وزير الداخلية العراقي السابق: سوء إدارة الأمن واختيار قياداته سبب الخروقات

البولاني لـ «الشرق الأوسط»: العراق لن يسمح بخلق ديكتاتوريات جديدة

جواد البولاني
TT

عزا جواد البولاني، وزير الداخلية السابق وعضو مجلس النواب (البرلمان) العراقي، تدهور الأوضاع الأمنية في العراق إلى سببين مهمين؛ هما «الإرباك الحاصل في إدارة الملف الأمني، وعدم اختيار القيادات الأمنية المهنية المؤهلة لتحمل مسؤوليات هذا الملف المهم»، منبها إلى أن «التجاوزات والخروقات الأمنية لن تنتهي في العراق في ظل الظروف التي يعيشها البلد في ظل الإرباكين السياسي والإداري».

وقال البولاني في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، إن «الاستقرار الأمني يحتاج بالدرجة الأولى إلى الاستقرار السياسي، وما لم تتفق القوى السياسية على برامج وطنية قادرة على سد الفجوات الأمنية، فإن هذه المشكلة لن تنتهي بسهولة»، مشيرا إلى أن «عناصر التهديد الأمني متعددة؛ منها الإرهابيون من تنظيم القاعدة، والميليشيات التابعة لبعض الأحزاب، وعصابات الجريمة المنظمة، والتدخلات الخارجية. وفي اعتقادي أن الاتفاقات السياسية قادرة على مواجهة هذه التحديات، خاصة حل الميليشيات المسلحة بشكل نهائي، وأن يخضع الملف الأمني لمسؤوليات حكومية وبصيغة مؤسساتية وأيضا برلمانية».

وحول الاتفاق الذي تم مؤخرا بين ائتلافي «العراقية» بزعامة الدكتور إياد علاوي الرئيس الأسبق للحكومة العراقية وكتلة «وحدة العراق» التي ينتمي إليها البولاني، قال وزير الداخلية السابق إن «هذا الاتفاق يأتي في ظروف يشهد فيها العراق ووحدته تهديدات حقيقية نتيجة سياسات الفعل ورد الفعل والخطاب السياسي المتشنج الذي لا يخدم العملية السياسية ولا شعبنا العراقي، وهذا يتطلب تطبيق الدستور بقوة وبناء مؤسسات الدولة وتحديد مهام رئاسة مجلس الوزراء وصلاحياته وفقا للدستور والقوانين، ذلك أننا نشعر بأن الدستور الذي نعتبره أسمى وثيقة لتنظيم عمل الدولة، صار وراء ظهور السياسيين»، منبها إلى أن «العراق مقبل على استحقاقات أمنية صعبة، خاصة في ما يتعلق بانسحاب القوات الأميركية من البلد، وهذا يتطلب من القوى السياسية أن تكون على توافق لتشخيص المصالح الوطنية والوقوف في وجه التهديدات الخارجية».

ودعا البولاني إلى «بناء تيار فكري سياسي يساهم بعملية الإصلاحات وإنقاذ العراق بدلا من الاعتماد على الحزبية والطائفية الضيقة التي تحاول ابتلاع المؤسسات والسلطات بشكل مباشر وغير مباشر، وهذا يتطلب مسؤوليات كل الكتل السياسية لإبراز المبدعين والمفكرين والاهتمام بهم لبناء نخب سياسية مستقلة وبعيدة عن التحزب لنقل التنافس الحزبي إلى خانة التنافس على البرامج المطروحة»، مشيرا إلى أن «هناك تحديا آخر، ألا وهو الترشيق الحكومي، ونحن لا نريده أن يقوم على أساس تقليص عدد الوزارات فحسب؛ بل أن تكون هناك معايير مؤسساتية لاختصار الوزارات أو دمج بعضها، وأن تتاح الفرص أمام الكفاءات والخبرات الأكاديمية والعملية النزيهة لأخذ فرصتها في الحكومة المرشقة لتساهم بعملية الإصلاح، وأن يعرف المواطن صلاحيات الحكومة الاتحادية وصلاحيات الحكومات المحلية، على أن تكون هذه الحكومة حافظة للشراكة».

وشدد البولاني على أهمية أن «تمثل الائتلافات السياسية تنوع الطيف العراقي بحيث تجمع بين أكبر عدد من مكونات شعبنا، لا أن تقوم على أساس طائفي أو مناطقي والابتعاد عن المحاصصات»، مشيرا إلى «حاجة العراقيين اليوم إلى السلم والسلام والعدالة والتنمية، فالعراقيون ينتظرون من السياسيين قرارات حاسمة، وقد نفد صبرهم ويريدون تحقيق ملفات الإصلاح وتحسين الخدمات وتوفير الأمن».

وأعرب البولاني عن تفاؤله بلقاء قادة الكتل السياسية الذي تم أول من أمس في القصر الرئاسي برعاية ودعم الرئيس جلال طالباني، وقال: «أنا متفائل من نتائج هذا اللقاء، خاصة أنه يعد خطوة لكسر الجمود السياسي، ونتمنى أن لا تكون حوارات القادة السياسيين عمومية؛ بل أن تشخص المشكلات وتعمل على حلها بسرعة»، مشيدا بمبادرة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان «التي تعد الأساس لتشكيل الحكومة والتي جنبت العراق والعراقيين الكثير من المشكلات والأزمات، وأدعو القوى السياسية بقوة إلى الالتزام بتطبيقها. وجاءت مبادرة الرئيس طالباني لجمع القيادات السياسية وكل القيادات السياسية مطالبة اليوم بإنجاح هذه المبادرة خدمة للعراق والعراقيين». وأشار البولاني إلى أن «هناك تفاعلا من قبل قيادات ائتلافي (العراقية) و(وحدة العراق) مع اللقاءات السياسية التي تمت مؤخرا وسعيا جديا لإنجاحها وتطوير البرنامج السياسي والإصلاحي».

وحول تصريحات بعض القيادات السياسية من أن هذه الحكومة لا تمثل الشراكة الوطنية مما يتيح لرئيسها نوري المالكي الانفراد بالسلطة، قال البولاني أن «زمن صناعة واستنساخ الديكتاتوريات في العراق ولى إلى الا بد ولن يستطيع أي احد تحويل اية شخصية إلى اسطورية والخطوات السياسية في العراق مانعة للتفرد بالسلطة حيث وجود أحزاب سياسية والبلد منفتح على التنوع الفكري، والاهم من هذا هو وعي شعبنا العراقي الذي يقف بقوة ضد اية محاولة ظهور بوادر خلق ديكتاتورية جديدة في البلد».