إعلان المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013

أميرها يؤكد أن الاختيار يتناسب وعظمة المكان الذي يمثل وحدة المسلمين

اختارت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013
TT

أعلن الأمير عبد العزيز بن ماجد، أمير منطقة المدينة المنورة، أول من أمس، عن اختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2013م، بحضور وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجه، وأمين عام دارة الملك عبد العزيز، الدكتور فهد السماري، ومديري المؤسسات التعليمية والأدبية في المدينة، ونخبة المثقفين في المنطقة.

واعتبر اختيار مكة المكرمة عام 2003، والمدينة المنورة عام 2013، عاصمتين للثقافة الإسلامية شرفا عظيما للمملكة العربية السعودية، كونهما تحظيان بخصوصية فريدة، ففيهما الحرمان الشريفان، ومنهما شع نور الإسلام، وإليهما يتجه المسلمون في رحالهم.

وقال أمير منطقة المدينة: «يأتي هذا ضمن اهتمام وحرص ولاة أمر هذه البلاد المباركة على خدمة الأمة الإسلامية وقضاياها؛ حيث اختيرت مكة المكرمة عام 2003م كأول مدينة إسلامية تكون عاصمة للثقافة الإسلامية، وها هي المدينة المنورة تحظى بهذا الاختيار بما يتناسب مع مكانتها العظيمة».

وأضاف أن اختيار المدينة جاء «وفقا للمعايير التي تم اختيارها في المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة، الذي عقد في الدوحة سنة 2001، بشأن مشروع برامج عواصم الثقافة الإسلامية، الذي تقدمت به المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، فجاء اختيار المدينة المنورة ليجسد ما تتمتع به هذه المدينة المباركة من خصائص تاريخية وثقافية واجتماعية واقتصادية أهلتها لتكون عاصمة للثقافة ورمزا لوحدة المسلمين وارتباطها بعقيدتها السمحة».

وبين الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أن جميع مدن العالم تحشد جهودها لتشكيل هويتها الخاصة، لافتا الانتباه إلى أن مكة المكرمة والمدينة المنورة ليستا بحاجة لهذا الحشد لصبغتهما بنور التوحيد والإيمان، فلا ينافسهما في ذلك أي مدينة، وكم هو جميل أن يلتقي المسلمون في هذا المكان الطاهر لترسيخ مفهوم الوحدة الثقافية الإسلامية، وتكريس قيم التسامح والوسطية، ونبذ كل أشكال التطرف والإرهاب.

وثمن أمير منطقة المدينة المنورة جهود المملكة في خدمة الأمة الإسلامية التي لا تخفى على أحد، وستظل تحمل همّ الفكر الإسلامي الصحيح لمحاربة كل قوى التطرف والضلال أينما كانت، على أسس متينة وواضحة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وقال إن المدينة المنورة ستبقى بإرثها التاريخي ملتقى لكل الفعاليات التي تهتم بشؤون الأمة الإسلامية، مضيفا: «هذا بلا شك يحملنا مسؤولية عظيمة لا بد أن نعي أبعادها وندرك أهميتها، وإني على يقين تام بأن أهالي طيبة الطيبة أهل لهذه التطلعات، لأن تجربتهم في هذا المجال ليست وليدة اليوم إنما بدأت ملامحها من أول يوم استقبلت فيه أرضهم المباركة حامل لواء الرسالة، محمدا صلى الله عليه وسلم، وأثبت الأنصار، رضي الله عنهم، مقدرتهم على الوفاء، فمدحهم المولى، عز وجل، ووصفهم بما يليق بهم، كقوله جل وعلا: «يحبون من هاجر إليهم»، ونالوا بذلك شرف المكان والزمان، وظل ذكرهم وسيظل إلى قيام الساعة، وسيكون اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية حافزا لهم لتقديم المزيد من العطاء والشعور بالمسؤولية.

وتابع الأمير عبد العزيز بن ماجد: «إن هذه المناسبة تعني الكثير للمملكة، بحكم دورها الريادي، وكونها في المدينة المنورة سيترتب عليها مسؤولية أكبر؛ بأن تكون متناسبة مع عظم المكان وأهميته».

وأوضح أن التحضيرات الأولية بدأت بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام منذ صدور الأمر الملكي، حيث تم وضع التصورات العامة بهذه المناسبة، كما سيتم تشكيل اللجان التنفيذية للفعاليات، وطرح مسابقة لتصميم الشعار الخاص، والعمل على وضع البرامج التي تكفل مشاركة الجميع في الفعاليات لكي يكون العلم جماعيا، والكل يسهم فيه.

