أمسية في أصيلة تحتفي بغناء البحارة الكويتيين وفنهم المندثر

فرقة «معيوف المجلي» الكويتية قدمت سهرة حول موسيقى البحر

فرقة «معيوف المجلي» الشعبية في الكويت («الشرق الأوسط»)
TT

احتفت فرقة «معيوف المجلي للفنون الشعبية» بالكويت، خلال فعاليات الدورة الـ33 لمنتدى أصيلة الثقافي بالبحارة الكويتيين، من خلال تقديم صالح حمدان مؤسس الفرقة لفقرات تعريفية عن الفرقة تخللتها بعض الفقرات الموسيقية تتغنى بالبحر والبحارة.

وقال حمدان إن الظروف المناخية للجزيرة العربية جعلت أناسها يهربون للسواحل، وتمكن فنانوها من الإبداع في الشعر الغنائي العربي، وتميز الفنان في الخليج العربي بتأليف موسيقى تعكس ظروفه المعيشية، وكان «البحر» الموضوع الرئيسي والثابت للغناء لدى الكويتيين. وأصبحت مهن البحر لا تقتصر على السفر التجاري فقط، بل تتعداه إلى سفر فني يتغنى بالبحّار و«المجداف» و«رفع الشراع»، وأصبح البحّار فنانا يستخدم كلمات المناطق التي يزورها خلال رحلاته التجارية حسب الظروف التي تساعده على الغناء، ودائما ما تلازم سفر البحّار الطويل موسيقى وغناء مرتبط بالبحر.

ولاحظ حمدان أن الأغاني البحرية لجنوب الخليج تختلف لحنيا وشعريا مع أغاني «الشيلة» التي تعبر عن العامل البسيط، لتبيان التناغم بين عمل البحار والغناء، وأوضح أن نهاية الفقرة الشعرية عن الغناء البحري تأتي متوازية مع الحركة التي يقوم بها البحّار، كعملية «نزول المجداف» مثلا، تأخذ إيقاعا يتلاءم مع حركات البحارة لتنزيل المجداف، ولعملية «رفع الشراع» إيقاع آخر من الغناء يختلف كليا عن أسلوب «جر المجداف»، ويتطلب الزمن الشعري في كل حركة أن يكون الزمن الموسيقي متلائما معه، وهو النمط المميز في الغناء البحري.

وأوضح أنه ضمن الأغاني البحرية بالكويت يوجد ما هو مشابه لبعض الإيقاعات في دول عربية أخرى، وأشار في هذا الصدد إلى «التصفيقة المراكشية» التي تشبه تماما تصفيقة البحارة في الكويت عند عملية «شد الحبل» وهي ما يسمى عند البحارة بحركة «الدواري».

وقال حمدان «إن الفن البحري بالكويت (أغمي عليه)، لكنه أعطى للفنانين الكويتيين فرصة المشاركة بدول عربية أخرى، ومكنهم من تصوير البحر بصور جيدة»، مشيرا إلى أن الكثير من المغنين المصريين أعجبوا بفن الغناء البحري وقاموا بأدائه، من بين هؤلاء المطربين فايزة أحمد ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ بأغنيته الكويتية الشهيرة «يا هلي».

ويرى حمدان أن الأنماط الغنائية بالكويت يمكن حصرها في أربعة أنماط رئيسية، الأغاني البحرية، وهي أغاني البحر، سواء كانت أغاني تتم لأداء عمل معين يحدد نوعه الغناء والشعر والإيقاع، وأغاني العمل البحرية لها شعر خاص يتحدد نوعه بنوع العمل، «ففجر المجداف» مثلا يحتاج إلى نوع من الشعر يواكب معه زمن جر المجداف، سواء تنزيل المجداف في البحر أو جره.

أما الأعمال الأخرى فعادة تغنى بمصاحبتها أنواع «المولي»، أي نوع من الشعر تساعد تشطيراته على تسريع أداء العمل، كرفع الشراع أو جر المرساة، وهذا ما يسمى الغناء البحري عادة بـ«النهمة» والمغني بـ«النهام». وهناك الأغاني البدوية التي تتصل بالبادية وهي مرتبطة بالأعمال التي يقوم بها البدوي، وعادة ما تقدم أغاني سمر عند البدوي، ويمكن حصرها في أغاني السمر والسامري الذي يعد الفن السائد ببوادي الكويت، وأيضا أغاني «العرضة» التي تستعمل للاستعداد للحرب أو الحماس أو لتجميع القبيلة لإعلان ما يود الحاكم تبليغه، كما أن لـ«العرضة» شكلا بحريا تعزف بعودة السفن من رحلة الغوص على اللؤلؤ وهي تعبر عن الفرحة باللقاء.

وهناك الأغاني المدنية، وتشمل معظم أغاني المدينة وهي عادة أغاني السمر، وهي أشهر أغاني الصوت التي استطاع الكويتيون المحافظة عليها والمساهمة في انتشارها إلى المحيط الهندي، ثم أغاني المناسبات الدينية والاجتماعية تشتمل على مرددات تغنيها النساء والأطفال.

تجدر الإشارة إلى أن فرقة «معيوف المجلي» للفنون الشعبية أسست في أواخر عام 1961، وقد كان اهتمامها بالفن البحري هو الملمح الأساسي الذي اعتمدت عليه الفرقة، وواصلت مشوارها الفني، حيث لم يكن البحر بالنسبة إلى الكويتيين مجرد مصدر للرزق، بقدر ما كان هو الحاضر الأهم الذي طبع مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية.