مصر: هدوء حذر يسود ميادين الثورة.. ودعوات لجمعة «الإنذار الأخير»

الاعتصام متواصل.. والقوى السياسية تؤيد المطالب الشعبية وتؤكد ثقتها بالمجلس العسكري

زوار ميدان التحرير يتطلعون إلى صور ضحايا الثورة المصرية أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد خمسة أيام من اعتصامهم في ميدان التحرير بالعاصمة المصرية، وبعض الميادين الكبرى بالمحافظات، بدأت الأمور تتجه في مصر إلى الهدوء. وذلك بعد أن أعاد المعتصمون أمس فتح «مجمع التحرير»، وعادت حركة المرور إلى الميدان عقب إجراءات وبيانات متتالية لكل من الحكومة المصرية والمجلس العسكري (الحاكم)، تهدف إلى امتصاص الاحتقان.

ومن جهته أصدر التحالف الديمقراطي من أجل مصر، الذي يضم 28 حزبا، أبرزها الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والوفد، والتجمع، والناصري، والعمل، والأحرار، وحزب النور السلفي، والغد، بيانا أمس أكد فيه تأييد التحالف للمطالب الشعبية التي عبرت عنها مظاهرات 8 يوليو (تموز)، وثقته في المجلس العسكري الحاكم، مطالبين الأخير بتشكيل حكومة تلبي مطالب الثورة، وتخلو من بقايا النظام السابق.

وأعلن المعتصمون عزمهم مواصلة الاعتصام الذي بدأوه الجمعة الماضي، في إطار احتجاجات على بطء محاكمات رموز النظام السابق وطريقة إدارة المرحلة الانتقالية من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ودعا ائتلاف شباب الثورة الشعب المصري بجميع طوائفه إلى المشاركة في مظاهرة الجمعة المقبل تحت شعار «الإنذار الأخير»، في إشارة إلى مطالبة المجلس العسكري بضرورة تحقيق كل مطالب الثورة. وتشكو القوى السياسية وائتلافات وحركات شباب الثورة في مصر من أنهم لم يلمسوا أي تغيير حقيقي منذ الإطاحة بنظام مبارك خلال ثورة 25 يناير، بالإضافة إلى سخط القوى السياسية من المحاكمات العسكرية المتواصلة للمدنيين، التي يعد إلغاؤها من المطالب الرئيسية للمتظاهرين، إضافة إلى بعض الخلافات على الجدول الزمني لإجراء الانتخابات ووضع الدستور.

ويقول عمرو عز، عضو ائتلاف شباب الثورة: «كل ما تريده القوى الثورية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي نحترمه كثيرا هو سرعة محاكمة رموز النظام السابق والمتهمين بقتل المتظاهرين، وأن لا يكون هناك تباطؤ في تنفيذ مطالب الثوار، وعدم محاكمة أي مدني أمام المحاكم العسكرية».

وأضاف عز لـ«الشرق الأوسط»: «دعا الائتلاف، مع قوى وحركات أخرى، إلى مظاهرة حاشدة يوم الجمعة المقبل تحت مسمى (جمعة الإنذار الأخير) لحث المجلس العسكري على سرعة التجاوب مع المطالب الشرعية للثورة، والرغبة في كسر القيود المكبلة لحكومة شرف»، مؤكدا أن البيانات والإجراءات الأخيرة تعد مقبولة من المجلس العسكري، خصوصا ما يتعلق منها بإصدار وثيقة المبادئ الأساسية وإقالة نائب رئيس الوزراء، وأن هذه الإجراءات تعد بداية جيدة لتجاوب المجلس لمطالب الثوار.

من جانبه أعرب مؤمن محمد، عضو ائتلاف حركة شباب 6 أبريل، عن رضاه النسبي عن الإجراءات الأخيرة من قبل الحكومة والمجلس العسكري، إلا أنه انتقد بشدة عدم تطرق هذه البيانات كلها إلى موضوع محاكمة الرئيس السابق. وقال مؤمن: «نحن مع مظاهرة الجمعة المقبل للضغط على المجلس العسكري لإجراء محاكمات علنية وعاجلة لرموز النظام السابق، خصوصا الرئيس المصري السابق حسني مبارك.. لأن التأخير سيؤدي إلى مزيد من الابتعاد بين المجلس العسكري وشباب الثورة».