وأشار إلى أن ما تقوم به الإمارة هو الإشراف العام، من خلال اللجان التنظيمية التي ستتولى تنفيذ البرامج الخاصة بهذه المناسبة، في ضوء المحاور الرئيسية المحددة لذلك، وهي المحور الثقافي والمحور الإعلامي والاجتماعي والتربوي والتراثي والتاريخي والفني والرياضي.

وفي رده على سؤال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بهذه المناسبة، حول وجود مشروع تتولاه جهة أكاديمية تهيئ الأماكن الأثرية بمعلومات إرشادية عنها؛ لتقدم كباقة تراثية بحلول عام 2013م، قال الأمير عبد العزيز بن ماجد: «إن هناك دراسة لإنشاء أكاديمية لتخريج أدلاء يعرفون الشرع والتاريخ، حتى يتمكنوا من تعريف الزائر بالموقع التراثي، ومنعه من البدع المحتمل ممارستها في تلك الأماكن»، مشيرا إلى أن مسألة ترك المهمة لسائقي التاكسي أمر غير مقبول، مشيرا إلى أنه سيتم الرفع بكل ما يختص بهذه الأماكن التراثية التاريخية الدينية لهيئة كبار العلماء، لدراستها وإجازتها.

وأشار إلى ترتيبات أولية بدأت مع وزارة الثقافة والإعلام، حيث تم وضع التصورات العامة لهذه المناسبة، كما سيتم تشكيل اللجان، وتصميم الشعار وعمل البرامج والتطلع لمشاركة الجميع، ليكون العمل جماعيا، وأن ما تقوم به إمارة المنطقة هو الإشراف العام على اللجان، التي تتولى تنفيذ هذه البرامج الخاصة، في ضوء سبعة محاور رئيسية لهذه المناسبة، وهي المحور الثقافي والمحور الإعلامي والمحور الاجتماعي، والمحور التربوي، والمحور التراثي والتاريخي، والمحور الفني، والمحور الرياضي.

وأوضح أن للمواطن دورا فاعلا في إنجاح هذه المناسبة، وسيشارك فيها أهل المدينة، وهناك مواقع حديثة سيتم التواصل عبرها مثل مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا النادي الأدبي في المدينة المنورة الذي سيكون له دور كبير في إنجاح هذه المناسبة.

وقال الأمير إن المشاركة ليست حكرا على أهل المدينة فقط، وليس على السعوديين، ولكن قد يتم الاستعانة بباحثين من العالم الإسلامي، كما ستقوم كل دولة إسلامية بإرسال مجموعة من الفعاليات لتشارك على مدار العام.

ومن جانبه، قال وزير الثقافة والإعلام عبد العزيز خوجه: «من طيبة الطيبة وشقيقتها مكة المكرمة استمدت الثقافة الإسلامية جوهر التعايش والتعارف والتسامح، كما نعرفه في مواقف وأحداث تاريخية متعددة، ومن عايش بالقراءة والبحث تاريخ الثقافة الإسلامية يدهش لتلك الوحدة الثقافية، التي تجمع مثقفي المسلمين في ثقافة واحدة، نراها ماثلة في الكتب التي تقرأ هنا وهناك، وكأن أولئك المثقفين في جامعة واحدة تتوزع فروعها على عواصم العالم الإسلامي كافة».

وأضاف خوجه: «كتاب (الموطأ)، الذي ألفه إمام دار الهجرة، مالك بن أنس، وتناقلته الركبان من بلد إلى بلد، وأسس لمعرفة عظيمة ومذهب فقهي كبير، وتناولت هذا الكتاب العظيم أيدي الشراح والمؤلفين، وإن من ينظر في التراث العلمي والفلسفي عند المسلمين يعجب لروح الإنصاف واحترام الثقافات الأخرى، إنهم لا يرون الثقافات الأخرى من منظور المركزية التي تهيمن على الثقافة الغربية في العصور الحديثة، ولكن الثقافة الإسلامية تنزل الحضارات السابقة لها والمعاصرة لها، منزلها من الاحترام، وتطلق عليها عبارات جميلة؛ فعلوم الأمم السابقة علوم الأوائل، واليونان أهل العقل، والهند أهل الحكمة».