أوباما يعلن مقترحاته لخفض عجز الميزانية وتأجيل فرض الضرائب على الأغنياء

وزير الخزانة حذر من كارثة على الاقتصاد والأسواق العالمية

الرئيس الأميركي باراك أوباما في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، في أعقاب اجتماعه بقادة الكونغرس الأميركي
TT

اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع ثمانية من زعماء الكونغرس الأميركي في البيت الأبيض مجددا صباح أمس، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لصياغة خطة تخفيض العجز العام الأميركي بهدف رفع سقف الدين الأميركي.

وعقد أوباما مؤتمرا صحفيا - هو الخامس حول قضية عجز الموازنة والدين خلال هذا الأسبوع - ليعلن استعداد قادة الكونغرس لرفع سقف الدين العام، وقال أوباما «الأخبار الجيدة أننا مستمرون في المحادثات وسنتقابل كل يوم حتى نصل إلى اتفاق، وكل القادة مؤمنون بأنه من غير المقبول ألا نرفع سقف الدين. ما زال لدينا عمل كبير لحل هذه المشكلة، والجميع متفق على أننا يجب أن نستغل الفرصة لنقوم بعمل ذي معنى حول الدين والعجز، والتوصل لصفقة كبيرة لمواجهة التحديات، صفقة متوازنة يبذل فيها كل طرف من الجانبين بعض التوافق، ويكون فيها حماية لمصالح برامج الرعاية الصحية ليس للجيل الحالي من كبار السن، وإنما أيضا للأجيال المقبلة».

وقال أوباما في المؤتمر الصحافي الذي استمر قرابة الساعة «اتفقنا على أن يتم خفض النفقات وهذا يتضمن خفضا في ميزانية وزارة الدفاع وبعض البرامج التي أحبها، لكننا لا نملك تمويلها في الوقت الحالي». وأعلن أوباما أنه لن يقبل بخطة مؤقتة لحل مشكلة الدين وعجز الموازنة وأنه لن يجازف بوضع الولايات المتحدة وثقة المستثمرين بقيامها بالوفاء بالتزاماتها، في خطر.

وقال أوباما «أنا لن أوقع على اتفاق مؤقت لمدة ثلاثين أو ستين أو تسعين يوما، لحل هذا المشكلة، علينا أن نستمر في الحديث ويجب أن نتحكم في هذا العجز، ونصنع مستقبلا أفضل لأبنائنا، وأنا مستعد للعمل، وأتوقع أن يقوم الطرف الآخر بذلك». وتراجع الرئيس الأميركي بعض الشيء عن مقترحاته لفرض ضرائب على الشركات والأغنياء، وقال «لا أحد يتكلم عن زيادة الضرائب الآن أو العام القادم، نحن نتحدث عن زيادة الضرائب في عام 2013 على الشركات النفطية التي تحقق عائدات تبلغ مليارات الدولارات، والأثرياء الذين يمكنهم دفع المزيد من الأموال. وإذا رفض الجمهوريون فإنني أعرض العمل على إصلاح النظام الضرائبي». واقترح أوباما إنشاء بنك لمشاريع البنية التحتية، حيث تقوم الحكومة بتمويل مشاريع لبناء الكباري والطرق والمدارس وخلق وظائف عمل جديدة.

وألقى أوباما باللوم على الجمهوريين، موضحا أنه مستعد للعمل بجدية للتوصل إلى اتفاق لحل المشكلة لمدة عشر سنوات أو خمسة عشر عاما، وأنه ينتظر الشيء نفسه من قادة الكونغرس وأعضاء الحزب الجمهوري، وقال أوباما «سأستمر في دفع القادة للتوصل إلى اتفاق، وإذا تمسك كل طرف بمواقفه الآيديولوجية بنسبة 100 في المائة فلن نصل إلى اتفاق، وما قلته للقادة هو أحضروا أفكاركم وأنا سعيد بالنظر في كل البدائل والحلول، ويجب أن نحل هذه المشكلة في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة غدا أو بعد غد أو الأسبوع القادم. علينا أن نصل لحل لقضية العجز والدين لعشر سنوات أو خمسة عشر عاما وأن نضمن ثقة المستثمرين الأجانب بأن أميركا مستمرة في الوفاء بالتزاماتها». وأثنى أوباما على الجهد الذي يقوم به رئيس مجلس النواب جون بونير أكثر من مرة، وشجع محاولات رئيس مجلس النواب لإقناع فريقه بالتوصل إلى تسوية شاملة واتفاق يواجه التحديات التي يواجهها الاقتصاد، وقال «لا بد أن يكون ذلك هو الهدف وليس المشاركة في لعبة سياسية للفوز بأصوات انتخابية».