وفي السياق ذاته يواصل آلاف من المصريين اعتصامهم في عدة محافظات مصرية، تضامنا مع معتصمي التحرير وللتأكيد على مطالب الثورة، ففي محافظة الإسكندرية، وبينما واصل المئات اعتصامهم بحديقة سعد زغلول بالمدينة، أجرت النيابة العامة أمس تحقيقا مع 5 من البلطجية الذين أمسك بهم المعتصمون. وقال رامي نشأت، أحد شهود العيان، لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللجان الشعبية المكلفة بتأمين مداخل الحديقة قامت بضبط ستة أشخاص حاولوا إثارة الفوضى والبلبلة بين المعتصمين وإثارة المشاحنات، فضلا عن حيازتهم لأسلحة بيضاء لاستخدامها في طعن المعتصمين، وأنه تم تسليمهم لأحد أقسام الشرطة». وفي مدينة السويس تسود ميدان الأربعين حالة من الهدوء الشديد في اليوم التاسع لاعتصام أهالي السويس المطالبين بمحاكمة الضباط المتهمين بقتل الثوار. وقال محمود إبراهيم، المنسق العام لتكتل شباب السويس: «سيستمر التكتل في المسيرات والمظاهرات السلمية في ميدان الأربعين وغيرها من الميادين لحين تنفيذ المطالب ومحاكمة قتلة الثوار».

جاء ذلك عقب ووقوع اشتباكات مساء أول من أمس في ميدان الأربعين بالسويس بين مجموعة من أصحاب المتاجر والباعة الجائلين، إلا أن بعض الشباب المعتصمين بميدان الأربعين أبعدوا المتشاجرين للتأكيد على سلمية اعتصامهم.

من ناحية أخرى، فض مساء أول من أمس المتظاهرون اعتصامهم أمام مكتب إرشاد السفن، عند المدخل الجنوبي لقناة السويس. وأكد مصدر مسؤول بهيئة قناة السويس أن الاحتجاجات والاعتصام أمام المدخل الجنوبي للقناة لم يؤثر على حركة مرور السفن في الاتجاهين، وأنه لم تكن هناك أي أحداث تهدد حركة الملاحة. وفي محافظة أسوان، أقصى جنوب مصر، دخل العشرات من أبناء المحافظة من مختلف التيارات السياسية في اعتصام مفتوح داخل الخيام المقامة بميدان الشهداء بمدينة أسوان، بينما أعلن عدد من المعتصمين إضافة مطلب آخر للمطالب الأساسية للثورة، وهو المطالبة بإقالة محافظ أسوان الحالي مصطفى السيد. وفى محافظة الأقصر لا يزال الاعتصام قائما بميدان أبو الحجاج الأقصري حتى تتم الاستجابة لمطالب الثورة، وقال نصر القوصي، منسق ائتلاف ثورة 25 يناير بالأقصر: «هناك عدد من المعتصمين دخلوا منذ أمس في إضراب عن الطعام اعتراضا على تأخر تلبية مطالب الثورة».

وفى محافظة قنا نظم العشرات مساء أمس مظاهرة تضامنية جابت شوارع المدينة للمطالبة بالقصاص الفوري والعادل من قتلة الشهداء، كما طالبوا المواطنين بمشاركتهم الاعتصام والإضراب عن العمل حتى تستجيب الحكومة لمطالب الثوار في ميدان التحرير. وأكد مصطفى الجالس، عضو ائتلاف الثورة بقنا، أنه «في حالة عدم الاستجابة لمطالب الثوار فسوف يتم اتخاذ إجراءات تصعيدية من قبل المتظاهرين، منها قطع الطريق وتعطيل عدد من المصالح الحكومية عن العمل، لأن الحكومة تصر على تجاهلنا وعدم الاهتمام بمطالبنا المشروعة»، بينما يتواصل اعتصام العشرات في الميادين الرئيسية لكل من محافظات سوهاج وأسيوط والمنيا تضامنا مع ثوار التحرير ومطالبين الحكومة بالتحرك السريع لتنفيذها.