من مدن الدولة الجديدة، خاصة العاصمة جوبا، حتى الساعات الأولى من الصباح، وشهدت فنادق وأحياء جوبا حفلات الرقص تعبيرا عن فرحتهم لإعلان استقلال جنوب السودان، وعلى الرغم من الانفصال بين الشمال والجنوب فإن أغنيات فناني الشمال الكبار من أمثال محمد وردي والراحل عثمان حسين ظل يرددها الجنوبيون في تلك الاحتفالات بصورة كبيرة، مثل أغنية «قاسي قلبك عليَّ ليه» لوردي وأغنية «مسامحك يا حبيبي» للراحل عثمان حسين.. وقال الناشط في حقوق الإنسان عبد المنعم الجاك لـ«الشرق الأوسط»: إن الفن يجمع بين مختلف الشعوب فما بالك بين شعبين كانا حتى قبل ثلاثة أيام في دولة واحدة؟ وأضاف أن وجدان الشعوب من الصعب فصله على الرغم من الانفصال الجغرافي، وتابع: «الوجدان الشعبي بين الشماليين والجنوبيين أكبر من القضية السياسية والناس هنا يحبون الفن بشكل كبير».