شبان ليبيون يفرون من مدن عدة وينضمون إلى المعارضة

قطعوا الصحراء والحدود مع تونس وعادوا ليقاتلوا في صفوف الثورة

مقاتلان ليبيان في صفوف المعارضة يتقدمان لاتخاذ موقع قتالي لهما على أطراف مدينة الزنتان القريبة من مصراتة على الجبهة الغربية (رويترز)
TT

فتح سقوط قرية غواليش الأربعاء الماضي الطريق أمام عدد كبير من الشبان الليبيين للالتحاق بقوات السيطرة التي تواصل عملياتها ضد قوات العقيد الليبي معمر القذافي في المناطق المحيطة.

وقد انضم عشرات من هؤلاء الشبان الذين تركوا بلداتهم وقراهم، وفروا باتجاه المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة الليبية التي باتت على خط الجبهة في جبل نفوسة. ويشكل هذا التطور رافدا لقوات الثورة في المنطقة على المستوى المعنوي، برفع حماسة المقاتلين في صفوف الثورة، وتوفير الكثير من المعلومات التي يمكن أن يقدمها هؤلاء الشبان الأكثر دراية بالمناطق التي أتوا منها.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الشبان من المناطق المحيطة بطرابلس والزاوية وغريان ساروا مسافات طويلة من أجل تقديم معلومات ودعم معنوي للمقاتلين ضد كتائب القذافي في الجبال الغربية. وأغلب هؤلاء، هم من المتطوعين الجدد، ممن لم يحملوا السلاح من قبل، أو يتلقون تدريبا عليه، لكنهم يقولون إنهم ذاقوا طعم الحرية والرغبة في القتال، وهذا يكفي بالنسبة لهم للانتقال إلى صفوف المعارضة.

وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن الشاب، شنبر، الذي يدرس علوم الحاسب الآلي في طرابلس، والبالغ من العمر 27 عاما، قوله إنه خاض مخاطر الصحراء يوما كاملا للوصول إلى مرفأ أمكنه من أن يستقل مركبا لدخول تونس، من دون أوراق ثبوتية، ثم العودة من الوراء إلى خط الجبهة جنوب غربي العاصمة الليبية.

ويقول شنبر: «كان لا بد من ترك البلد بشكل غير قانوني لتفادي إلقاء القوات الموالية (للقذافي) القبض علي. ثمة قنوات لمساعدة الشباب من البلدات التي يسيطر عليها القذافي للانضمام إلى المقاتلين» ضد حكمه. وما أن وصل شنبر إلى الزنتان، التي تعد بؤرة تجمع مقاتلي المعارضة المسلحة في غرب ليبيا، حتى تلقى تدريبا عسكريا لعشرة أيام، قبل أن تبعث به قوات المعارضة إلى غواليش حيث لا يزال القتال يدور هناك.

ويقول: «أعطوني بندقية لم يسبق أن استخدمتها من قبل. أنا لا أجيد التصويب بل أنا مهندس. كنت خائفا ولكنني حر. ولا عودة أبدا إلى الوراء».

ويكتفي شنبر، الوافد من مسافة 50 كيلومترا من الجبهة، بالإشارة إلى نفسه باسمه الأول خوفا من انتقام السلطات الليبية من أسرته، شأنه في ذلك شأن آخرين جاءوا للانضمام إلى مقاتلي المعارضة فرادى أو ضمن مجموعات.

ويوجد الكثير من المتطوعين الجدد من جبل نفوسة، حيث لديهم عائلات وأصدقاء، وهم يقابلون بالترحاب رغم افتقارهم إلى الخبرة العسكرية.

ويقول وائل براشن (21 عاما)، وهو مهندس تحول إلى قائد متمرد: «إنهم يفتقرون إلى الحس العسكري لكنهم يدعموننا معنويا، إذ يزيدوننا عددا ومعرفة بالقرى والمناطق التي نخطط لمهاجمتها، وبذلك يقدمون لنا العون».

وفور وصول المتطوعين إلى الجبال يتم إخضاعهم لتحقيقات للتأكد من أنهم لا يتجسسون لحساب قوات القذافي، ويقول أحد القادة دون الكشف عن اسمه «لدينا وسائلنا فنحن نعرف القبائل والعشائر».

وبعد الاطمئنان إليهم، يتم استقاء المعلومات منهم، عن طرق ومنازل وقواعد عسكرية يعرفونها، حيث يتم التحقق من المعلومات ومطابقتها بالخرائط والمعلومات الاستراتيجية المتوافرة قبل ذلك، حسبما يقول براشن.

ويضيف أنهم «يعرفون أين تتواجد قوات القذافي ومن ثم يرشدوننا إلى أين نتوجه».

وقد وصل إلى غريان أخيرا، 120 من المتطوعين الجدد، من بين هؤلاء، الشاب أحمد (25 عاما)، وهو عامل بناء اعتقل في مطلع الاحتجاجات المناوئة للقذافي في فبراير (شباط) الماضي، ولم يفرج عنه إلا أخيرا. ويقول: «من اليوم الأول أردت الانضمام إلى الثورة، لم أعتقد أنني سأخرج من السجن حيا، لقد ضربونا وعذبونا».

وما أن أطلق سراحه حتى غادر فورا من دون حتى أن ينبس بكلمة لوالدته «رجتني ألا أنضم إلى المقاتلين ولو قلت لها لبكت».

وينشط المتطوعون الجدد والذين تعهد إليهم عادة مهام استطلاعية، على الجبهة منذ الأحد الماضي في أول يوم حقيقي من التدريب القتالي بالنسبة لهم إذ يطلقون الرصاص في الهواء.

لكن هذا الاستعراض سرعان ما يتوقف مع انطلاق أول وابل من صواريخ غراد من مواقع الموالين للقذافي بهدف إعادة السيطرة على غواليش. ويقول أحمد وقد تصبب عرقا، قبل أن يهرع بعيدا عن وابل النيران «إنها المرة الأولى التي سأطلق فيها (النار من) سلاح، لكنني بطل، أقاتل من أجل ليبيا حرة».