وأضاف أوباما «خبرتي مع بونير أنه رجل جيد ولا بد من أن يدرك الجمهوريون أن الديمقراطية تعمل عندما نستمع لبعضنا، وأن تتوافر لديهم النية لحل مشاكل كبيرة، وهذا سيتطلب جهدا كبيرا». وحذر أوباما من قلق الديمقراطيين من المساس ببرامج الرعاية الصحية لكبار السن، وقال «لن نتمكن من دعم برامج الرعاية الصحية أو تمويل برامج الأبحاث العلمية والتكنولوجية، وهذا موقف لن نقف مكتوفي الأيدي أمامه، لأن ما يجعلنا بلدا عظيما هو أننا نهتم بكبار السن، وعلينا التأكد أن كل شخص يشارك في الحلم الأميركي».

وأكد أوباما أن مجتمع رجال الأعمال يريدون التوصل لحل لهذه المشكلة، وأشار إلى موقف الملياردير وارن بافيت الذي يشجع زيادة الضرائب على الأغنياء، وقال «إن رجال الأعمال سيوافقون على اتفاق متوازن وسيوافقون على رفع بسيط للضرائب، وهناك عدد متزايد منهم يدرك أنه يجب أن نفعل الشيء الصحيح». وأكد أوباما أنه سيصل إلى اتفاق قبل الثاني من أغسطس (آب).

وأوضح الرئيس الأميركي أنه منشغل بالطبقة المتوسطة، مشيرا إلى أن هناك طريقين لحل مشكلة معدلات البطالة المرتفعة، وقال «الطريق الأول هو دفع الاقتصاد لينمو بشكل كلي، وأن نأخذ خطوات للتأكد أن هناك أموال في جيوب الناس وأنهم يقومون بالإنفاق. والطريق الثاني هو إعطاء حوافز للشركات الصغيرة لتقوم بالاستثمار، وأن ندعم برامج التدريب للوظائف المطلوبة في السوق». وأضاف أوباما «نحن في موقف الاقتصاد فيه ينمو ببطء ولا بد من أن نتصرف الآن».

وكان أوباما قد التقى قادة الكونغرس والمشرعين صباح الخميس وخاض محادثات شاقة للتوصل إلى اتفاق حول سقف الميزانية والدين العام وخطة لتخفيض الديون التي تبلغ 4.3 تريليون دولار. ولم يتوصل الاجتماع إلى نتيجة ملموسة، واتفق الطرفان على الاستمرار في التباحث في اجتماع آخر يوم الأحد. وقد شهد اجتماع الأحد جولة أخرى من المحادثات التي لم تسفر عن اتفاق.

وتواجه الحكومة الفيدرالية الأميركية شبح الإفلاس والتخلف عن سداد الدين إذا استمرت الخلافات دون أن يتم التوصل إلى خطة لتقليص النفقات أو رفع سقف الدين قبل الثاني من أغسطس القادم.

وقد حذر وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر من مخاطر عدم التوصل إلى اتفاق ووصف النتائج بأنها ستكون «كارثية» على الاقتصاد الأميركي وعلى الاقتصاد العالمي. وقال غيثنر: «كلما تأخرنا في التوصل إلى اتفاق ارتفعت المخاطر على الأسواق المالية، وهناك قلق من أن الولايات المتحدة لا تستطيع التوصل لاتفاق للوصول إلى حل للمشكلة، وسنرى نتائج ذلك في ارتفاع أسعار الفائدة وفقدان الثقة». وأضاف غثينر «إننا نفقد القدرة على الاقتراض لتلبية التزاماتنا، في الوقت الحالي نحن نفترض 40 سنتا مقابل كل دولار ننفقه، وإذا لم يتحرك الكونغرس قبل الثاني من أغسطس، فإنه سيتعين علينا تمويل ما يقرب من 100 مليار دولار كل أسبوع لتلبية الالتزامات الحكومية».