السيف: الدولة لم تغفل تزايد أعداد الخريجين.. وخطة الهيكلة للجامعات الصحية جاهزة وتنفذ العام الجامعي المقبل

نائب وزير التعليم العالي قال إن الجامعات الناشئة ذات جودة.. وتخصصاتها مطلوبة بسوق العمل

د. أحمد السيف (تصوير: فواز المطيري)
TT

واجه مسؤول رفيع في وزارة التعليم العالي، وعبر حوارٍ خص به «الشرق الأوسط»، بحزم، الأحاديث التي ترى عدم جدوى وجودة الجامعات الناشئة في عدد من المناطق في السعودية.

ولم يغفل المسؤول أن الدولة تقوم بجهود كبيرة ممثلة في وزارات كثيرة منها، مع وجود لجان على مستوى رفيع برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لمجلس الوزراء، وزير الداخلية، لتفعيل القرارات الملكية، لتوظيف الشباب السعودي، وتعمل بشكل متواصل على معالجة تزايد أعداد الخريجين في الجامعات السعودية.

وفي أول ظهور إعلامي بعد تعيينه الرجل الثاني في وزارة التعليم العالي السعودية، اعتبر الدكتور أحمد السيف، القرار الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز الأسبوع ما قبل الماضي، القاضي بإعادة هيكلة الجامعات الصحية، بأن الهيكلة معتمدة وجاهزة للتنفيذ العام الجامعي المقبل، لافتا في ذات الوقت إلى أن الوزارة تعمل على تحقيق مبادرات لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله والمتمثلة في التوسع في الجامعات السعودية بكل أنواعها، هذا على المستوى الداخلي.

وحدد الدكتور السيف الشهرين المقبلين كمدة للانتهاء من التأمين للدراسة بالخارج ضمن برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي.

وواجه نائب وزير التعليم العالي الذي تولى إدارة جزء من ملفات وزارة التعليم العالي، بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في 20 مايو (أيار) المنصرم، وسبقها ملف جامعة حائل الوليدة لسنوات كثيرة، بحزم، الأحاديث حول عدم جدوى وجودة الجامعات الناشئة في عدد من المناطق في السعودية.

ودخل عراب جامعة حائل «شمال السعودية» سابقا، ومديرها الدكتور أحمد السيف، اعتبارا من 21 مايو في وزارة التعليم العالي، بعد صدور الأمر الملكي بإعفائه من منصبه مديرا للجامعة التي تبلغ من العمر 4 سنوات، وتعيينه نائبا لوزير التعليم العالي.. كل هذا وغيره من القضايا تطرق إليها الدكتور السيف خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، فإلى نص الحوار..

* ما جهودكم التي بذلتموها خلال الفترة الماضية منذ توليكم منصب نائب وزير التعليم العالي؟

- جهود الوزارة متواصلة في مسيرة التعليم العالي، ولا يمكن أن ترتبط بشخص بعينه، إلا أن الوزارة حققت مبادرات طموحة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي تمثلت في التوسع في الجامعات السعودية، سواء كانت الجامعات الحكومية التي وصلت أعدادها إلى أكثر من 24 جامعة في البلاد، أو التعليم والجامعات الأهلية والكليات التابعة لها التي وصلت أعدادها إلى 34 كلية وجامعة أهلية، والبرنامج الطموح لخادم الحرمين الشريفين والخاص بالابتعاث الخارجي، والمنح الداخلية التي أمر بها الملك عبد الله، والمتعلقة بالجامعات والكليات الأهلية، ودعم البحث العلمي بها، وتميزها ما بين نظيرتها الجامعات العالمية، واحتلال الجامعات مكانة مرموقة بين منظومة التعليم العالمي.

التوسع في التعليم العالي بصفة عامة، فأصبح الشاب - أو الشابة - يستطيع أن يحصل على مقعد جامعي في الدراسات العليا، مع بلوغ أعداد الملتحقين في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، سواء كانت على مرحلة البكالوريوس، أو الدراسات العليا، ووصوله إلى 125 ألف طالب وطالبة، ناهيك بالأسرة وذويهم، وهناك تنمية غير مسبوقة في التعليم العالي في عهد خادم الحرمين الشريفين، وهذه الفترة غير مسبوقة.

وهنا لا بد أن أتحدث عن وعي المواطن الذي يلمس ثمار هذه الفترة، فالدولة أصبحت في مصاف البلدان العالمية في تنمية الموارد البشرية، والتي تمثلت في تبوء السعودية المرتبة الأولى في أعداد المبتعثين بالنسبة إلى عدد السكان، وثالث دولة بالنسبة إلى أعداد المبتعثين على مستوى العالم، فتبوأت مكانة مرموقة، ووزارة التعليم العالي تشرفت بتنفيذ استراتيجية الابتعاث الخارجي، ونسمي ما تم خلال الفترة المنقضية بأنه «إرادة ملك» تحققت في مدة قصيرة، وخير دليل على ذلك افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في مدة قصيرة وفي مواصفات في البحث العلمي، وطاقة استيعابية لنخب من الطلبة المتميزين في البحث العلمي، وحينما تؤسس جامعة عملاقة متمثلة في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن لا تتجاوز السنتين، يعتبر إعجازا في التنمية.

* البعض يتساءل عن جدوى افتتاح عدد من الجامعات في مناطق السعودية، وأن تلك الجامعات سوف تخرج أعداد دونما، وعدم وجود جدوى كفاءة تعليمية ذات جودة عالية.. ما تعليقكم.؟

- هذا الكلام غير صحيح، الجامعات الناشئة جميعها عقدت اتفاقيات عالمية، وهي لم تبدأ السلّم من البداية، وأخذت الخبرة والجودة من جامعات سواء كانت عالمية أو محلية، والكثير من الجامعات الناشئة عقدت اتفاقية مع جامعات محلية، واستقطبت أعضاء هيئة التدريس من جامعات في السعودية، سواء كانوا عمداء أو عميدات كليات بها، مع وجود اتفاقيات دولية، مع استقطاب أعضاء هيئة تدريس مميزة، وما تم افتتاحه من كليات بتلك الجامعات الناشئة كانت تتطلبها سوق العمل، ومعظم هذه الجامعات لديها كليات طبية وصحية وكليات تمريض، وكليات علوم طبية، وكليات حاسب آلي، وهندسة، كل تلك التخصصات تتفق مع سوق العمل وتتوافق معه، والجودة موجودة تتمثل في عنصر التعاون المحلي والعالمي، إضافة إلى تركيزها على الجودة التعليمية من خلال عمادات الجودة والتطوير بتلك الجامعات، والدولة دعمت تلك الكليات والجامعات، وإضافة إلى حاجتها إليها. وعلى بعد آخر، أحدثت تلك الجامعات تنمية كبيرة عمرانية واقتصادية واجتماعية في تلك المناطق، واستطاعت أن تحقق تطلعات القيادة في تلك المناطق، ومن ذلك ساعدت تلك الجامعات في إيجاد هجرة معاكسة لهذه المناطق، وشاهدنا عملية التنمية بتلك المناطق متكاملة، والجامعات لم تؤثر في التنمية البشرية، بل أثرت على الجوانب الأخرى.

* مشروع آفاق والمتمثل في استراتيجية التعليم العالي في السعودية، ما أبرز ما تم في هذا المشروع؟

- المشروع أقره خادم الحرمين، وسمي هذا المشروع «الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي بالمملكة - آفاق»، وبُنيت منهجية هذا المشروع على أفضل أساليب التخطيط الاستراتيجي المتعارف عليه لتطوير خطة طموحة وقابلة للتنفيذ، وتتمثل مراحل المشروع الأساسية في تشخيص الوضع الراهن لمنظومة التعليم العالي والجامعي في البلاد، مع معرفة التحديات التي تواجهها، مع تقدير الفجوة بالمقارنة بالمؤشرات العالمية، مع تخطيط السيناريوهات لوضع الأهداف الاستراتيجية من خلال برامج تنفيذية عبر 8 مسارات تتمحور حول: القبول والاستيعاب، وهيئة التدريس والموظفين والطلبة، والبرامج والمناهج، والبحوث والابتكارات، والحوكمة، والتمويل، وتقنية المعلومات، والبنية التحتية. فأهم ملامح المشروع الرئيسية أنه قام على أبعاد استراتيجيات ثلاث، تقوم على مجتمع معرفي، وتمثلت في التوسع في مؤسسات التعليم العالي، مع التأكد من تحقيق الجودة بها.

ووكالة الوزارة للشؤون التعليمية تعمل على تنفيذ تلك الاتفاقيات، وذلك بتكوين فرق عمل تعمل على ورش، والذي تم من هذه الخطة استبق إقرار المشروع، المتمثل في افتتاح جامعات جديدة، مع عمليات التوسع بها، وتحقق بافتتاح كليات تتواكب مع سوق العمل.

