سجون أميركية تفرض رسوما على الملابس الداخلية لنزلائها

لتوفير مصادر مالية لإنقاذها

TT

يهتم مأمور سجن «بولك كاونتي» في ولاية فلوريدا بالشؤون المالية لسجنه، إلى درجة جعلته يعرف ما إذا كان نزلاء سجنه يرتدون ملابس داخلية أم لا. عن ذلك يقول جرادي جود: «لسنا هنا في فندق (هيلتون) ولسنا ضمن برنامج خيري». يرى جود أنه على من يريد ارتداء ملابس داخلية في سجنه مستقبلا أن يدفع رسوما لقاء هذه الملابس.

ويسعى جود لتحصيل ما يصل إلى 45 ألف دولار سنويا للسجن بهذه الطريقة، وعن ذلك قال جود في تصريح لقناة «فوكس نيوز»: «الأمر يتعلق بوظيفة، هذه الإجراءات ستنقذ هذه الوظيفة لصاحبها»، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. ولا يسير مأمور سجن «بولك كاونتي» وحده في هذا الطريق حيث يضطر زملاؤه في مدن أميركية أخرى إلى ابتكار طرق جديدة لتوفير مصادر مالية لإنقاذ السجون من الضيق المالي الذي تواجهه في الوقت الحالي.

ففي دائرة «بوتلر» بولاية أوهايو على سبيل المثال يضطر نزلاء السجن إلى دفع ثمن خطاياهم، بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث فرض مأمور السجن «رسوم استقبال» تبلغ 20 دولارا على السجناء المدانين.

وفي تصريح لصحيفة «سينسيناتي انكوير»، برر نائب مأمور السجن أنتوني دوير، هذه الإجراءات الجديدة بأن «كل مصدر دخل يستحق أن يستنفد»، وأشار إلى أن نفس هذه الإجراءات معتمدة بالفعل في دائرة «هاميلتون» وتدر على السجن نحو 200 ألف دولار سنويا.

واتخذت الدائرتان المذكورتان مبادرة شبيهة قبل عشر سنوات ولكنهما فرضتا رسوما شبيهة على النزلاء غير المدانين، وهو ما كان مخالفا للدستور حسب حكم المحكمة فيما بعد مما جعل الإدارتين تعيدان أكثر من 1.2 مليون يورو للسجناء وتقتصران في فرض هذه الرسوم على السجناء الذين صدرت بحقهم أحكام إدانة.

ومنذ عام 2008 يفرض مدير سجن دائرة «هاميلتون»، «رسوم استقبال» قدرها 40 دولارا على كل السجناء المدانين. وتدرس دائرة «وارين» المجاورة فرض نفس الرسوم.

وأراد السيناتور توم هارين في كاليفورنيا المعروفة بالاكتظاظ المزمن في سجونها اتخاذ خطوة إضافية لذلك، حيث أراد السماح قانونا لسلطات الولاية بتحصيل ما يصل إلى 25 دولارا يوميا من كل سجين مقابل حصوله على حريته، قائلا: «الناس في جميع أنحاء كاليفورنيا مضطرون إلى تدبير شؤون حياتهم.. فالمجرمون يحصلون على مسكن ورعاية صحية وثلاث وجبات كاملة يوميا، وباستطاعتهم شراء منتجات وأدوات تجميل مخفضة». غير أن مشروع هذا القانون لم يتجاوز اللجنة المعنية في مجلس الشيوخ عندما عرض عليها في أبريل (نيسان) الماضي.

وبلغ الاستياء مبلغه بمنظمة «إيه سي إل يو» الأميركية العام الماضي في ضوء خطط دائرة «ساميت» في ولاية أوهايو الرامية إلى دمج «رسوم الاستقبال» مع رسم يومي إجمالي، حيث رأى جيمس هارديمان، الخبير القانوني بالمنظمة، أن مثل هذه الخطط هي «أفكار بائدة لا تصلح إلا في روايات شارليز ديكنز»، وقال إن «مثل هذه الرسوم ليست فقط غير عادلة ووحشية بل مناقضة للجهود الرامية إلى حفظ الأمن».

وأضاف هارديمان: «إن من يستطيع استعادة حريته من خلال الاستدانة بعدة مئات من الدولارات لا يتمتع سوى بفرص ضئيلة للاندماج في المجتمع بنجاح مرة أخرى.. بالإضافة إلى أن الإجراءات الإدارية لتحصيل هذه الرسوم ستجعل هذا البرنامج غير مجد من الناحية المالية».

ولكن مؤيدي هذه الخطط لا يأبهون بهذه الانتقادات، حيث ابتكر السيناتور هيرمان فكرة مشابهة لبرنامج مأمور سجن دائرة «بريستول» في ولاية ماساشوسيتس الذي عاد على الولاية بنحو 700 ألف دولار في الفترة من عام 2002 إلى 2004. ولكن دعوى جماعية للسجناء نجحت في إثبات عدم قانونية هذه الرسوم.

وعندما فشلت مبادرة كاليفورنيا رأى مأمور سجن «بريستول» أن هذا الفشل دليل على تجاهل المواطنين الملتزمين بالقانون.

ولكن وعلى ما يبدو، فإن مبادرة زميله جرادي جود في فلوريدا الخاصة بتحصيل رسوم من السجناء مقابل حصولهم على ملابس داخلية، قد توجت بالمزيد من النجاح حتى الآن. وليس هناك الكثير من الخيارات المتعلقة بهذه الملابس في الوقت الحالي، فـ«باستطاعة السجناء الحصول على أي لون يريدونه لهذه الملابس ما دام أن هذا اللون أبيض!»، حسب ما قال مأمور السجن مازحا. وأضاف جود: «أما من يتخلى عن شراء هذه الملابس، فباستطاعته أن يجعل الريح تمر من إحدى فتحتي البنطلون لأعلى ثم تمر لأسفل عبر الفتحة الأخرى!».