«فهمان» أضحك اللبنانيين 50 عاما ثم سقط على المسرح

أدى أدوارا مع صباح وفيروز وشارك في 30 فيلما

TT

بقي الفنان محمود مبسوط الشهير باسم «فهمان» حتى اللحظة الأخيرة مصرا على البقاء على المسرح، حريصا على إطلالاته التلفزيونية المرحة والطريفة. رغم سنواته السبعين كان في جولة جنوبية لتقديم عمل مسرحي في بلدة كفرصير في النبطية مساء الأحد، حيث أصيب بنوبة قلبية حادة، نقل بعدها إلى مستشفى راغب حرب في تول/النبطية حيث وافته المنية فجر أمس الاثنين، بعد أن فشلت كل المحاولات الطبية لإنقاذه، ورحل تاركا وراءه إرثا تلفزيونيا، مسرحيا، سينمائيا وعددا من الأغنيات. والأهم من كل هذا أن فهمان الذي رحل عن عمر يناهز 70 عاما رغم أنه شكل وجدان جيل كامل بأدواره الفكاهية الكوميدية منذ مطلع الستينات وشارك في التمثيل مع صباح وكذلك فيروز في «سفر برلك» و«بياع الخواتم» ووقف إلى جانب العديد من كبار الشاشة اللبنانية مشاركا في التمثيل، فإنه بقي شخصية هامشية بالنسبة للمتفرجين الذين أحبوه كما هو بشخصية النصاب الذي يحاول الشر ولا يستطيعه، يدبر المقالب ويحيك الفخاخ.

منذ الستينات ظهر فهمان بشاربيه الطويلين المعقوفين وقامته القصيرة، في مسلسل «أبو سليم» الذي كان يبثه «تلفزيون لبنان» وبقي هذا المسلسل بفضل أبطاله الكوميديين الشعبيين، حيا لسنوات طويلة تحت أسماء مختلفة، منها «سيارة الجمعية» و«الأبواب السبعة». وعرفه الجمهور فهمان منذ ذلك الحين، كأحد أعضاء فرقة أبو سليم الطبل التي ضمت إضافة إلى هذا الأخير كلا من عبد الله حمصي «أسعد»، صلاح صبح «شكري شكر الله». وبقيت الفرقة حاضرة على الشاشة اللبنانية حتى بدء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 حيث أصبح التنقل للتصوير صعبا، فعملت الفرقة خارج لبنان حتى انتهاء الحرب. وعام 2000 تم تصوير عدد من حلقات مسلسل «أبو سليم» لصالح تلفزيون دبي. ورغم خفوت وهج هذه الفرقة وأحد نجومها فهمان، فإن هؤلاء الكوميديين الذين تعود أصولهم إلى مدينة طرابلس اللبنانية، واحتفظوا أثناء أداء أدوارهم بلهجة طرابلسية ثقيلة لإضحاك جمهورهم، عادوا ليظهروا كفرقة بعد أن غيب الموت بعضهم، بتقديم مسرحيات أو أعمال متفرقة، أو بشكل فردي. ومؤخرا كان فهمان مع الفرقة في جولة جنوبية لإحياء فعاليات معرض التراث البلدي والقروي في كفرصير حين وافته المنية، وكان فهمان يؤدي أغنيته المعروفة «أنا ومرتي وفهمية» حين داهمه الإرهاق وشعر بالتعب.

فهمان شخصية طريفة وظريفة أحبها الكبار والصغار، أدى أدوارا في نحو 30 فيلما وعشرات المسرحيات، وأسس فرقة «طقش فقش» الشعبية، وعرف بقدرته على ملامسة مشاعر الناس. وكان يعد قبل وفاته لمسلسل تلفزيوني، كما يتحدث عن إصراره على البقاء في العمل الفني حتى اللحظة الأخيرة. ونقل جثمان محمود مبسوط أو فهمان كما يفضل أن يسميه جمهوره إلى بيروت أمس ليوارى الثرى اليوم، بعد أن يصلى على جثمانه في جامع الإمام علي. وكانت إدارة مركز كامل يوسف جابر الثقافي، التي تنظم المهرجان القروي الذي توفي فهمان وهو يشارك فيه قد أعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام على رحيل الفنان القدير «الذي أغنى الفن اللبناني بطرائفه، وبرحيله يخسر الفن ركنا من أركانه وعامودا فنيا من أعمدة الفن اللبناني والعربي».

وقالت إدارة المركز: «أبى الفنان فهمان إلا أن يسقط على أرض الجنوب وهو الذي كان قد بدأ كل حفلاته منذ عشرة أيام بتوجيه التحية لأهل الجنوب وشهدائه ومقاوميه على صمودهم وتضحياتهم. وهو الذي أبى خلال زيارة بلدة أنصار إلا أن يحصل على حفنة من تراب معتقل أنصار لينقلها إلى العالم العربي والإسلامي، لكن القدر كان أسرع باختطافه من أحضان الأحبة الذين ثكلوا بهذا الموت المبكر».

هذا وتفتح نقابة الممثلين اللبنانيين أبوابها في بداية شهر أغسطس (آب) المقبل لتلقي التعازي في فقيد الفن الكوميدي الشعبي.