وتزامنت تلك الخطة مع فترة برزت فيها متغيرات متسارعة في التعليم العالي، والتي تفاعلت معها وزارة التعليم العالي بالمثل، وذلك بالتوسع الكمي والنمو النوعي، وأثناء مسيرة إعداد الخطة عقد المشروع الكثير من اللقاءات وورش العمل الوطنية وندوة دولية بمشاركة محلية وعالمية من المتخصصين في التعليم العالي لمراجعة ما توصلت إليه الخطة في كل مرحلة والاسترشاد بمرئياتهم، وعقدت 62 ورشة عمل، و85 لقاء مجموعات التركيز، وبمشاركة 4650 مشاركا في ورش العمل الخاصة بالدراسات الفنية، ويوجد عدد 59 وثيقة باللغة العربية تعنى بالمشروع، في مقابل 25 وثيقة باللغة الإنجليزية.

وتناولت الخطة عملية الاستيعاب لمعظم الطلبة المؤهلين للتعليم العالي، مع تشجيع الطامحين من جميع الأعمار للتعلم مدى الحياة، مع التوسع باستراتيجية لتحديد الاحتياج والاستقطاب للهيئة التدريسية المتميزة من ذوي المؤهلات العالية.

ولم تغفل الخطة برامج الخطة لتدعيم عملية البحث والابتكار، لتعزيز الإنفاق عليه وضبط جودته، وزيادة إنتاجيته مما يرقى بمعرفة المجتمع التي تؤدي بالتالي إلى تطوير الصناعة وتحسين الإنتاج، مع الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة ومواكبة التوجهات العالمية في تطوير الوسائل السريعة للوصول إلى مصادر المعرفة.

* قرار تمديد برنامج الابتعاث الخارجي لخمس سنوات، الذي وافق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أوائل العام الحالي، اعتبارا من العام المالي المقبل، كيف ترونه؟

- الآثار الإيجابية لمشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي كبيرة، أولها تخريج قيادات شابة من حملة البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، مما ساهم في تنوع مصادر المعرفة، وتحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي، وتحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد قائم على المعرفة، والبرنامج جزء من منظومة متكاملة، الحقيقة رسمتها القيادة الكريمة، وتصب في تحويل المجتمع بأكمله إلى مجتمع معرفي.

* موضوع تزايد أعداد الخريجين في الجامعات السعودية، هل يقلقكم؟

- يجب أن لا نغفل أن الدولة تقوم بجهود كبيرة ممثلة في وزارات كثيرة، منها وزارة الخدمة المدينة، ووزارة العمل، وجميع الوزارات ذات الشأن، مع وجود لجان على مستوى رفيع برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لمجلس الوزراء وزير الداخلية، لتفعيل القرارات الملكية لتوظيف الشباب السعودي، ونحن نعمل بشكل متواصل، ولدينا لجنة لديها خطوط واضحة، مع تيقني واستبشاري بخير كبير لشباب هذا البلد، ويجب أن لا نثير التساؤل عن التوظيف بقدر إثارته عن التعليم وجودته.

* ماذا عن تزايد أعداد الخريجين الجامعيين؟

- الدولة ليست غافلة، بل واضعة برامج ولجان عليا، لتنفيذ كل الأوامر الملكية، ونحن على تواصل كل أسبوعين، وذلك لتقديم ما تم عمله بهذا الخصوص، ونخرج بتقارير واضحة، ترفع إلى النائب الثاني وزير الداخلية، حتى يتم معرفة خطوات اللجنة، مع تنفيذيتها الممنوحة لها، وليست تخطيطية، ولدى الدولة لجان عليا لتنفيذ تلك السياسات.

* هناك اشتراطات لمعدلات لعدد من الجامعات السعودية عند بدء القبول بها مما يسبب هجرة طلابها للدراسة في دول أخرى، ودراستهم في جامعات غير معترف بها، أين موقف الوزارة في هذا الخصوص؟

- في مرحلة البكالوريوس، دعني أصارحك، أستطيع أن أقول لك إنه يتم القبول بها بشكل مباشر، حتى مع وجود سنتين للطالب منذ تخرجه من الثانوية العامة، وسأقول لك إنه مع وجود الجامعات الحكومية، ووجود الجامعات الأهلية في السعودية، مع الدعم غير المحدود من الدولة، هناك مقعد مضمون، إلا أن موضوع الدراسات العليا تحكمه شؤون أكاديمية، وهناك اشتراطات للقبول بها واستكمال الدراسة.

