السعودية تدعو لتحري رؤية هلال رمضان ليلة الأحد المقبل

بينما تتعالى أصوات بالتساؤل عن اختلاف تحديد غرة الشهر الكريم

TT

دعت المحكمة العليا إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك، مساء السبت المقبل، أي ليلة الأحد، الثلاثين من شهر شعبان لعام 1432هـ، التي توافق الـ30 من يوليو (تموز) وإبلاغ أقرب محكمة.

وفي كل عام من هذا التوقيت يتساءل الكثيرون عن سبب اختلاف الدول الإسلامية في تحديد بداية شهر رمضان أو انقضائه برؤية هلال عيد الفطر المبارك. وتعالت أصوات تبنّت مطالبات من مفكري العالم الإسلامي مع مطلع شهر رمضان من كل عام، مطالبين جميع الدول الإسلامية بالالتزام بالتوقيت الذي تعلنه السعودية، بسبب ارتباط هذا التوقيت، مطالبين بتحديد أول أيام الصيام وأول يوم عيد الفطر، إضافة إلى يوم الوقوف على صعيد عرفة.

وفسر المهندس ماجد أبو زهرة رئيس الجمعية الفلكية في جدة في حديث لـ«الشرق الأوسط» لماذا تختلف الدول في تحديد بداية شهر رمضان، وقال: «من المتعارف عليه أن القمر يدور حول الأرض في مدة 29 يوما، في بداية الشهر القمري، وعندما يكون القمر والأرض والشمس على استقامة واحدة، يسمى بالمحاق أو الاقتران، والمحاق هو أحد أطوار القمر الذي تكون فيه إضاءته ضئيلة للغاية أو تختفي»، مؤكدا أن «لحظة الاقتران عالمية وليس لها ارتباط بدولة عن الأخرى»، مرجعا اختلاف الدول في تحديد بداية الشهر، إلى «المعايير الفلكية التي تستخدمها الدول».

وأكد أن لكل دولة معيارا معينا، فهناك من يستخدم الحساب الفلكي، ومنهم من يتحرى القمر، بمعنى النظر إلى القمر وهل يغرب القمر قبل غروب الشمس أم بعد غروب الشمس، فإذا غرب القمر بعد غروب الشمس يكون اليوم التالي غرة الشهر الجديد، وهناك دول تحدد بداية الشهر بحالة الاقتران الفلكي ورؤية الهلال بالعين المجردة أم لا يُرى، وهذا المعيار تتبعه السعودية في تحديد غرة الشهر الجديد.

واعتبر أن نقطة الاختلاف بين الدول تأتي من هذه المعايير، والإشكال هو أن يُرى أو لا يُرى، أو يُستخدم الحساب الفلكي أو لا يُستخدم، أو يتم اللجوء إلى الاقتران، مثل ليبيا وهي الدولة الوحيدة التي تتبع هذا المعيار لتحري غرة الشهر الجديد، مبينا أن هناك بعض الدول تتبع السعودية في تحديد غرة الشهر، مثل الكويت والبحرين وقطر، أما في أوروبا فيستخدم المجلس الأوروبي الحساب الفلكي.

وقد أعلن أن غرة شهر رمضان ستكون يوم الاثنين غرة أغسطس (آب)، ومرجعيته في السعودية تعود إلى الحساب الفلكي، أي بمعنى تحري الهلال يوم 29 شعبان برؤية الهلال، فإذا لم يرَ يكون التالي المتمم لشعبان.

وكان اختيار السعودية لتحديد أول أيام الصيام والفطر واتباع الدول الإسلامية الباقية لها، نظرا لوجود المسجد الحرام على أراضيها والكعبة تحديدا، التي ذكرت دراسات كثيرة أنها مركز الكرة الأرضية.

واستنتج الدكتور محمد السعيدي أستاذ أصول الفقه في جامعة أم القرى لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود علاقة بين قضية وجود الكعبة وبين الأهلة، معللا ذلك برؤية الهلال لا الكعبة أو أي مكان آخر، مؤكدا أنه قد ثبت لدى الفلكيين اختلاف مطالع الأهلة من بلد إلى آخر، وعليه فلا إشكال شرعيا حين يختلفون في بداية الصوم والفطر، بناء على اختلاف مطالع أهلتهم، ورأى أن الاختلاف في أوقات الصلاة ووقت حلول الحول لتأدية الزكاة وجد منذ وجود الإسلام في عصوره الأولى ولم يضرهم ذلك شيئا.

السعيدي قال: «المحظور الشرعي يكمن في كون إعلان الصيام وإعلان الفطر لا على أساس رؤية الهلال، بل لاعتبارات سياسية، كما حدث لدى بعض الدول في بعض السنوات، فقد يختلف العلماء في الحساب الفلكي، وهذا لا يغني عن الرؤية أم لا».

وانتقد الدكتور محمد السعيدي مطالبة بعض من الناشطين الإسلاميين بحلول لهذا الاختلاف، واعتباره مؤثرا على وحدة الأمة، مرجعا ذلك إلى المبالغة في هذا الأمر، الذي يسّره الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون»، ويُعنى بهذا الحديث سعة العذر في الاختلاف بهذا الأمر.