وأريد أن أعرج على سؤالك في الدول المحيطة. نحن لدينا جامعات تنافس الجامعات في الدول المحيطة، ولا أقول كلامي هذا لأنني مسؤول، هذا ما أثبته خريجو الجامعات السعودية والذين يلتحقون بالدراسات العليا في الجامعات المرموقة في أميركا أو في أوروبا عند دراستهم بها، وأثبتوا جدارتهم العلمية بأبحاثهم العلمية، واختراعاتهم وابتكاراتهم، مع جديتهم بالعمل. وتستطيع أن تتحقق من هذا الكلام. وتوجد تصرفات فردية لا تعني الوزارة، فمثلا طالب يحمل درجة علمية بنسبة 60 في المائة، ويريد أن يدخل كلية الطب، هل يستطيع أن يسلك هذا المسار؟ بالطبع لا، وعليه فيخرج إلى دول محيطة، لا تستطيع الوزارة عمل أي مخرج له، وهو وضع مصيره بهذا الشكل. وعندما تضع نفسك في خندق كهذا فإنك أمام خيارين، إما أن لا تستطيع أن تكمل الدراسة إلى النهاية فيذهب عمرك سدى، وإما أن تخرج وتحمل تلك الشهادة دونما تأهيل جيد وكفاءة.

* البعض من الخبراء يعتبر تقيد هذه الجامعات من أن تحكم نفسها بنفسها من خلال مجلس أمناء لكل جامعة أمرا يعيق تطورها.. ما تعقيبكم؟

- لا يوجد ربط في الجامعات السعودية أو بيروقراطية، الجامعات لديها استقلالية كاملة، ومجلس الجامعة لديه الحرية في اتخاذ قراراته، منها مالية، ويرتبط مجلس الجامعة بوزارة التعليم العالي، الذي يرتبط بمجلس التعليم العالي مباشرة، ووزارة التعليم العالي تنظر إلى استقلالية الجامعات السعودية.

* قضية صرف مكافأة لطلاب وطالبات التعليم العالي، هل تتواءم مع الأزمات المالية العالمية؟

- لا يوجد تقلص في المكافآت، عند وجود ضمور اقتصادي في أي دولة تزيد القوة الشرائية لها، سعر الصرف أصبح موحدا في مجموعة دول معنية، وإقرار التأمين الصحي على جميع الطلاب المبتعثين سيكون بمثابة تطلعات الوزارة التي تؤكد على أن الطالب هو المهم، مع تقديم كل التسهيلات له، وخلال شهر إلى شهرين سيطبق على كل الطلبة المبتعثين، مع البدء به خلال العام الماضي في أميركا، مع تعميد كل الملحقيات، مع حرص الوزارة على اختيار شركات ذات جودة مميزة.

* في جانب موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس التعليم العالي، القاضي بإعادة هيكلة الكليات والمعاهد الصحية بالجامعات، ما حيثيات هذه الموافقة؟

- هذه الموافقة أتت كجزء من دعم القيادة للتعليم العالي في البلاد، وهذا سوف يرتقي بجودة التعليم في الكليات الصحية، تحت إشراف أكاديمي، وأن التطور محور هام من حيث ضم وإعادة تلك الكليات، وقد أعدت هيكلة كاملة لها وهي جاهزة للتنفيذ في الوقت الحالي، وبعض الجامعات شرعت مع صدور الموافقة على إعادة الهيكلة بتنفيذها، وموضوع الهيكلة، التي بدأ الشروع بها، يتلخص في تجسير الطلاب، مع تطوير المعامل المختبرية وتجهيزها، وتجهيز المباني لها، مع رسم مسارات جديدة لتخصصات جديدة، وبالنسبة للبنى التحتية فهي موجودة، والجامعات تقر ما تبقى لها مثل المجالات التي ذكرت.

* ما العمل الذي تقومون به في الوزارة؟

- الوزارة تعمل خلال الفترة المقبلة على مجموعة من المبادرات، مع التطوير للبرامج التي تعمل الوزارة عليها مثل الابتعاث الخارجي، أو الداخلي، أو في الجامعات السعودية، وكذلك إنشاء وتشييد المدن الجامعية، وجميع ما يحقق القيادة في تطوير القيادات الشابة، والوزارة مستعدة لتنفيذ مبادرات تطلب منها على أكمل وجه. والشاب مطالب بالحرص على هذه المكتسبات من خلال البرامج الطموحة مثل الابتعاث، والذي سيبدأ دفعته السابعة غرة شهر رمضان المقبل، مع التوفيق لهم.